في عام 2017 نجح متطوعون في اختيار الأسماء الصحيحة لأشخاص عُرضوا عليهم من خلال التمعن في شكلهم بنسبة تصل إلى 40%، وفي برمجية تم تصميمها للتعرف على الأسماء من خلال الشكل نجحت هذه البرمجية بالوصول إلى 64% من أسماء المشاركين من خلال أشكالهم، أي أن الحكمة التي يرددها الناس حول "لكل امرئ من اسمه نصيب" قد تكون صحيحةً في التأثير على شكل الإنسان فما بالك بالتأثير على صفاته وأخلاقه؟.
تدرك الشركات هذه الحقيقة بشكل أكبر بكثير مما يدركه آباؤنا، فبعض الآباء يرغبون باختيار اسم مولودهم بناءً على ما يسود في المنطقة من أسماء أو بسبب أن اسم أحد أفراد عائلتهم أو أصدقائهم كان هكذا، لذا تجد أن معظم أسماء المواليد يتم اختيارها حتى قبل حضورهم شخصياً إلى العالم الحقيقي.
ولكن اختيار الاسم في عالم الأعمال يأتي بشكل معاكس تماماً لما يفعله البشر، فالمؤسِّسون والمدراء يضعون أهداف الشركة ومواصفاتها ومنتجاتها أمام أعينهم ثم يطلقون على الشركة اسماً مشتقاً من هدفها العام أو مجال تخصصها، ويُعتبر الاسم علامة تجارية يتم تسجيلها حيث لا تسمح الشركات بأن يأخذ أحد هذا الاسم على خلاف البشر المتصالحين مع قضية تشابُه أسمائهم.
تخيَّلْ أنك افتتحت شركة لصناعة القهوة وأسميتَها (Nestle) مثلاً فإن الشركة غالباً سترفع قضية ضدك، وستجبرك على دفع مبالغ كبيرة كتعويض عن هذه التسمية، ورغم أن شركة "نستله" هذه تبيع عشرات الأصناف مثل حليب "نان" للأطفال وحليب "نيدو" و"نسكافيه" ومرق دجاج "ماجي" وبسكويت "كتكات" و"كاكو ميلو" و"نسكويك" وغيرها من المنتجات الشهيرة إلا أن اسم "نستله" يصبغ كل هذه المنتجات، فبمجرد أن تنسب منتجاً ما لـ"نسله" فهذا يعني أنه من عائلة محترمة وعالية الجودة، وقد يُعَدّ تغيير اسم شركة مثل "نستله" ضرباً من الجنون قد يجعل الشركة تنهار وتتراجع أرباحها.
لكن بعض الشركات تغيّر اسمها فعلياً لأسباب كثيرة، فمؤخراً أعلنت شركة "فيس بوك" عن تغيير اسمها إلى "ميتا" وقبل بضع سنوات غيَّرت شركة "غوغل" اسمها إلى " ألفابت" وفي هاتين الحالتين غيرت الشركتان من اسمَيْهما ليتناسب أكثر مع المنتجات التي يطرحونها، فشركة " ألفابت" لم تعد خدماتها مقتصرة على "غوغل" فقط فلديها نظام التشغيل الذي يستخدمه معظمنا في جواله "أندرويد" ولديها موقع الفيديو الشهير يوتيوب إضافة إلى منتجات "نيست" الذكية للمنازل العصرية.
هكذا تسعى شركة "فيس بوك" لتغير اسمها ليكون أكثر ملاءمة للتوجه الجديد لمنتجات الشركة خاصة في مجال الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
وقد يكون تغيير الاسم للشركة من أجل مَحْو الصفات السيئة التي لحقت بها من جرّاء الاسم السابق، فمَنْ منّا لم يسمع بشركة "بلاك ووتر" التي ارتكبت جرائمَ ضد العراقيين أثناء عملها هناك، مما دفعها لتغيير اسمها إلى "زي" ثم إلى "أكاديمي" وهو الاسم الذي تُعرف به حالياً.
كذلك قد تُغيِّر الشركةُ اسمَها بسبب اندماجها مع شركة أو شركات أخرى، فتتوافق هذه الشركات على اسم جديد يعبر عن المشروع الجديد فقد غيَّر كل من البنك الأهلي التجاري وشركة سامبا المالية اسميهما بعد الاندماج ليكون البنك الأهلي السعودي.
ليس فقط في المؤسسات التجارية يتم تغيير الأسماء، ولكن حتى في المؤسسات الحكومية نجد أن بعض الوزارات والمؤسسات يتم تغيير اسمها لتكون أقدر على التعبير عن المهمة الجديدة كتغيير اسم وزارة الخارجية إلى وزارة الخارجية والمغتربين وتغيير اسم الهيئة العامة للسياحة إلى الهيئة العامة للتراث والسياحة، وهكذا فالأسماء أيضاً في المؤسسات الحكومية يتم تغييرها لتحقق مصالح الحكومات، وبالمجمل نستطيع أن نقول إن التوجه نحو تغيير الاسم هو مسألة مهمة للشركات والمؤسسات سواء أكانت تجارية أم حكومية فهذه المؤسسات تدرك أن لكل مؤسسة مِن اسمها نصيباً.