نداء بوست -أخبار عربية- إسطنبول
مئات الأشخاص من الناس غالبيتهم سوريون، وفيهم سودانيون وتونسيون وعراقيون وآخرون من مختلف الجنسيات، يحتشدون في أحد شوارع إسطنبول، ويقولون إنهم خسروا كل ما يملكون بلمح البصر، بعد أن باعوا ممتلكاتهم في بلدانهم أو استدانوا ثمن رحلة اللجوء.
5 آلاف يورو في الحد الأدنى وضعها كل شخص من هؤلاء في مكتب "العساف للتأمين" بحي أكسراي بإسطنبول، والذي يعمل كوسيط أو طرف ثالث بين طالبي اللجوء -بالطرق غير الشرعية- وبين مهربي البشر بمقابل رسم يبدأ بـ 50 يورو، وهناك من أودع أضعاف هذا المبلغ، وفقاً للشهادات.
ويدير المكتب كل من (م. ع) و (م. ف) و (ع-ع)، من أبناء بلدة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي.
وفي منتصف الشهر الفائت غص الشارع الذي يضم المكتب بما يتجاوز الـ 500 شخص ممن أودعوا أموالهم في المكتب، يطالبون الشخص الموجود في فيه وهو (م.ف) بها، ليحاول الأخير تأجيلهم إلى وقت آخر.
الدكتور أحمد المحمود، قدم من سورية حديثاً إلى إسطنبول، بهدف الهجرة إلى ألمانيا بشكل شرعي عن طريق القنصلية الألمانية في إسطنبول، وكان يحمل معه 11 ألف يورو، ويتضمن المبلغ الواجب تأمينه في المصرف الألماني مع رسوم السفر.
اضطر المحمود للبحث عن مكان يؤمن فيه المبلغ ريثما يجري المقابلة في القنصلية ويودع المبلغ في حساب ألماني، فتوجه إلى "العساف" وأودع لديه كامل المبلغ، قبل أن يعود ويسحب 5 آلاف يورو بعد مرور عدة أيام.
وفي الـ 17 من شهر تشرين الثاني الفائت، قصد المحمود مكتب "العساف" لسحب بقية المبلغ وتأمينه في المصرف الألماني، فوجد الشارع الذي يحوي المبنى يعج بالناس، ما يقارب الـ 500 شخص، جميعهم مودعون أموالهم في المكتب، بما يتجاوز الخمسة ملايين دولار كمبلغ إجمالي. حسبما أفاد المحمود.
وادعى العامل في المكتب عدم وجود المبالغ لديه، وقال إنها "بحوزة م.ع"، ووعد المودعين بإرجاعها في فترة لاحقة، قبل أن يتظاهر أمام الحشد باتصاله بـ(م.ع)، ليجيبه الأخير بأنه قادم إلى المكتب وبحوزته 400 ألف يورو.
ويقول المحمود: "وبينما نحن ننتظر حامل المبلغ, وإذ بشخص افتراضي، يدعي أنه عنصر أمن، يطلب من الجميع النزول إلى خارج البناء".
ويضيف "أدركت فوراً أن الشخص ينتحل صفة رجل أمن، ولكن أغلب الأشخاص المحتشدين أمام المكتب كانوا خائفين، وخاصةً أن من بينهم من لا يحمل أوراقاً ثبوتية، بالإضافة إلى أن الموضوع أساساً غير قانوني، ويخافون الترحيل".
ويتابع المحمود "بعد ابتعاد الناس عن البناء، اختفى كل من (م. ف) ورجل الأمن المفترض، وأغلق المكتب إلى هذا اليوم".
وكان مدير المكتب برر قبل اختفائه سبب تأخيره بالدفع، بأن المكتب تعرض لعملية نصب في ألمانيا بمبلغ مالي وصل إلى ٣ ملايين وأنه سيعيد لكل صاحب حق حقه.
ولا يعلم أحد إلى هذه اللحظة طريقاً إلى أصحاب المكتب، فيقول البعض إنهم هربوا إلى أوروبا، ويرجح آخرون أنهم اختفوا بين أقربائهم وأبناء عشيرتهم في الجنوب التركي أو بجرابلس السورية.
ويشار إلى أن هذا النوع من المكاتب العاملة بهذا الاختصاص، غير مشروع وغير مرخص في تركيا أو أي بلد آخر، وقانونياً يندرج هذا العمل ضمن جرائم تهريب البشر، وينتشر في إسطنبول العشرات من هذا النوع.
"نداء بوست" إذ ينشر شهادات المتضررين، يلتزم الدقة والمصداقية بعدم تبني تلك الاتهامات حتى يبتّ بها القضاء.