نداء بوست- قسم المتابعة والتحقيقات- خاص
قُبيل تأجيل القمة العربية وفي خضمّ الحديث الجزائري عن أن تكون القمة جامعة وشاملة بات من الواضح عدم جدوى الجهود الروسية والوساطة العُمانية والمساعي الجزائرية لعودة النظام السوري إلى مقعده في جامعة الدول العربية.
وبحسب متابعة فريق “نداء بوست” فإن وزارة الخارجية في النظام السوري تلقت بلاغاً رسمياً من مكتب السفير العُماني تركي البوسعيد حول فشل الجهود المبذولة من مسقط على مستوى دول التعاون الخليجي لتقوم دول الخليج بإعادة النظر في ملف عودة النظام لجامعة الدول العربية.
البلاغ العُماني للنظام -وبحسب مصدر “نداء بوست”- كان في منتصف كانون الثاني/ يناير 2022، الأمر الذي استدعى اجتماعاً في القصر الجمهوري في دمشق في 17 كانون الثاني/ يناير حضره أيمن سوسان مساعد وزير الخارجية وماهر بدور مدير إدارة الوطن العربي في وزارة الخارجية واللواء حسام لوقا مدير إدارة المخابرات العامة، وترأَّس هذا الاجتماعَ اللواءُ بسام الحسن مستشار رئاسة الجمهورية للشؤون الإستراتيجية، وجرى خلال هذا الاجتماع تقييم المواقف العربية من النظام السوري وعودته إلى الجامعة العربية.
الرفض القطري
وبحسب مصدر لـ”نداء بوست” في وزارة الخارجية التابعة للنظام فإن التقارير في الوزارة تشير إلى إقناع الجزائر لكل من تونس والمغرب بالموافقة على مشاركة النظام، في حين بقيت مصر تؤكد للنظام دَعْمها لعودته إلى الجامعة العربية، لكن من خلال التواصل المصري مع الدول العربية فإنها تُصِرّ على الإجماع العربي كشرط للأمر.
الموقف الأهمّ بحسب تقارير خارجية النظام هو الموقف القطري الذي كان العقبة الأبرز أمام الوساطة العُمانية لإقناع دول الخليج بإعادة النظر في مواقفها، واستطاعت الدوحة الوصولَ لتنسيق مشترك مع كل من الكويت والسعودية اللتين بدورهما تتمسكان برفض عودة النظام قبل تحقيق تقدُّم ملموس في العملية السياسية، وبناءً على الموقف القطري الكويتي السعودي بقي الموقف الخليجي واحداً ومُلتزَماً به من جميع دول مجلس التعاون الخليجي.
خذلان مصري للنظام السوري
على جانب آخر استطاع فريق “نداء بوست” الحصول على معلومات تفيد باستياء النظام من الموقف المصري، حيث -وبحسب تقييم اللواء حسام لوقا الذي شارك أعمال المنتدى العربي الاستخباراتي في القاهرة منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 فإن مصر لم تلتزم مع النظام بالتفاهُمات المبرمة بين الجانبين على المستوى السياسي بدعم عودة النظام إلى الجامعة العربية، وعلى المستوى الأمني والاستخباراتي ومنه ما تم الاتفاق عليه من تشكيل لجنة مشتركة لتعزيز التنسيق في قضايا الأمن المشترك ومكافحة الإرهاب.
كذلك وبحسب مصادر “نداء بوست” فإن تقييم مساعد وزير خارجية النظام للموقف المصري أنه موقف لا يمكن الاعتماد عليه، خاصةً مع المعلومات المؤكَّدة لدى النظام بإعادة مصر فتح قنوات التنسيق مع قوات سورية الديمقراطية “قسد”.
رفض قطري سعودي لتعويم النظام
من جهته يؤكد الباحث السياسي سامر عمر أن “الموقف القطري والسعودي والتركي حافظ على مَسار واحد من نظام الأسد طِيلة فترة الثورة، وقطر والسعودية تلعبان دوراً مهماً في كبح جهود التطبيع مع النظام السوري خليجياً وعربياً رغم أن الإمارات خطت خطوات مهمة باتجاه التطبيع معه”.
وأضاف في حديث لـ”نداء بوست” أن “التصريحات المستمرة من قِبل وزير الخارجية القطري وكذلك كلمة المندوب السعودي في مجلس الأمن كانتا خير دليل على رفض جهود التطبيع والحيلولة دون منحه مقعد الجامعة العربية والذي تسعى خلفه الجزائر والعراق بدعم روسي”.
عدم تغيير النظام لسلوكه
وخلال العام الماضي أكد نائب رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أن موقف بلاده من مشاركة الحكومة السورية بالدورة المقبلة لجامعة الدول العربية في الجزائر، لم يتغير، مؤكِّداً أن الأسباب التي عُلقت عضوية دمشق بسببها لا تزال قائمة، وذلك خلال تصريحات أدلى بها أثناء مؤتمر صحافي عقده مع نظيره التركي قبيل زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الدوحة.
وقال وزير الخارجية القطري: إن موقف بلاده واضح من مشاركة الحكومة السورية بحال تمت دعوتها للمشاركة في القمة المقبل، معلِّلاً: “هناك أسباب لمخاوفنا التي أعربنا عنها”، مشيراً إلى أن الأسباب التي عُلقت عضوية سورية في الجامعة العربية على أساسها لا تزال قائمة.
وأضاف الشيخ محمد بن عبدالرحمن قائلاً: “لم نرَ أيَّ تقدُّم أو تطوُّر في سلوكيات هذا النظام وتعاطيه مع هذه الأسباب”، وأكد أن تطبيع العلاقات مع دمشق من دون اتخاذ خطوات جدية بهدف إيجاد حل سياسي لإنقاذ ومساعدة الشعب السوري وإعادة اللاجئين إلى بلادهم.
وأردف عن النقطة نفسها قائلاً: “إذا لم يحدث ذلك فلا منطق من تطبيع العلاقات مع هذا النظام، ولا أعتقد أننا في موقف يسمح لنا بأن نأذن للنظام السوري بأن يحضر القمة العربية، وهذا كان موقفنا ونحافظ عليه ونأمل أن تدرك الدول العربية أن هذه الأسباب لا تزال موجودة”، حسب تعبيره.
هجوم سعودي لاذع
من جهته ألقى السفير السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كلمة مدوية تضمنت انتقادات شديدة للنظام السوري، لاقت ترحيباً واسعاً لدى الناشطين السوريين.
وقال المعلمي خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة قضايا حقوق الإنسان في بعض دول العالم ومن بينها سورية: “لا تصدقوهم إن قالوا: إن الحرب قد انتهت ولا حاجة لقرارات الأمم المتحدة.. لا تصدقوهم فالحرب لم تنتهِ بالنسبة لـ 2000 شهيد أُضِيفُوا هذا العام لقائمة الشهداء الذين يزيد عددهم على 350 ألف شهيد”.
وتابع: “لا تصدقوهم إن وقف زعيمهم فوق هرم من جماجم الأبرياء مدعياً النصر العظيم، فكيف يمكن لنصر أن يُعلَن بين أشلاء الأبرياء وأنقاض المساكن؟.. وأيُّ نصرٍ هذا الذي يكون لقائد على رُفات شعبه ومواطنيه؟”.
وأضاف: “لا تصدقوهم إن قالوا: إنهم مهتمون بإعادة الإعمار. فإعادة إعمار المباني لا يمكن أن تتقدم على إعادة إعمار النفوس والقلوب التي في الصدور.. لا تصدقوهم إن قالوا: إن الأمن قد استتب. واسألوا المليون ونصف مليون سوري الذين أُضِيفُوا هذا العام إلى قائمة المهدَّدين بغياب الأمن الغذائي، مما دفع بأعداد المحتاجين إلى قُرابة الـ 10 ملايين سوري”.
وأكد المعلمي في كلمته على أن النظام السوري هو “أول مَن فتح للإرهاب أوسع الأبواب عندما أدخلوا إلى بلادهم حزب الله الإرهابي زعيم الإرهاب في المنطقة والمنظمات الطائفية القادمة من الشرق”.
وقال: لا تصدقوهم إن قالوا: إنهم يسعون للسلام. وهم الذين سمحوا لموجات المتطرفين باجتياح سورية وقتل خالد بن الوليد وصلاح الدين وغيرهما من أبطال التاريخ العربي والإسلامي.. لا تصدقوهم إن التفتوا يَمْنةً ويَسْرةً وراحوا يبحثون عن أسباب إخفاقهم ويرمون بها على مختلف الجهات”.
جدير بالذكر أن عدداً من الدول العربية قام بتطبيع علاقاتها مع نظام الأسد من خلال التبادل التجاري أو استئناف الرحلات الجوية ومن بينها الإمارات والأردن.