"نداء بوست"- قسم المتابعة والتحقيقات- أحمد عكلة
تُعتبر مجموعة "القاطرجي" من أهم الشركاء المحليين للنفوذ الروسي في سورية، وقد دعمت روسيا هذه المجموعة التي تضم شركات نقل وشركات مقاولات وتجارة عامة في عمليات نقل النفط من مناطق "قسد" إلى النظام وكذلك نقل الحبوب والمواد الغذائية ومواد البناء وغيرها.
ضغط روسي
ومع نهاية 2021 دعمت روسيا المجموعة للدخول بقوة لمزاحمة المجموعات والشركات المحسوبة بولائها على النفوذ الإيراني في محافظة حلب.
وبحسب بحث استقصائي قامت به "نداء بوست" فإن مجموعة "القاطرجي" اليوم تمتلك 60% من العقارات التجارية والمنشآت الصناعية في "الشقيف"، و45% من المنشآت الصناعية في "الشيخ نجار" ، إضافة إلى عقارات وممتلكات خاصة ومرافق خدمية في "الصاخور".
وقد حصلت المجموعة في النصف الثاني من عام 2021 على اتفاقيات استثمار طويلة الأمد من مجلس محافظة حلب بتسهيلات من النظام السوري بعد الضغوط الروسية لتحقيق ذلك.
عرقلة إيرانية
وأكد مصدر خاص لـ"نداء بوست" أن مكتب أمن الفرقة الرابعة وفرع المخابرات الجوية في حلب عملوا على عرقلة هذه الاتفاقيات لكن دون جدوى.
كما عقد مجلس إدارة مجموعة "القاطرجي" اجتماعاً تشاوُرياً موسعاً مع مجلس محافظة حلب ومديرية الصناعة في المحافظة، وذلك منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2021، وأعلنت المجموعة في الاجتماع توسعها في القطاعات الصناعية والتجارية والمقاولات على مستوى المحافظة خلال المرحلة المقبلة.
وأشار المصدر إلى أنه في مطلع العام الجديد تتجه مجموعة "القاطرجي" لتوسيع استثماراتها في منطقة "الراموسة" الصناعية عَبْر الحصول على استثمارات جديدة من مجلس محافظة حلب في المنطقة.
وبحسب المصدر تمتلك المجموعة 12 مستودعاً إستراتيجياً في المنطقة الصناعية في "الراموسة" وتخطط المجموعة للاستحواذ على شبكة من البنى التحتية والمرافق ومجموعة من الأبنية الإضافية في المنطقة.
ولا يقتصر نفوذ "القاطرجي" في حلب على المشاريع والاستثمارات التجارية والصناعية فقط.
وأوضحت المصادر أن التفاهمات الروسية مع إدارة المجموعة تضمنت الاتفاق على الشق الأمني وتوسيع سيطرة المجموعة على المحافظة عَبْر تمويل وتوسيع مجموعات أمنية مسلحة وجمعها في فصيل رديف يحصل المنتسبون فيه على بطاقات من اللجنة الأمنية العسكرية في المحافظة، حيث سيكون التشكيل الرديف مرخَّصاً منها كشركة أمنية خاصة مهمتها الحفاظ على المنشآت والقطاعات الصناعية وحراستها.
توسُّع جديد
مجموعة "القاطرجي" وبحسب البحث الاستقصائي لفريق "نداء بوست" تسعى للتوسع والسيطرة في حلب كما هو الحال في الرقة وحماة وحمص، ولدى المجموعة خبرة في وسط وشمال شرق سورية بإدارة المجموعات المسلحة غير النظامية المسؤولة عن الحماية والترفيق، وستنقل المجموعة هذه الخبرة إلى حلب بالإضافة إلى الدخول في سوق المواد الممنوعة وأهمها المخدرات، والتي تُعتبر حلب بعد سيطرة النظام عليها من أهم مراكزه في سورية.
الدكتور أحمد منير وهو باحث في الشؤون الروسية أكد أن "روسيا تسعى لكسب الصراع على الاقتصاد مع إيران في سورية في ظل التنافس الحميم بين البلدين وخصوصاً مع دعم إيران لميليشياتها في حلب بعد معارك سابقة بين الجناحين الروسي والإيراني لكسب النفوذ على الأرض".
وأضاف في حديثه لـ"نداء بوست": "استعانت روسيا بالقاطرجي لتكون ذراعها الاقتصادية في حلب والتي تُعتبر العاصمة الاقتصادية في سورية وذلك بسبب نفوذها الكبير في المناطق الشرقية من خلال تسهيل تهريب النفط إلى مناطق النظام إضافة إلى امتلاكها ميليشيا مسلحة تقاتل لجانب النظام".
وفي سياق متصل، تحاول المجموعة التجارية الصناعية التوسع في القطاع الأكثر ربحاً في سورية وهو قطاع المخدرات، خاصة مع وجود التشكيل الأمني المسلح التابع للمجموعة.
وأفاد مصدر مقرب من حسام القاطرجي لفريق التحقيق في "نداء بوست" أن القاطرجي يدير مجموعة نشاطات غير قانونية في ريف حماة منها مراكز ومصانع للحبوب المخدرة (الكبتاغون)، ونقل القاطرجي بالفعل مطلع عام 2022 11 خط إنتاج و26 مكبساً متوسط الحجم خاصة بتدوير وتغليف الحبوب المخدرة ومادة الحشيش.
وقد تمت عملية النقل من عدد من المزارع التابعة لمجموعة القاطرجي في ريف حماة والمنشآت الصناعية في حلب في منطقتَي "الشقيف" و"الشيخ نجار"، وخلال النصف الأول من عام 2022 سيكمل القاطرجي نقل كامل عمليات التصنيع والتغليف للحشيش والكبتاغون إلى حلب.
حيث توزع من حلب إلى مناطق المعارضة السورية ومنها إلى تركيا، وإلى مناطق سيطرة "قسد" ومنها إلى العراق ثم الخليج العربي، فيما سيتولى إدارة هذا القطاع في مجموعة "القاطرجي" القيادي في المجموعة محمود رسلان وهو من أبناء مدينة حلب.
وبحسب مصدر "نداء بوست" فإنَّ مجموعة "القاطرجي" تعمل على خطة لإنشاء بِنْية تحتيَّة تتناسب مع توسيع كبير في إنتاج المخدرات، حيث يتواصل مدير المجموعة حسام القاطرجي مع تجار في لبنان لاستيراد مكابس وآلات تغليف صينية.
مصادر خاصة لـ"نداء بوست" أكدت أن مكتب التنسيق الروسي في حلب واللجنة العسكرية الأمنية في حلب على علم بإدارة القاطرجي لهذه النشاطات، وهي تغض الطرف عنه رغم التوجه الروسي العامّ في سورية لضبط فوضى المخدرات التي تخلقها إيران وميليشياتها وتهدد بها الخليج العربي.
تضييق من الفرقة الرابعة
ومن جانب آخر، أفاد مُراسل "نداء بوست" بعرقلة حواجز الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد لصهاريج نقل النفط الخام القادمة من شمال شرقي سورية إلى مصفاة مدينة حمص بعد امتناع شركة "القاطرجي" عن دفع الإتاوات المالية التي فرضتها قيادة الفرقة عليها.
ونقل مُراسلنا عن أحد سائقي الصهاريج قوله: إن ضباط الحواجز التابعة للفرقة الرابعة المُنتشرة على أوتوستراد "حمص-دير الزور" أوقفت سير القافلة التي يزيد عددها عن 200 ناقلة للنفط في منطقة "السخنة" بعد ظهر أمس الأحد، وعملت على تفتيش معظم السيارات وتمّت مصادرة المازوت المتواجد ضِمن الخزانات تاركة وراءها 120 لتراً فقط لكل سيارة.
وضجّ سائقو السيارات من تصرف حواجز الفرقة الرابعة، وتواصلوا مع المدعو الحاج "عطا الله" المسؤول عن ترفيق القافلة من أجل إيجاد حل سريع (يقضي بسلامتهم أولاً) باعتبار أن المنطقة تنتشر فيها خلايا تنظيم "داعش".
وحصل مراسل "نداء بوست" على معلومات تفيد بمطالبة حواجز الفرقة الرابعة بدفع مبلغ 30 ألف ليرة سورية عن كل صهريج محمل بالنفط قبل أن يتمّ السماح له بالوصول إلى مصفاة مدينة حمص، ومن ثم مصفاة مدينة بانياس على الساحل السوري، الأمر الذي رفضته الإدارة التنفيذية لشركة "القاطرجي".
ويتواصل تضييق القوات الموالية لإيران على مجموعة "القاطرجي" حيث هددت شركة "زمن الخير" العاملة ضِمن القطاع النفطي، وإحدى أكبر الشركات المتعاقدة مع مجموعة القاطرجي بتعليق أعمالها نظراً للمضايقات الكبيرة التي يتعرض لها سائقوها، ومطالبتهم بدفع إتاوات مالية على الحواجز التابعة للفرقة الرابعة الممتدة على طول أوتوستراد "حمص- الرقة".
وطالب مدير شركة "زمان الخير" المدعو أحمد أبو الزين رجلَ الأعمال السوري المقرب من الأسرة الحاكمة "حسام القاطرجي" بضرورة اتخاذ إجراءات فورية تنهي التسلط الحاصل من قِبل عناصر الحواجز التابعة للفرقة الرابعة، وإلا فسيتم الإعلان عن إيقاف العمل بالشراكة المنصوص عليها بين الطرفين.
مُراسل "نداء بوست" في حمص نقل عن مصدر مطّلع في قسم الإدارة لدى شركة "زمن الخير" قوله بأن من ضِمن بنود العقد الموقَّع مع مجموعة "القاطرجي" بندٌ ينصّ على تأمين حماية الصهاريج، وسائقيها من أي خطر يحدق بهم أثناء عملية نقل النفط من شمال شرق سورية إلى مناطق سيطرة النظام، فضلاً عن وجود بندٍ آخر يقضي بعدم التعرض لسائقي شركة "زمن الخير" من قِبل أي حاجز أمني يتبع لأجهزة المخابرات السورية.
جدير بالذكر أن مجموعة "القاطرجي" يقودها حسام قاطرجي وهو مهرب للنفط وكان صِلَة وَصْل بين نظام الأسد وتنظيم "داعش"، وتحوَّل إلى زعيم ميليشيا مسلحة تُدعى باسم عائلته وتضم الآلاف من المرتزقة.