نداء بوست- إدلب- أيهم الشيخ
أدى انخفاض الليرة التركية إلى حالة ركود اقتصادي كبير في مناطق شمال سورية بالإضافة إلى معاناة العُمّال من قلة أجورهم التي تتراوح بين 25 حتى 35 ليرة تركية.
وأدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخبز ومواد التنظيف بشكل جنوني وتحويل الديون في المحلات التجارية إلى الدولار إلى معاناة كبيرة طالت العُمّال وأصحاب المهن والموظفين الذين يتلقون رواتبهم بالليرة التركية.
ولم يقتصر انخفاض الليرة التركية على أجور العمال بل بات يهدد حياتهم اليومية، بعد ارتفاع أسعار الخبز والمحروقات وخصوصاً مع دخول فصل الشتاء حيث يحتاج الأهالي للوَقود من أجل التدفئة.
حالة ركود اقتصادي
الباحث في الشؤون الاقتصادية أسامة العبد الله قال لموقع "نداء بوست": إن "المنطقة باتت تتجه لحالة ركود اقتصادي بسبب التأرجح الكبير التي شهدته الليرة التركية سابقاً، بالإضافة إلى انخفاضها المستمر وعدم ثبات الأسعار حيث إنه خلال أيام كانت أسعار المواد تتبدل كل ساعة".
كما أضاف في حديثه أن "هناك فرقاً كبيراً بين تركيا ومناطق الشمال السوري بالنسبة لناحية ضبط الأسعار، حيث إن التجار في تركيا ملزمون بالبيع بالليرة التركية وعدم رفع الأسعار بشكل جنوني، أما في مناطق الشمال فليس هناك مراقبة حيث يتم رفع الأسعار بما يزيد عن سعر الصرف بالليرة التركية".
واعتبر العبد الله أن مناطق الشمال السوري أمام كارثة حقيقية في حال لم يتم رفع الحد الأدنى للأجور إلى 70 ليرة تركية، لأن العامل يتقاضى 30 ليرة تركية في حين أن كثيراً من العوائل يحتاج ما بين 10 إلى 15 ليرة كثمن خبز.
ارتفاع سعر الخبز
وارتفعت أسعار الخبز في مناطق إدلب ليصل سعر كيس الخبز الذي يزن 700 غرام 5 ليرات تركية، قبل أن يتم دعمه من قِبل حكومة الإنقاذ ليصبح كيس المدعوم بـ2.5 ليرة تركية وغير المدعوم بـ3.5.
خالد اليوسف -وهو أحد العمال في منطقة "سرمدا" شمال إدلب- يشكو من انخفاض أجره بعد تدهور الليرة التركية مقابل ارتفاع الأسعار الجنونية التي قاربت الضعف في بعض الأحيان بعد وصول سعر صرف الليرة التركية إلى 14 ليرة مقابل الدولار.
انخفاض ثمن الأجور
وقال اليوسف لـ"نداء بوست": "أتقاضى يومياً 35 ليرة تركية مقابل العمل في مواد البناء منذ الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة مساءً، حيث أحتاج 3 أكياس من الخبز بسعر 10 ليرات تركية وكذلك طبخة الغداء بسعر 25 ليرة تركية، ويكون إيجار يوم عمل قد نفد".
وأوضح في حديثه أن "العائلة تحتاج محروقات للشتاء والأدوية واللباس والمياه والكهرباء والإنترنت، لذلك فإن الكثير من العوائل محرومة من أدنى متطلبات الحياة حيث إن الحاجة اليومية للعيش على الكفاف هي 100 ليرة تركية".
وأدى انخفاض قيمة الليرة التركية وتسجيلها 14 ليرة لكل دولار أمريكي إلى ارتفاع الأسعار في إدلب التي شهدت ارتفاعاً مطَّرداً في أسعار المحروقات والسلع الغذائية والبضائع التجارية ووصولها لمستويات غير مسبوقة، حيث بلغ ثمن أسطوانة الغاز المنزلي 168 ليرة تركية.
تحويل الديون للدولار
واعتبر خالد المحمد -وهو أحد تجار المواد الغذائية- أن معظم العاملين في مجال التجارة قاموا بتحويل ديونهم إلى الدولار، بعد أن كان بالليرة التركية من أجل تفادي الخسائر الضخمة بعد انهيارها من 8 ليرات تركية حتى 14 ليرة تركية للدولار الواحد.
وأضاف في حديث لموقع "نداء بوست" أن "هذا الأمر أضرّ كثيراً بالموظفين التي يتقاضون رواتبهم بالليرة التركية، حيث فقدوا نصف رواتبهم كفرق للعملة في الشمال السوري، ولكن بنفس الوقت فإن هذا الإجراء ضروري لحماية أموال التجار".
يُذكر أنه خلال عام 2020 أعلنت الحكومات المسيطِرة على الشمال السوري "الحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ في إدلب" استبدال الليرة السورية بالتركية، وتسعير البضائع بالليرة التركية، جراء فِقْدان العملة السورية قيمتها أمام الدولار الأمريكي وتَذَبذُب سعر صرفها والخسائر المتتابعة التي لحقت بها.