نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
في الوقت الذي يؤكد فيه وزير التربية والتعليم في الحكومة الأردنية وجيه عويس، على أن التعليم الوجاهي في المدارس هو الأساس وسيبقى كذلك، ولا يوجد ما يبرر العودة للتعليم الإلكتروني، في ظل السيطرة على الوضع الوبائي، توحي تصريحات أمينة عام الوزارة نجوى قبيلات بغير ذلك. فقبيلات كشفت في تصريحات لها اليوم، عن وجود تصاعد بإصابات كورونا في المدارس، مشيرةً إلى أنه تم تسجيل 1024 إصابة مؤخراً، وأعربت خلال اجتماع لجنة التعليم والشباب النيابية، الأحد، عن تخوفها من الوصول إلى يوم "لا نسيطر فيه على إصابات كورونا في المدارس، خاصة مع دخول فصل الشتاء".
وحول قرار تعديل التقويم المدرسي، شدّدت قبيلات على أن القرار يهدف إلى الحد من إصابات كورونا، لتتوفر القدرة على البدء في الفصل الدراسي الثاني، وتكون الإصابات بحدودها الدنيا. وكشفت أن الوزارة استقبلت منذ بداية الجائحة 211 ألف طالب جديد، وافتتحت هذا العام 31 مدرسة جديدة بطاقة استيعابية 25 ألف طالب، وشكل ما تبقى منهم ضغطاً على المدارس، ما أدى إلى تحويل 1200 مدرسة للتعليم بنظام التناوب.
جاءت بعد ذلك تصريحات رئيس الجامعة الأردنية نذير عبيدات حول التعليم الإلكتروني، وهي التصريحات التي اضطرت وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي وجيه عويس، إلى توضيحها ونفي أن يكون لها علاقة بالنية للعودة إلى التعليم الإلكتروني، مؤكداً أن ما قاله رئيس الجامعة "لا يعني من قريب أو من بعيد أنّه توجُّهٌ للعودة عن التعليم الوجاهيّ".
ويُذكر أن الطلبة السوريين في المدارس الأردنية هم الأكثر تضرراً في حال عودة التعليم عن بُعد كأحد الخيارات المطروحة لمواجهة ارتفاع أعداد الطلبة المصابين بكورونا في المدارس. حيث إن غياب الإنترنت وعدم توفر أجهزة لوحية وهواتف ذكية وأجهزة تلفاز في كثير من أماكن إقامة الطلبة السوريين، أسباب تمنع الدخول على المنصة ومتابعة الدراسة كما يجب، حالهم حال الكثير من أقرانهم، ما يجعل المستقبل التعليمي لهم في مهب الريح مع استمرار الجائحة. وتستقبل 204 مدارس حكومية أردنية طالبات وطلاباً سوريين في الفترة المسائية، بعد انتهاء دوام الطلبة الأردنيين.
أم علاء والدة لثلاثة طلبة سوريين تروي لجريدة "الغد" الأردنية، معاناة أبنائها في متابعة دراستهم بسبب غياب الإنترنت وعدم امتلاكها لهاتف ذكي، مبينة أن التعليم عن بُعد، والمناهج الصعبة، يفوق تعليمها الذي لم يتجاوز الصف السادس الابتدائي في حين أن أبناءها في صفوف الخامس والسابع والثالث الابتدائي، يحتاجون إلى جهد كبير ليتمكنوا من فهم الدروس.
صعوبة المناهج من جهة، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها أسرة أم علاء من جهة ثانية، تزيد إشكالية أبنائها في تلقي تعليمهم كباقي أقرانهم بل تحرمهم منه بحسب قولها، فمن جهة هي لا تستطيع تأمين إنترنت وأجهزة لوحية لأبنائها، ومن جهة أخرى لا تملك المال لإحضار مدرسين خصوصيين.
في حين ينتظر أبناء صفاء الحلبي عودة والدهم إلى المنزل في ساعة متأخرة من الليل ليتمكنوا من الدخول إلى المنصة ومتابعة حصصهم وأخذ دروسهم وحل واجباتهم. وبهذا الجانب أوضحت صفاء: "لا يوجد إلا هاتف واحد في المنزل وهو لزوجي، وحتى يعود يبقى شعور القلق يتملك أبنائي من أنهم لن يتمكنوا من الالتحاق، بسبب ضعف الإنترنت أو الضغط على المنصة" .
التربوية سعاد غيث تشير في حديثها لجريدة "الغد" إلى أن غياب الإنترنت عن أماكن إقامة الطلبة السوريين وعدم توفر أدوات التعليم لمتابعة الدراسة عن بُعد وحل واجباتهم، يؤثر و"بشكل كبير بحصول الطلبة السوريين على حقّهم في التعليم" ويوافقها في الرأي الدكتور عايش النوايسة الذي يؤكد أنه في ظل جائحة كورونا هناك إشكالية كبيرة في التعليم بالنسبة للطلاب المنتظمين فكيف بالطلبة السوريين المحرومين من هذا النمط من التعلم، فالظروف الحياتية والمعيشية صعبة جداً عليهم.
هذه الظروف، وَفْق النوايسة، التي يمر بها الطلبة السوريون لها أخطار كبيرة، أولها خطر نفسي واجتماعي فهم في هذه المرحلة العمرية لديهم حاجات نمائية واندماج وتواصل اجتماعي وإن كان على مستوى التواصل القليل مع الطلبة.
وفي حين أن عدد أطفال اللاجئين السوريين في الأردن، ممن هم خارج المدارس يبلغ وفقاً لإحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين 83920 طفلاً من أصل 233 ألفاً في سن المدرسة، فإن ستة أطفال من كل 10 من أطفال اللاجئين السوريين في الأردن، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئينَ، يتلقّون التعليم سواءٌ في مدارس مخيمات اللاجئينَ السوريين، أو مدارس الفترة المسائية التي فُتحت خصيصاً لخدمة هذه الفئة من اللاجئينَ، أو مدارس المجتمعات المضيفة؛ حيث يُدمَج أطفال اللاجئينَ في الصفوف الدراسية.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية