“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
ردّ رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، على تصريحات وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار حول ملف النفط في إقليم كردستان، مشيراً إلى أن البيانات التي تحدث عنها الوزير “غير صحيحة”.
وقال بارزاني، في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس الأربعاء: إن “شركة سومو تعلم ما الذي يفعله إقليم كردستان، كل البيانات متوفرة لدى الحكومة الاتحادية، وهنالك محاولات حثيثة من وزارة النفط العراقية وشركة سومو ليقنعوا مشتري النفط بإقليم كردستان بسعر أقل”.
وأضاف أن “مشتري النفط يتلقون تهديدات من الحكومة الاتحادية لكي لا يشتروا النفط من إقليم كردستان بالسعر العالمي، هم يقولون إننا مهددون من الحكومة الاتحادية لتتشكّل لديهم مخاوف”.
وكان وزير النفط العراقي، إحسان عبد الجبار قال، يوم السبت الماضي: إن “إدارة النشاط النفطي بالإقليم غير صحيحة، إذ إنه من غير الصحيح أن يكون البيع بأسعار أقل بكثير من أسعار نفط سومو”، مبيناً أن “الإيرادات الصافية التي تذهب إلى موازنة الإقليم لا تتجاوز 50 بالمئة من قيمة النفط المباع”.
ويرى مراقبون للشأن السياسي أن إقليم كردستان وصل إلى مرحلة التمرد بالتعامل مع الحكومة الاتحادية، كما أنه لا يعتبر نفسه جزءاً من العراق.
وقال الباحث في الشأن السياسي أحمد المياحي، في تصريح لإحدى الوكلات الإعلامية: إن “الإقليم أصبح يغرد خارج سرب الدستور، وخارج الوحدة الوطنية التي هي بالأساس موضع شك لدى أغلب القوميات والعرقيات وحتى المذاهب”.
وتابع أن “إقليم كردستان وصل إلى مرحلة التمرد، وأستطيع أن أشبه الإقليم بالابن العاقّ الذي لا بدّ أن يُؤدَّب من قِبل الأب”.
وأضاف أن “هذا الأب من الضعف بحيث لا يستطيع حتى الزجر أو التوبيخ بسبب الانشقاق الداخلي، وعدم وجود قائد حقيقي يحفظ كرامة وهيبة الدولة”.
وتابع أن “الإقليم تمرّد على حكومة المركز منذ عام 1991، عندما أنشأ التحالف، الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق لإخراجه من الكويت، المنطقة الآمنة، ومنع تحليق الطائرات العراقية في سماء شمالي العراق، وبالتالي عملية التمرد مدعومة من قِبل الأمريكان، الذين يرون بأن مصالحهم في المنطقة تتحقق من خلال دعم هذا الإقليم، وزرع شبكات تجسس إسرائيلية لغايات معروفة”.
وأوضح المياحي أن “أي حكومة مركزية لن تستطيع، مهما علا شأنها، فرض هيبتها على الإقليم ما لم يتم التوافق مع الفاعل الأساسي في السياسة العراقية وهم الأمريكان بالدرجة الأولى، والإيرانيون بالدرجة الثانية”.
وأكد أن “الزيارات التي قام بها رئيس الإقليم كان هدفها إعطاء الضمانات للدول الأوروبية بسد النقص في إمدادات النفط والغاز بسبب الحرب الأوكرانية، وإن كان هذا التصرف قد يكلّف العراق ثمناً باهظاً”.
ويتحدث قانونيون عن إمكانية تحرك الحكومة المركزية للسيطرة على المواقع النفطية في إقليم كردستان، في حال لم يلتزم الأخير بالقرار القضائي.
وقال الخبير القانوني صفاء اللامي: إن “التصريحات الأخيرة لرئيس حكومة إقليم كردستان بشأن النفط ليس لها قيمة، لا على المستوى المحلي ولا حتى المستوى الإقليمي والدولي، لأن المحكمة الاتحادية هي المحكمة الدستورية العليا في العراق، وقراراتها باتة وملزمة للجميع”.
وبيّن أنه “يجب على إقليم كردستان أن يلتزم بقرار المحكمة الاتحادية العليا، الذي صدر مؤخراً بإلغاء قانون النفط والغاز، واعتبر أن الثروة النفطية هي من ممتلكات الشعب العراقي جميعاً”، مؤكداً أن “توزيع الثروة بشكل عادل على العراقيين يخضع للحكومة المركزية”.
وأوضح اللامي أن “تصريحات بارزاني لا تعدو أن تكون زوابع إعلامية تحاول التأثير على القرار السياسي داخل الدولة العراقية”، مشيراً إلى أن “شركات النفط الدولية عندما تتعامل مع العراق تتعامل بالصفة الرسمية والقانونية، وليس بصفة شركات أو أشخاص، وهذه الشركات تخشى على مصالحها وأموالها وعقودها النفطية”.
وتابع أن “التعامل مع الإقليم دون الالتزام بقرار الحكومة المركزية يسمح لوزارة الخارجية بإقامة دعاوى قضائية ضد الشركات أمام المجتمع الدولي”، موضحاً أنه “في حال لم يلتزم الإقليم بقرارات المحكمة الاتحادية تستطيع الحكومة المركزية أن تتحرك مثلما حدث في عام 2017 عندما سيطرت الحكومة المركزية على المطارات والمنافذ الحدودية في الإقليم”.
وكانت حكومة حيدر العبادي قد فرضت سيطرتها على منافذ ومطارات حكومة إقليم كردستان في أيلول 2017 بعد أن أجرى الأخير استفتاءً للانفصال عن العراق، إضافةً إلى فرض السيطرة عسكرياً على محافظة كركوك التي كان الإقليم يحاول ضمّها إليه.
يُذكر أن إقليم كردستان يتولى تصدير نفطه المنتج منذ عام 2009 بمعزل عن الحكومة الاتحادية، اعتماداً على قانون النفط والغاز الذي صوّت عليه برلمان الإقليم عام 2007، وتعتبره بغداد مخالفاً للدستور الاتحادي، وبلغت كمية النفط الخام المصدرة إلى الأسواق العالمية خلال العام الماضي 152 مليون برميل، بمعدل سعر البيع 59.4 دولار للبرميل، وبإيرادات بلغت 9 مليارات دولار.