المصدر: موديرن بوليسي
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: د. جيمس دورسي
ترى دول الشرق الأوسط أن قدرتها على الموازنة في علاقاتها خلال نزاع أوكرانيا آخذة بالتراجع. وتُعتبر إسرائيل مثالاً على ذلك مع اشتعال التوترات مع إيران في سورية والفلسطينيين في القدس، وتشير كل من روسيا والولايات المتحدة إلى نفاد الصبر بمحاولات كل من إسرائيل وإيران تجاوز الخطوط الحمراء ضد بعضهما البعض.
وقد حذّرت الولايات المتحدة من أنها ستكثّف الضغط على الدول التي تفشل في معاقبة روسيا لكنها لم تذكر اسم إسرائيل بالتحديد بعد. تعتبر إسرائيل موطناً لمجتمعات يهودية أوكرانية وروسية كبيرة تضم مختلف القلة الحاكمة (أوليغارشيا).
ولكن في المقابل، أوضحت روسيا انزعاجها من إسرائيل في الأيام الأخيرة.
ومن خلال القيام بذلك، تلعب روسيا على المخاوف الإسرائيلية من أن تتراجع روسيا عن موافقتها الضمنية على الهجمات الإسرائيلية على أهداف إيرانية وحزب الله في سورية، وتشديد الدعم لإيران، ودعم الفلسطينيين الذين يتصادمون مع قوات الأمن الإسرائيلية في القدس.
لقد رفضت إسرائيل بحذر شديد الطلبات الأوكرانية لبيع الأسلحة والوصول إلى تكنولوجيا المراقبة الإسرائيلية. ومع ذلك، فقد قدمت مساعدة إنسانية لأوكرانيا وتشاركت معها معلومات استخباراتية، وصوتت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يُدين الغزو الروسي، وأقنعت الإمارات العربية المتحدة أن تحذو حذوها.
كما صوتت إسرائيل لصالح قرار للجمعية بتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ولكن مع ذلك، فإن تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أن روسيا ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا قد قلب التوازن في موسكو.
وقامت وزارة الخارجية الروسية من خلال بيان باتهام تصريحات السيد لايبد بأنها كانت “محاولة مموهة بشكل سيئ للاستفادة من الوضع في أوكرانيا لصرف انتباه المجتمع الدولي عن أحد أقدم النزاعات غير المستقرة – الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
بعد ذلك بوقت قصير، قال سفير روسيا في إسرائيل، أناتولي فيكتوروف، لمحطة تلفزيون إسرائيلية: إن إسرائيل وروسيا ما زالا صديقان، لكن موسكو تتوقع موقفاً (إسرائيلياً) أكثر توازناً.
وقد أشار الصحفي الإسرائيلي تسفي باريل إلى أنه، استمرار العلاقة بين الطرفين هي نفسها المشكلة التي تضع إسرائيل في مُعضلة مُعقدة بشأن المسألة الأوكرانية “.
ولزيادة الضغط، كشف الأدميرال أوليغ جورافليف، نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سورية، أن نظام الدفاع الجوي الروسي Buk M2E الذي يديره النظام السوري، اعترض مؤخراً صاروخاً موجهاً أُطلق من طائرة إسرائيلية وهي مقاتلة من طراز F-16 في الأجواء السورية. وشكل الكشف تحذيراً من أن روسيا قد لا تتسامح بعد الآن مع ضربات إسرائيلية مستقبلية ضد أهداف في سورية.
وأشارت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أن إسرائيل يمكن أن تُصعّد هجماتها اعتقاداً منها أن الفرصة المتاحة لها في سورية يمكن أن تُغلِق أبوابها في وقت قد تصبح فيه القوات الإيرانية أكثر هيمنة في سورية مع نقل روسيا لقواتها ومرتزقتها إلى أوكرانيا.
وحذّر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي هذا الأسبوع من أن قواته المُسلّحة لن تسمح لإسرائيل بالراحة إذا اتخذت إجراءات ضد الجمهورية الإسلامية.
وقال رئيسي خلال عرض عسكري بمناسبة يوم الجيش الوطني: “يجب أن تعلموا أنه إذا حاولت اتخاذ أي إجراء ضد الأمة الإيرانية فإن قواتنا المسلحة لن تتركها في سلام”، مُلمّحاً إلى أن إيران يمكن أن تُهاجم العاصمة الإسرائيلية، تل أبيب.
وفي لقطة مماثلة أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأسبوع تصعيد إسرائيل للعنف في المسجد الأقصى بالقدس في مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأكدّ بوتين للسيد عباس أن روسيا ستدعم الفلسطينيين في المحافل الدولية.
علاوة على ذلك، طالب السيد بوتين في رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بنقل إدارة كنيسة القديس ألكسندر نيفسكي في القدس إلى روسيا.
كان من المُفترض تسليم الكنيسة، الواقعة في البلدة القديمة في القدس، إلى روسيا كجزء من صفقة قبل عامين لكسب إطلاق سراح مواطن إسرائيلي أمريكي مُحتجز في روسيا بتُهم تتعلق بالمخدرات.
إن التبريرات الإسرائيلية لمحاولاتها للسعي لإيجاد حلّ وسط على خلفية جهود الوساطة بين السيد بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي آخذة في النفاد مع تلاشي الاحتمالات بشأن نهاية تفاوضية للحرب في أي وقت قريب.
ويُقرّ المسؤولون الإسرائيليون بأنه عندما لا يكون هناك ضغط، فلن يكون أمام إسرائيل خيار سوى الانسجام مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وقد اعترف مسؤول إسرائيلي بأن “الوضع الإسرائيلي أصبح أكثر تعقيداً”.
ومما لا شك فيه أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تُراقبان عن كثب كيفية إدارة إسرائيل لما يرقى إلى حقل ألغام جيوسياسي.
مثل إسرائيل، سعت الدولتان الخليجيتان إلى رسم مسار مُستقلّ، رافضتين مطالب الولايات المتحدة بزيادة إنتاج النفط لخفض الأسعار والتنفيس عن الغضب من السياسات الأمريكية المختلفة.