نداء بوست- غازي عنتاب- خاص
عرضت وكالة “ImagesLive” الفيلم الوثائقي “نساء من سورية.. قصة لم تنتهِ”، الذي شارك الصحفي السوري أسامة جمعة بتصويره قبل مقتله بقصف لقوات النظام عام 2016.
وتم عرض الفليم في فندق “تيمور كونتينتال” في مدينة غازي عنتاب التركية، يوم السبت الماضي، بحضور عدد من السياسيين والصحفيين والأكاديميين، ومختصين في مجال صناعة الأفلام وفي المجال الإعلامي.
وقدم الفيلم زكريا يحيى وهو عضو في مكتب وكالة “ImagesLive” في غازي عنتاب، ومن ثم ناقش مخرج الفيلم وصاحب فكرته، الصحفي والمخرج السينمائي مدين ديرية، الوثائقي مع الجمهور.
وأوضح يحيى في حديث لـ “نداء بوست” أن الفيلم يركز بشكل أساسي على النساء السوريات، وكيف يحاولن لعب دور رئيسي في بلدهن وسط العنف والدمار مع احتدام الحرب.
وأشار يحيى إلى أن الفيلم تصور منذ بداية الثورة السورية عام 2011 وحتى حزيران/ يونيو 2016 عند مقتل أسامة جمعة، حيث بدأ المخرج مدين ديرية بتصويره ومن ثم بدأ جمعة بمساعدته في التصوير وتولى مهمة متابعة النساء في كتيبة عسكرية تابعة للجيش الحر، وفي الدفاع المدني، وفي مجال الفن.
وأثناء تصوير أسامة للفيلم، سقطت قذيفة مدفعية أطلقتها قوات النظام السوري نحو مكان تواجده، ما أدى إلى مقتله إلى جانب المسعف عبد العزيز سرحة.
ويصور الفليم انخراط المرأة السورية في القتال ضد قوات النظام في حلب القديمة، ويوثق لحظات الاشتباك المسلح بين مقاتلات من كتيبة “أمنا عائشة” النسائية وقوات النظام على قلعة حلب.
كذلك نقل الفيلم قيام المعتقلة السابقة في سجون النظام مروة موصلي بمساعدة زوجها المهندس سامر الذي كان يقوم بمحاولة إنتاج صاروخ مضاد للطائرات في منزلة القديم بحلب القديمة.
ومع استمرار دوامة العنف وسط دمار هائل، وكثرى عدد المصابين والقتلى بسبب القصف الجوي، انضمت ثلاث فتيات إلى عناصر الدفاع المدني للقيام بأعمال الإنقاذ والمساعدة الطبية للعالقين تحت الأنقاض.
حيث حولت الحرب الفتاة المعلمة حسنا إلى منقذة وممرضة في الدفاع المدني، وشاركتها في ذلك طالبة الحقوق إباء وأخرى اسمها ميساء.
ومع أزمة الكهرباء والوقود في سورية، يصور الفيلم المسنة الحاجة مروش التي وجدت نفسها مضطرة إلى العودة لاستخدام الحطب في الطهو والتدفئة.
وفي مدينة سراقب بريف إدلب تقوم الشابة صفاء بالغناء للثورة السورية، ووالدها من يكتب لها الأغاني والأناشيد ويقوم بالعزف على آلة العود.
كما قامت الشابة الصغيرة سنا بتأسيس فرقة من أطفال المعتقلين في السجون السورية في بلدة أطمة وعملت على تدريبهم على الرقص والغناء وأعمال المسرح، ليقدموا العروض بإمكانيات بسيطة، ويجولوا في مخيمات النازحين عبر العروض المسرحية والأناشيد والرقص ويتفاعلوا مع الأطفال.
ويشير الفيلم إلى اشتداد الهجمات وعمليات القصف الجوي، تبعات التدخل العسكري الروسي وزيادة وتيرة الهجمات الجوية العنيفة على مناطق سيطرة المعارضة، وكذلك الهجمات الجوية التي طالت عدة مشافٍ ومراكز طبية، وتسببت في تعطيل المرافق الطبية وتدمير مستشفيات.
وجراء إحدى الهجمات الجوية تعرضت مستشفى أطباء بلا حدود في معرة النعمان بريف إدلب إلى تدمير كامل، وكانت من بين المصابين الممرضة إباء.
وعن بدايات عمل أسامة جمعة في العمل الإعلامي، قال يحيى، إنه منذ بداية الثورة السورية تعرف الصحفي مدين ديرية على عائلة أسامة، التي كانت تستضيفه لفترات طويلة حين ذهابه إلى سورية لتغطية الأوضاع هناك، حيث كانت عائلةً مضيافة ولطيفة جداً مع مدين.
وأبدى أسامة منذ صغره أهتماماً وشغفاً كبيراً في كاميرات مدين، حيث اعرب له عن رغبته في تعلم كيفية استخدامها في الوقت الذي كان فيه مدين مقيماً مع عائلته.
بعد ذلك، تدرب أسامة في تركيا في مجال الصحافة والتصوير وكذلك إنتاج الأفلام الوثائقية مع وكالة “IMAGESLIVE”، كما تدرب على الأرض في سورية من قبل ديرية.
ويشير يحيى إلى أن ديرية كان يركز في تدريبه لجمعة على ضرورة الاستقلال والحيادية والموضوعية بالإضافة إلى سلامة الصحفي أثناء تغطية الأخبار .
ويقول محدثنا إن أسامة كان مستوعباً لمبادئ الصحافة بسهولة بالغة بخلاف العديد من الشبان الآخرين، كما أنه لم ينضم لأي من الجهات العسكرية او أي حزب أو منظمة، وبالتالي حافظ على نهج غير منحاز، الأمر الذي انعكس في حياديته ومهنيته العالية كصحفي.
وواصل أسامة تصوير ما بدأه مدين بتوثيق ومتابعة قصة نساء سوريات، وسافر الى عدة مناطق لمتابعة ومعاينة يومياتهن في الوقت التي كانت تتعرض مدينة حلب الى حملة قصف مكثفة من الجو والبر.
وفي الخامس من حزيران/ يونيو عام 2016 قضى الصحفي أسامة جمعة عن عمر يناهز العشرين عاماً، إثر إصابته بشظايا قذيفة أطلقتها مدفعية النظام السوري في حي المشهد في حلب.
وكان أسامة قد ذهب إلى ذلك الحي لتصوير عملية إنقاذ الضحايا المدنيين العالقين تحت الأنقاض بعد القصف بالبراميل المتفجرة .
وهنا يوضح يحيى، أن أسامة استقل سيارة الإسعاف المتوجهة إلى مكان القصف، وبمجرد وصولها إلى المكان تعرضت للقصف بالقذائف فأصيب أسامة الذي كان بداخلها، وعندما حاول السائق المسعف عبدالعزيز سرحة إنقاذ أسامة سقطت قذيفة أخرى لتودي بحياتهما معاً.