نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
واضعةً على واجهتها علم الأردن، تشارك، بالتالي، شركة غوغل google، احتفالات الأردن بعيد استقلالها السادس والسبعين.
وأما أصل الحكاية فهو أن الملك عبد الله الأول ابن الشريف الحسين بن علي، وبدعوة من بريطانيا العظمى، وكانت أيامها بدأت تتنازل، باطّراد، عن كونها عظمى، دعت الملك الهاشميّ الأول للأردن، كي يقوم بزيارة مطوّلة إلى البلاد الإنكليزية، وهذا ما حدث فعلاً، وبعد زيارة امتدت لأكثر من مائة يوم، عاد عبد الله الأول وفي جعبته لشعبه أخبار مفرحة، أعلنها خلال استعراض عسكري أُقيم، أيامها، في ساحة واسعة تابعة لمطار ماركا الدولي وكان حينها عسكرياً.
وعليه، وفي 25 أيار/مايو عام 1946، التأم المجلس التشريعي الأردني وتُلي فيه القرار التاريخي بإعلان استقلال المملكة بما يلي: “وبمقتضى اختصاص المجلس الدستوري، تقرر بالإجماع إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً، وذات حكومة ملكية وراثية نيابية، والبيعة بالملك “سيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين”، بوصفه “ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية”.
وألقى الملك المؤسس وقتها خطاباً، قال فيه: “وإننا في مواجهة أعباء ملكنا وتعاليم شرعنا وميراث أسلافنا لمثابرون على خدمة شعبنا والتمكين لبلادنا والتعاون مع إخواننا ملوك العرب ورؤسائهم لخير العرب جميعاً ومجد الإنسانية كلها”. وصادق على قرار إعلان الاستقلال، مصدِراً أول إرادة ملكية.
وفي استعراض عسكري جرى في مطار ماركا، الذي سُمّي فيما بعد قاعدة الملك عبدالله الأول، قال الملك المؤسس: “جيشنا الباسل يسرنا أن نرى في مجالك عزة الوطن والقدرة القومية في الدفاع عن الحوزة وصيانة الحق، وأن تكون تحيتك لنا رمزاً لطاعة الجندي وفنائه المطلق في خدمة العلم والوطن والقيادة”.
أوّل قانون أساسي
قبل ذلك، وفي 16 نيسان/ إبريل 1928، وضع الأمير عبدالله بن الحسين أول قانون أساسي للبلاد، تناولت فصوله السبعة حقوق الشعب وواجباته، والتشريع والقضاء والإدارة، ونفاذ القوانين والأحكام.
وجرت بعدها أول انتخابات تشريعية، تبعها افتتاح الدورة الأولى للمجلس التشريعي الأول المنعقد في شرق الأردن في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1929.
ووقعت في 22 آذار/ مارس 1946 معاهدة بريطانية-أردنية، أنهت الانتداب البريطاني، ونصّت على الاعتراف بالأردن دولة مستقلة ذات سيادة والأمير عبدالله ملكاً عليها.
وبعد إعلان الاستقلال بأيام في مؤتمر قمة “أنشاص” في مصر، أعلن ملوك ورؤساء الدول العربية وفي مقدمتهم الملك المؤسس أن القضية الفلسطينية تهم سائر العرب، وليس الفلسطينيين وحدهم.
وصادق المجلس التشريعي في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1946 على دستور جديد، ثم شُكّلت أول حكومة في عهد الاستقلال في 4 آذار/ مارس 1947، وجرت في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1947 أول انتخابات برلمانية على أساس الدستور الجديد.
وفي عام 1948، قدّم الجيش العربي مئات الشهداء دفاعاً عن فلسطين والقدس.
وزارة موحدة للضفتين
في كانون الثاني/ يناير 1948، وافق مجلس الأمة على قرارات مؤتمر “أريحا” الذي نادى بالوحدة الأردنية الفلسطينية، وتشكّل المجلس النيابي الأول بعد الوحدة في نيسان/ إبريل 1950، ثم تشكّلت أوّل وزارة موحدة للضفتين برئاسة سعيد المفتي، وصادق الملك المؤسس على قرار الوحدة الصادر عن المجلس بتاريخ 24 نيسان/ إبريل من العام ذاته.
وفي 20 تموز/ يوليو 1951، استشهد الملك المؤسس على عتبات المسجد الأقصى في القدس.
اعتلى الملك طلال، عرش الأردن عام 1951 وحتى 1952، وخلال حكمه أصدر الدستور الأردني في الثامن من كانون الثاني/ يناير 1952، كأول دستور وحدوي عربي، نص على إعلان ارتباط الأردن عضوياً بالأمة العربية، وتجسيد الفكر القومي للثورة العربية الكبرى.
واتخذ الأردن في عهده قراراً يقضي بجعل التعليم إلزامياً ومجانياً، إضافة إلى إبرام اتفاقية الضمان الجماعي العربي، وتأليف مجلس الدفاع المشترك، وإنشاء ديوان المحاسبة.
تعريب قيادة الجيش العربي
منذ أن تسلم الملك الحسين بن طلال سلطاته الدستورية في الثاني من أيار/ مايو 1953، بدأ عهد البناء والتقدم والنهضة الشاملة، وفي عام 1956 اتخذ الحسين قراراً بتعريب قيادة الجيش العربي، وعزل الجنرال الإنجليزي كلوب من قيادة الجيش العربي الأردني.
بعد حرب 1967 أدّت الجهود الأردنية الدبلوماسية بقيادة الحسين إلى إصدار القرار الأممي رقم 242 في تشرين الثاني/ نوفمبر 1967 واشتمل على معادلة انسحاب شامل مقابل سلام شامل، والاعتراف بحق الجميع في العيش بسلام في المنطقة.
في عام 1968، ألحق الجيش الأردني أول هزيمة بإسرائيل في معركة الكرامة، التي رفض الملك الحسين وقف إطلاق النار فيها حتى انسحاب آخِر جندي “إسرائيلي” من الأراضي الأردنية.
في عام 1988، اتخذ الأردن قراراً تاريخياً بفكّ الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، بعد أن كان قد اعترف في 1974، وبناء على توصيات القمة العربية في الرباط بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
في عام 1989، انعقدت أول انتخابات نيابية بعد قرار فكّ الارتباط، وفي عام 1991 قام الملك الحسين بدور جوهري في انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، وفي توفير مظلة تمكن الفلسطينيين من التفاوض حول مستقبلهم كجزء من وفد “أردني- فلسطيني” مشترك.
في عام 1994، وقّع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل تضمنت الاعتراف بدور الأردن في محادثات المرحلة النهائية بين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” خاصة فيما يتعلق بالقدس واللاجئين والنازحين والعلاقة المستقبلية بين الأردن والدولة الفلسطينية.
في السابع من شباط/ فبراير 1999، رحل الملك الحسين بن طلال، فصار هذا اليوم يحمل اسم “يوم الوفاء والبيعة”: الوفاء للملك الحسين، والبيعة للملك عبدالله الثاني بن الحسين، الذي تسلّم سلطاته الدستورية، ملكاً للأردن.