نداء بوست- محمد جميل خضر
تجدر الإشارة بداية أن هناك فيلمين يحملان هذا العنوان تقريباً: الفيلم الروائي النيجيري الطويل The Man of God “رجل الله” الذي نحن بصدد الحديث عنه والمُنتج عام 2022، وفيلم روائي يوناني طويل يحمل عنوان Man of God ومنتج عام 2021، من تأليف وإخراج يلينا بوبوفيك Yelena Popovic، وهو يتناول قصة القديس نكتاريوس من مدينة إيجينا الذي يُدان دون محاكمة فيُنفى ظلماً وتتحول المحبة إلى كراهية خلال دروب الإيمان والتبشير بكلمة الله.
في الفيلم النيجري يسلّط المخرج بيلونلي أوستن-بيترز، كشّافات جريئة السطوع على قضية الاتجار بالدين، ويضع على لسان واحدة من أبطال الفيلم جملة حادة النقد: “أكثر مصادر جني المال في بلادنا تهريب السلاح والمخدرات وافتتاح كنيسة”. هو فيلم عن أولاد الضلالة، وعن الآباء القساة، وخصوصاً القسوة باسم الدين “سأظل أضربك حتى تخرج الظلمات منك” يقول الأب الراهب لابنه الضال. في ذروة غضب الابن وإحساسه بالحنق على كل شيء، وقد تركت العصا ندباً لا تمّحى فوق ظهره، يقول لأمّه “يوماً ما سأغادر هذا البيت ولن أعود إليه” وهو بالضبط ما يفعله لاحقاً.
تتقلّب أحوال الابن الضال صامويل (الممثل النيجيري أكاه نناني Akah Nnani)، وتصل خياراته أقسى ما يمكن أن يختاره إنسان وجهة لدروب حياته؛ يغني، يقامر بلحظات العمر، إلى أن يقرر أن يسلك دروب والده القديس؛ يفتتح كنيسة ولكن ليس من الزاوية النقية (وإن كانت قاسية) التي يمثلها والده، بل من زاوية الاستثمار في هذا الحقل الذي كشف الفيلم عن فسادٍ مفجعٍ فيه. لا يتوانى الفيلم خلال دقائقه الـ 111، عن إماطة اللثام عن ثروات رجال الدين النصابين هؤلاء، وعن عرض طرق تنويمهم المغناطيسي للمؤمنين البسطاء الطارقين أبواب دور العبادة هذه أملًا بالتقاط أنوار اليقين، وبحثاً عن ملاذ آمن يقيهم شرور العالم، فإذا بالشر كله بتلك العيون المحدقة نحو جيوبهم مهما قلّ المبلغ المخزون فيها، فسوف يؤتي جمعه المنهجي المتواصل أكله، ويثرى رجال الدين ويبقى أتباعهم على حالهم فقراء مخدوعين.
باستثناء هذه الرسالة الجوهرية داخل أحداث الفيلم، فإن باقي تفاصيله وقصصه تقع في معظم حلول مخرجه داخل حبال نمطية تفتقد إلى الدهشة وتخلو من الابتكار.