نداء بوست- محمد جميل خضر
عن رأسمالية تحقيق الأحلام غير الممكنة، تدور أحداث الفيلم النيجيري الأمريكي الروائي (الحقيقي) الطويل Rise “صعود”، من إخراج أكِن أوموتوسو.
عن زوج وزوجته غادرا بلدهما نيجيريا، تاركين هناك عند والدة الزوجة رضيعهما بحثاً عن فرص أفضل في اليونان. عن تجهّم (أصحاب البلد)، ونفورهم من اللائذين ببلدهم حتى ولو كانوا من أتباع ديانتهم. بـ(تناحة) يواجه Charles Antetokounmpo (أدى دوره Dayo Okeniyi) وزوجته Veronika Antetokounmpo (أدت دورها Yetide Badaki)، كل ما يتعرضان له من عنصرية سامة. وبمثابرة يواصلان إنجاب الأولاد لعل أبناءً ولدوا في اليونان يمنحونهما وأسرتهما، التي ظلت تكبر، الجنسية اليونانية. يُظهر اثنان من أولادهما، بطولهما الفارع، مهارات لافتة في لعبة كرة السلة. تبدأ دوامة الاستثمار بهما؛ وكلاء، على رؤساء أندية، على نصابين، على رافضين فكرة تمكينهم من اللعب في بلاد اليونان، إلى أن يقرر الوالد إنجاز قفزة في الهواء: إرسال واحد منهما للاحتراف في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في بدايات استقطاب أمريكا لاعبين من بلاد الآخرين (تدور أحداث الفيلم في فترة نهاية ثمانينيات القرن الماضي).
بعنتٍ، ومدٍّ وجزرٍ، يتحقق حلم الأسرة المتناغمة فيما بينها حول موضوع عشق أمريكا واليونان والغرب عموماً. بقليل من الحبكة الدرامية بعيداً عن القصة الحقيقية لهذين اللاعبين، وفي تقليد (أعرج) للفيلم الأمريكي King Richard “الملك ريتشارد” بطولة ويل سميث عن قصة الشقيقتين فينوس وسيرينا ويليامز نجمتَي التنس الأرضي العالميتيْن، يحصر أوموتوسو نفسه في الفيلم المنتج هذا العام 2022، داخل تفاصيل القصة الحقيقية، مكتفياً من الدراما بأقلها، غافلاً عن جماليات السينما، مهملاً لممكنات التشويق القائم على بهارات الحوار، وتجليات التفاصيل الصغيرة التي كان من الممكن إضافة بعضها دون المساس بالهيكل العام للقصة في بعدها التوثيقي.
الرأسمالية تفعل الأعاجيب، ربما هذا أهم ما أراد الفيلم في (113 دقيقة) قوله لنا، فبين ليلة وضحاها أصبحت العائلة ثرية، ولديها ثلاثة أولاد يلعبون في دوري المحترفين الأمريكي NBA، حتى أنها ضمّت إليها، لاحقاً، الولد الذى كبر وترعرع في البلد الأم نيجيريا. لكنه في الحقيقة نظام فرص مستند إلى عقلية رأسمالية احتكارية تغري الشباب الطامح بالاحتكام لها، وتركز حين تود الاستفادة من الميديا والإعلام والأفلام، على قصص النجاح، رغم أن كل قصة نجاح تسبقها، وتلحقها، حتماً، عشرات قصص التعثر، وربما الضياع. على كل حال لا بأس بالطموح المستند إلى عقلٍ رشيدٍ ومبادئ راسخة.