“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
كشفت وثيقة مسرّبة من رئاسة جمهورية العراق، عن مرسوم جمهوري يحمل توقيع رئيس الجمهورية برهم صالح, يعفو فيه عن المدان جواد لؤي جواد عما تبقى من مدة محكوميته. وبحسب الوثيقة، التي اطّلع عليها “نداء بوست”، فإن قرار العفو الخاص جاء بناءً على توصية من رئيس مجلس الوزراء.
وأثار صدور العفو الخاص موجةً من الانتقادات بين الأوساط السياسية والشعبية، بوصفه انتهاكاً صارخاً للقضاء العراقي وحتى للمجتمع.
وجاء بعد أيام قليلة على اغتيال القاضي المتخصص بقضايا المخدِّرات في محكمة استئناف محافظة “ميسان”، أحمد فيصل الساعدي، من طرف مسلحين مجهولين، حيث توعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ومجلس القضاء الأعلى بإنزال القصاص بحق المتورطين باغتياله.
وقال الخبير القانوني مخلد حازم، في تصريح لوسائل الإعلام المحلية: إن “رئيس الجمهورية برهم صالح كان عليه ألاّ يصدر هذا القرار كونه يمثل انتهاكاً صارخاً للمواطن العراقي والقضاء والمجتمع”.
وأضاف: إن “العراقيين يتطلّعون لعراق خالٍ من آفة المخدِّرات، ودعم نزاهة القضاء، لكن ما قام به رئيس الجمهورية هو نسف لجميع الأعراف”، مبيناً أن “هناك الكثير من المحكومين بقضايا مخدِّرات داخل السجون، وسوف يطالبون بمساواتهم بالمتهم الذي صدر به قرار عفو خاصّ”.
وتنص المادة الثامنة والعشرون “أولاً” من قانون العقوبات العراقي على أن “يُعاقَب بالسَّجْن المؤبد أو المؤقت، وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار، ولا تزيد على ثلاثين مليون دينار كل مَن حاز، أو أحرز أو اشترى أو باع أو تملّك موادَّ مخدرةً، أو مؤثرات عقليةً، أو سلائف كيميائيةً، أو نباتاً من النباتات التي تنتج عنها مواد مخدرة، أو مؤثرات عقلية، أو سلّمها، أو تسلّمها، أو نقلها، أو تنازل عنها، أو تبادل فيها، أو صرفها بأية صفة كانت، أو توسّط في شيء من ذلك، بقصد الاتجار فيها بأية صورة، وذلك في غير الأحوال التي أجازها القانون”.
وأوضح المحلل السياسي أحمد المياحي أن “قرار العفو جاء بناءً على صفقة سياسية بين المحافظ السابق لؤي الياسري والتيار الصدري مع الرئاسات الثلاث”، مبيناً أن “القرار يمثّل تعدياً واضحاً على الدستور”.
وتابع أن “العفو عن تاجر مخدِّرات هو فضيحة من العيار الثقيل، حيث إن الجريمة ليست جنائيةً مع شخص وتنازل عنها ذوو الضحية، وإنما جريمة تفتك بالشباب العراقي، وصلاحية إصدار عفو خاص غير مرتبط بجرائم تخص عموم الشعب، وهذا مبدأ أخلاقي، وهنا فقد الأخلاق والمبادئ التي بُني عليها النظام السياسي والنظام المجتمعي”.
وأردف المياحي أن “القرار الجمهوري سوف يعطي رسائل خطيرةً مفادها أن أبناء المسؤولين لهم حصانة جنائية، وهذه سوف تفتك بالمجتمع، وتؤدي إلى اختلال التوازن بين أفراد الشعب، وتزايُد نفوذ الطبقة الأوليغارشية”.
وإثر موجة الانتقادات التي وُجّهت إلى هذا المرسوم، اضطُرَّ الرئيس برهم صالح إلى سحبه، اليوم الإثنين. وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن “رئيس الجمهورية برهم صالح وجّه بسحب المرسوميْنِ الجمهورييْنِ المرقميْنِ (1، 2)، وذلك خلال اجتماع عاجل مع اللجنة التحقيقية المُشكَّلة في رئاسة الجمهورية حولهما”.