نداء بوست – سليمان سباعي- حمص
ماذا تنتظر من نظام يقف متفرجاً على أبناء شعبه وهم يضحّون بأغلى ما يملكون (أطفالهم وزوجاتهم وأرواحهم)، مقابل أن يتمكنوا من الهروب خارج أسوار الوطن، الذي أصبح مرهقاً بكل المعايير المعيشية والخدمية والأمنية؟
رغم حادثة غرق مئة سوري في مركب طرطوس، والتي ضجّت بها وسائل الإعلام العربية والعالمية، إلا أنها لا تمثّل إلا جزءاً يسيراً مما يعانيه أبناء الشعب السوري داخل وخارج الأراضي السورية على حدّ سواء.
أصبح حامل الجنسية السورية مُهاناً أينما ذهب لا سيما بعض الدول العربية، التي باتت تتفنن شريحة واسعة من شعوبها بإذلال الشاب السوري، محملين إياه مصائب بلادهم وفشل حكوماتهم وسرقات مسؤوليهم التي أوصلتهم إلى ما هم عليه الآن.
كيف لهذا النظام الذي ترعرع على أشلاء أجساد أبناء شعبه، أن يدرك ألا حياة رغيدة وكريمة لأبناء سورية إلا بزواله عن سدّة الحكم، كيف لنا أن نقنع أطفالنا بضرورة حبّ الوطن وقائد الوطن ورموز الوطن؟ وهم الذين ترعرعوا بين الملاجئ، وفي أحضان أمهاتهم للهرب من صواريخ انهالت على حدائقهم ومنازلهم لعشرة أعوام متتالية.
كيف يمكن إقناع من بلغ سن الرشد بالبقاء في الوطن، وعدم المجازفة بحياته والتفكير بكيفية بناء مستقبله بين أحجار الطرقات التي رصفتها قدماه ذهاباً وإياباً، وهو هارب من دوريات الاعتقال ودبابات النظام التي اقتحمت منزله البسيط؟
هل بات لدى أحدنا الجرأة على منع أخيه أو أحد أقربائه، من التفكير بإخراج أطفاله وزوجته والمجازفة بأرواحهم، بعيداً عن رائحة “الياسمين الدمشقي” الذي دهسته أحذية جيش بلاده؟
كيف لنا أن نعيش بعد الآن.. شواهد المقابر توبخنا كل يوم ألف مرة، ونحن نقرأ أسماء أصدقائنا الذين قضوا، والذين أقسمنا معهم على إكمال الطريق لنَيْل حريتنا من نظام البعث المستبد.
كيف لنا أن نهنأ بيوم جديد؟ وآلاف المعتقلين من أقربائنا وأصدقائنا قابعون في غياهب السجون وأقبية أفرع المخابرات، يتأملون ولو للحظة أن ترى أجسادهم نور الشمس الذي حجبته حراب البنادق ودخان الحرب النتنة، التي بدأها نظامٌ منح جميع خيرات بلاده للمستعمرين الروس والإيرانيين وغيرهم الكثير من الميليشيات، ليُرمِّموا عرش الطغاة الذي آل للسقوط مع انطلاق ثورة الحرية والكرامة.
لسان العديد من الشباب الذين يقبعون تحت سلطة النظام الفاشي في سورية، من علويين ومسلمين ومسيحيين، بات يقول بالفم الملآن: افتحوا الحدود ودعونا نخرج بسلام آمنين وهنيئاً لكم وطناً دون شعب.