نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
بروحهم الجبلية المتوثّبة، بقسوة تضاريس بلادهم الأُم دخل رَاقِصُو فرقة نادي الجيل الجديد وراقصاتها، منصة الجنوبي ضِمن فعّاليات الدورة 36 من مهرجان جرش للثقافة والفنون المتواصل في الأردن حتى مساء بعد غد السبت السادس من آب/ أغسطس 2022، محمَّلين بزهو 60 عاماً من عمر الفرقة التي تأسَّست في عام 1962، ملوِّنين سماء الليلة السادسة من ليالي المسرح الجنوبي، بألوان القفقاس، وأزياء التراث الشركسيّ العريق.
تعاقبت الأجيال التي شاركت بالفرقة على مرّ تاريخها، استلهام الماضي من أجل آفاق المستقبل، ظهر جلياً في الفقرات التي قدمتها الفرقة، وفي التناغم الأخّاذ بين الموسيقى والتشكيلات التي عكست اللوحات الفلكلورية، ومنها لوحة رقصة الجبليِّين الآتية من قِمم الجبال الشاهقة.
تضمّنت أمسية فرقة نادي الجيل الجديد عزفاً منفرداً على آلة الأوكورديون، مرّة عزف عليها رامي داروقة الذي استضافته الفرقة من القفقاس حيث يقيم منذ 12 عاماً. ومرّة ثانية عزف على الأوكورديون عضو النادي إبراهيم شوباش الذي يعاني من إعاقة بصرية.
على وجه العموم، يعكس الفلكلور الشركسي التنوّع الثقافي والفلكلوري للشعب الشركسي وتأثر قبائله بطبيعة المناطق التي عاشت بها.
تأسَّس نادي الجيل الجديد في عام 1949 كنادٍ ثقافي، وفني، ورياضي، واجتماعي بهدف الحفاظ على الموروث الثقافي والفولكلوري الشركسي في الأردن، وفي عام 1962 تأسَّست فرقة نادي الجيل الجديد للفلكلور الشركسي بشكل رسمي ومنذ تأسيسها شاركت الفرقة كممثل عن الأردن في العديد من المهرجانات والعروض المحلية والعالمية ونالت العديد من الجوائز وشهادات التقدير.
وخلال مسيرتها شاركت الفرقة في 26 دورة سابقة من دورات مهرجان جرش للثقافة والفنون التي تقام دورته لهذا العام تحت عنوان “نوّرت ليالينا”.
الشركس، أو الأُديغة، أو الأوديغا، كما في تسميات أخرى، هم أقدم من سكن منطقة شمال القفقاس الجبلية. وهم معروفون بفروسيتهم وشجاعتهم الأسطورية ونبل عاداتهم وتقاليدهم.
يتكون الشعب الشركسي من عدة قبائل عاشت في مناطق مختلفة في شمال القفقاس التي تتميز بتنوع كبير في الطبيعة والتضاريس.
فعاشت بعض القبائل في المناطق الجبلية بالقرب من القمم الشاهقة والبعض في أراضي السهول الخضراء اللامتناهية، والبعض الآخر عند شواطئ البحر الأسود الساحرة.
تعرضوا خلال سيرورة وجودهم فوق أرض أجدادهم لمِحَن كبرى، مرّة على يد القيصرية الروسية، ومرّة على يد الشيوعية السوفياتية، وهي مِحَن جعلتهم يركبون مرغمين موجات النزوح القسريّ عن الأوطان، فشرّقوا وغرّبوا، عدد كبير منهم استقرّ في تركيا نصيرتهم التاريخية، ومنهم مَن واصل دروب الغربة فاستقرّ في فلسطين، وآخرون في سورية، وفي الأردن، وفي العراق، وفي مصر. ولكنهم، ورغم كل هذا الشتات الأليم، حافظوا على: عاداتهم، لغتهم الأم، فنونهم، علاقاتهم الاجتماعية بينهم، وربما الأهم حفاظهم على اعتدادهم بأنفسهم.