نداء بوست – عبدالله العمري- الحسكة
مع اقتراب عيد الفطر تغيب مظاهر الاحتفال المعهودة في شوارع مدن الحسكة والرقة ودير الزور، نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تشهدها المنطقة وتردِّي الواقع المعيشي للأهالي.
ويعد الأطفال الخاسر الأكبر جرّاء موجة الغلاء التي بددت فرحتهم بقدوم العيد حيث إن أغلب العوائل ليس بمقدورها تأمين مستلزمات المناسبة من ملابس وحلويات وغيرها.
وتقول السيدة أم ريتال في حديثها لـ”نداء بوست”: إنها جابت وابنتاها معظم محال بيع ألبسة الأطفال في مدينة الحسكة وتنقلت من شارع إلى آخر في محاولة منها للعثور على ما يناسب طفلتيها البالغتين من العمر خمس سنوات وثلاث سنوات والأهم ما يتناسب مع قدرتها المالية.
كذلك يقول المعلم المتقاعد سمير: إنه قام بجولة داخل محلات بيع ضيافة العيد استغرقت أربع ساعات في محاولة لتوفير أدنى المتطلبات والاحتياجات الأساسية لهذه المناسبة.
وأضاف: “لكني دُهشت عندما رأيت لوائح الأسعار بالنسبة للحلويات والسكاكر فأسرتي المكونة من خمسة أشخاص تحتاج إلى ما يقارب 200 ألف ليرة سورية لشراء صنفين فقط من السكاكر أي ما يعادل راتب شهرين ونصف من رواتبي التقاعدية”.
وأعرب سمير عن أمله في أن تنخفض الأسعار حتى يتمكن الجميع من عيش فرحة العيد مجدداً بعد شراء حاجياتهم، وليس الاكتفاء بالسؤال كما هو الحال اليوم.
من جانبه، يقول أبو يوسف وهو عامل في معبر رأس العين: إن العيد بعد أن كان رمزاً للبهجة والفرح تحوَّل إلى عبء يُثقل كاهل العائلات ذات الدخل المحدود التي لا تستطيع تلبية طلبات أطفالها وخاصة شراء الملابس الجديدة في ظل ارتفاع الأسعار الكبير.
ووصلت أسعار ألبسة الأطفال إلى 35 ألفاً لبنطال الجينز، والحذاء إلى 25 ألفاً، بينما يبلغ سعر فستان الفتيات الصغيرات 70 ألفاً على الأقل.
وأوضح أبو يوسف أنه في حال أراد شراء فستان لابنته الوحيدة ولطفليه، فإنه بحاجة إلى 250 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 1000 ليرة تركية تقريباً.
وأشار إلى أن أجرته اليومية لا تتعدى الأربعين ليرة تركية، ومع ذلك يعتبر نفسه أفضل حالاً من غيره حيث وجد عملاً وإن لم يكن دائماً.
مصطفى الأحمد صاحب محل لبيع الحلويات والسكاكر وسط مدينة رأس العين قال لـ”نداء بوست”: إن معظم العائلات لا تستطيع شراء مستلزمات العيد بسبب ارتفاع الأسعار الكبير.
وفي ذات الوقت، أشار الأحمد إلى أن حركة السوق مقبولة رغم أنها لا تقارن مع الأعوام السابقة، ويعود الفضل في ذلك إلى وجود قسم لا بأس به من العائلات تعتمد على الحوالات المالية المرسلة إليها من الخارج.
أما في مدينة الرقة، فغابت طقوسها الخاصة التي تُعرف بها في أيام العيد والتي تبدأ عادة مع شهر رمضان حيث جرت العادة أن يبدأ الأهالي منذ الأسبوع الثاني من الشهر المبارك في التجول داخل الأسواق عقب الإفطار وصلاة العشاء لمعرفة الأسعار والاطلاع عليها.
ويُعَدّ شارعَا تل أبيض والمنصور أهم منطقتين يقصدهما أهالي الرقة بهدف التسوق، ومن أهم المناطق الحيوية ذات النشاط التجاري في المدينة.
ويقول أحد أصحاب محال بيع الألبسة في شارع تل أبيض: إن الازدحام شديد داخل الأسواق ولكن دون وجود عمليات بيع وشراء، فالكل يسأل عن الأسعار ويغادر.
وأضاف أن المدينة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الألبسة وبخاصة ألبسة الأطفال مقارنة بالعام السابق بسبب ارتفاع أسعار صرف الدولار.
أما أم عمر وهي أم لثلاثة أطفال فقدت زوجها أثناء سيطرة “داعش” على المدينة وبقيت دون معيل، قالت في حديثها لـ”نداء بوست”: إنها اضطُرَّت للتوجه إلى محلات بيع الألبسة المستعملة (البالة) لسدّ احتياجات أسرتها من ملابس العيد.
وأوضحت أن محال البالة انتشرت بشكل واسع في مدينة الرقة نتيجة إقبال الأهالي عليها حيث يبلغ ثمن أغلى قطعة ما بين 3000 آلاف وحتى 5000 آلاف.
وتشهد أسواق معظم المدن السورية ركوداً غير مسبوق، على غير ما جرت عليه العادة في هذا الوقت من العام، نتيجة الضائقة المادية التي تمر بها أغلب الأسر وارتفاع الأسعار غير المسبوق، تزامناً مع انخفاض قيمة الليرة السورية مقارنة بالدولار الأمريكي.