تشير استطلاعات الرأي إلى أن خيار العودة للموطن الأصلي هو الخيار المفضل لدى معظم اللاجئين الهاربين من مناطق الصراعات، لكن دراسة بيانات اللجوء والعودة الصادرة عن الأمم المتحدة تقول إن واحداً من كل ثلاثة فقط يعود، حيث يربط اللاجئون الاستجابة للعواطف والحنين للوطن والأهل بتحسن الظروف الأمنية والاقتصادية وتوفر الخدمات والسكن في الموطن الأصلي.
إن انهيار ثقة اللاجئين بالوضع الأمني في موطنهم الأصلي يمنعهم عادة من اتخاذ قرار العودة، وهذا يشمل انهيار الثقة بالحكومة، أو الميليشيات، أو مكونات المجتمع الأخرى في المجتمعات المتعددة المكونات، فمثلاً لم يَعُدِ الكثير من اللاجئين العراقيين عندما أصدرت حكومة العراق في التسعينيات عفواً عاماً ذلك بأنهم اعتقدوا أن العفو هو مجرد فخّ لدفعهم للعودة ومن ثَم قتلهم، لذلك يجب لتيسير عودة اللاجئين بناء هياكل سياسية وآليات قانونية متينة في الموطن الأصلي تراعي هذه المخاوف الأمنية.
يؤدي الصراع العسكري إلى تدمير البنية التحتية للخدمات الضرورية التي يحتاجها السكان للحياة، مثل مياه الشرب والكهرباء والطرق المعبدة والرعاية الصحية والتعليم لأطفالهم، وفقدان هذه الخدمات في الموطن الأصلي يدفع اللاجئين للتردد في اتخاذ قرار العودة، ورغم أن بعضهم قد يعودون بناء على وعود بتوفير تلك الخدمات تدريجياً، إلا أن عدم توفيرها خلال فترة من الزمن يدفع الكثير من العائدين لترك موطنهم مرة ثانية.
هناك جزء من اللاجئين الذين تعرضت مساكنهم في مواطنهم الأصلية للتدمير غير قادرين على إعادة بنائها، لذلك من الضروري في سبيل تيسير العودة مراعاة احتياجهم لمساعدات جدية في إعادة بناء منازلهم المدمرة، ولعل برنامج الإسكان الإقليمي في دول يوغوسلافيا السابقة الذي وفر السكن لما يقرب من 12000 أسرة والذي مولته بشكل رئيسي المفوضية الأوربية مثال على المساعدات التي يمكن تقديمها، وبشكل عامّ تشير التجارب الدولية إلى أن استعادة المساكن عامل مهم في دفع اللاجئين للعودة.
أيضاً يعاني الكثير من العائدين من نقص فرص العمل، ولعل السبب في ذلك أن الصراع يُضعف البنية الاقتصادية بسبب غياب فئات اجتماعية كثيرة، لذلك يعاني العائدون أيضاً من مستويات عالية من البطالة في البداية، وفي هذا السياق قد يساعد على اتخاذ القرار بالعودة الحصول على قروض وتدريب لبدء عمل جديد ومساعدات لحين البدء بالعمل.
إن توقف الصراع العسكري لا يكفي وحده لدفع اللاجئين للعودة، ذلك أن آثار الصراع من دمار وفقدان للأمن تبقى خلفه ويحتاج إزالتها لتنفيذ برامج خاصة سياسية وقانونية واجتماعية واقتصادية، ويتم الإشارة لهذه البرامج في أدبيات ونصوص الأمم المتحدة باسم “إعادة الإعمار”.