نداء بوست- سليمان سباعي- حمص
شهدت مجموعة من القرى والبلدات في ريف حمص الشمالي نشاطاً لافتاً لمكاتب التوعية الدينية الداعمة للتواجد الإيراني ونشر تعاليم المذهب الشيعي بين أبناء المنطقة، والتي أعلنت عن افتتاح عدّة مراكز تعليمية في الآونة الأخيرة مقابل منح المنتسبين مكافآت مالية مستغلة تردِّي الواقع المعيشي الذي يعاني منه سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في الداخل السوري.
مراسل “نداء بوست” في حمص قال: إن جمعية “نور الهدى” التي ذاع صيتها في محافظة حمص أعلنت عن افتتاح “حسينية” جديدة ضِمن قرية المختارية المعروفة بخليط سكانها “السُّني-الشِّيعي” بالتزامن مع تجنيد مجموعة من الشبان لاستقطاب أبناء القرية من “الطائفة السُّنية” لا سيما مَن يتراوح أعمارهم ما بين 8-14 عاماً لضمان ترسيخ أفكار المذهب الشيعي بحُجّة أنه من الضروري التعرف على باقي المذاهب الدينية.
وسبق أن تم الإعلان عن افتتاح دورات لتعليم أصول المذهب الشيعي ضِمن قرى النجمة والأشرفية وحوش الأمين في وقت سابق من العام الجاري، إلا أن الخطوة الأخيرة تُعتبر الأولى من نوعها إذْ إن قرية المختارية تضمّ شريحة واسعة من أبناء المذهب السُّني الذي بدأ القائمون على تسيير شؤون الجمعية باستقطاب أبنائهم لدخول تلك الدورات.
الدعوات التي أطلقتها جمعية “نور الهدى” التي يديرها المدعو “مهدي الحسن” أحد القياديين السابقين بميليشيا “لواء الرضى الشيعي” لاقت موجة من الاستنكار من قِبل الأهالي السُّنّة الذين تخوَّفوا من تغيير النهج العقائدي لأبنائهم من خلال الزجّ بهم ضمن الدورات المقامة داخل الحسينية الجديدة.
مصدر محلي من ريف حمص قال: إن التحركات التي تنتهجها الميليشيات، والمجموعات المتسترة بالغطاء الديني الموالية لطهران في المنطقة تنذر بكارثة على المدى القريب، إذْ إن الخطة السارية تهدف لتغيير الطابع الديني لسكان المنطقة، في ظلّ عدم جرأة الأهالي بالاعتراض على المشروع الديني مخافة الاعتقال من قِبل الميليشيات الإيرانية المتواجدة في الريف الشمالي.
وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه -لضرورات أمنية- بتخوف الأهالي من امتداد نشاط الجمعيات الدينية في المنطقة من بناء الحسينيات لبناء جوامع في المنطقة، الأمر الذي من شأنه التضييق عليهم ومنعهم من ممارسة شعائر المذهب السُّني في المنطقة في ظل عدم تواجُد أي رادع لتلك الجمعيات على المستوى الديني المتمثل بـ “مديرية أوقاف حمص” أو الحماية الأمنية اللازمة من قِبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري.
وأكد مراسل “نداء بوست” استغلال الميليشيات الإيرانية تردي الأوضاع المعيشية لأبناء المنطقة للدفع بهم للالتحاق بدورات تعليم “المذهب الشيعي” مقابل حصولهم على مكافآت مالية تُقدر بنحو 50 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 10 دولارات، يضاف إليها سلة غذائية.
في سياق متصل أنشأت جمعية “نور الهدى” عدّة حسينيات لممارسة شعائر وطقوس الدين الشيعي ضمن الأحياء “العلوية” وسط حمص كما هو واقع الحال بالنسبة لحي الزهراء والعباسية والأرمن، وسط موجة من الغضب الذي انتاب سكانها الذين أكدوا خلال حديثهم لمراسلنا أن تلك الحسينيات هي بمثابة وضع حجر أساس للتواجد الإيراني ضِمن معاقل النظام وداخل الأحياء التي ساندت قواته حتى آخر رمق خلال أحداث الثورة السورية.
وأفاد أحد سكان حي الأرمن ذات الخليط “المسيحي-العلوي” أن الحسينية التي افتتحت منتصف العام 2020 الماضي لم تشهد أي مظاهر دينية باستثناء نشر بعض العبارات واليافطات الشيعية خلال المناسبات الدينية وعلى رأسها “عاشوراء” الأمر الذي يؤكد أن الهدف من إنشائها هو أمني بحت بعيداً كل البُعد عما يتم الترويج له من قِبل القائمين على تلك الحسينيات.
وعلى الرغم من تلاقي المصالح الإستراتيجية على الأرض من قِبل حكومة النظام والميليشيات الإيرانية إلا أن كل طرف منهما يحاول فرض هيمنته على أكبر قدر من المساحة الجغرافية لمحافظة حمص، لا سيما بعدما تمكنت الميليشيات الإيرانية من فرض هيمنتها شِبه المطلقة على البادية السورية شرق حمص وصولاً إلى مدينة البوكمال شمال شرق سورية.
يُشار إلى أن جمعية “نور الهدى” تُعتبر الجهة الدينية الوحيدة المتواجدة ضِمن محافظة حمص وريفها الشمالي والتي نجحت بتأسيس مقرّ رئيسي لها بعدما فرضت قوات النظام والميليشيات الداعمة له سيطرتها على محافظة حمص وريفها بالكامل منتصف عام 2018 الماضي بموجب ضمانة روسية.