نداء بوست- أخبار الشرق الأوسط- أنقرة
في عام 1999 وفي مثل هذا اليوم نفذت الاستخبارات التركية عملية ناجحة تمكنت من خلالها من اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في دولة كينيا بعد هروبه من سورية.
وبعد اعتقاله تأكَّد الجانب التركي من الدور الذي يلعبه الرئيس السابق حافظ الأسد وابنه بشار في دعم تنظيم حزب العمال الكردستاني وتقويته ضد تركيا قبل انطلاق الثورة السورية وبعدها.
ويعود تاريخ وجود تنظيم حزب العمال الكردستاني في سورية إلى عام 1979، مع هروب زعيم التنظيم، عبد الله أوجلان إلى هناك.
حيث عقد الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، العديد من المؤتمرات والفعّاليات بإشراف نظام الأسد إبان حكم حافظ الأسد؛ حيث أدار أوجلان تنظيمه من هناك لمدة 19 عاماً.
وبحسب وكالة الأناضول فقد أعفى النظام السوري، الأكراد الذين ينتمون إلى حزب العمال، من خدمة الجيش، حتى أنه في تسعينيات القرن الماضي، شكل السوريون السواد الأكبر من التنظيم، بسبب دعم نظام الأسد وتسهيله الانضمام إليه.
كما قام نظام الأسد بدعم مسلحي "بي كا كا" لسنوات طويلة في مخيمات عسكرية، وهدف من وراء ذلك، إرسالهم إلى تركيا.
وبعد عدة سنوات من إيواء حافظ الأسد لأوجلان هددت أنقرة بغزو الأراضي السورية بذريعة دعم الأسد الأب للتنظيم، وإيواء زعيمه عبد الله أوجلان.
وفي ذلك الوقت نفى حافظ الأسد أن يكون أوجلان في سورية، لكنه منذ أن غادر تركيا في عام 1980، لجأ إلى سورية.
وتواصلت الضغوط التركية على نظام حافظ الأسد، حتى وصلت إلى ذروتها في عام 1998، حيث أكد وسيط اطلع على مسار هذه الأزمة، حسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، أن مبارك كان قد انتقل إلى دمشق حاملاً التحذير التركي.
والتقى مبارك حافظ الأسد باسم القيادة التركية ليطالبه بتسليم أوجلان، فكان رد الأسد أن أوجلان ليس في سورية، ليعود الجانب التركي فيزود مبارك بصورة لأوجلان خارجاً من منزله في دمشق، ثم تظهر الحشود التركية على الحدود مع سورية، ويقال: إن القوات التركية قد دخلت بالفعل جزءاً من الأراضي السورية انطلاقاً من نقطة غازي عنتاب الحدودية.
طرد أوجلان
في ذلك الحين اتخذ حافظ الأسد قراراً بطرد أوجلان بعد وصول تهديد بغزو الجيش التركي الأراضي السورية ووصولها إلى دمشق خلال ساعات قليلة، لصالح تحسين العلاقة مع تركيا التي رأى فيها سنداً مهماً لخليفته بشار الذي كان يتهيأ للحكم.
غادر الزعيم الكردي أوجلان إلى روسيا، لكنه سرعان ما أعيد إلى أوروبا، فحلّ في إيطاليا ضيفاً على الحكومة التي يتمتع فيها الشيوعيون بنفوذ قوي، ثم إلى اليونان التي كانت تحظى بعلاقات مميزة مع روسيا، قبل أن يغادر إلى إفريقيا نتيجة الضغط التركي والمطالبة بتسليمه.
وبعد القبض على أوجلان فرضت تركيا اتفاقاً مذلاً على حافظ الأسد بوساطة مصرية وإيرانية، جاء تحت عنوان اتفاق أضنة الشهير الذي نظم العلاقة بين الطرفين.
كما نص الاتفاق في الجزء السري منه على حق تركيا في ملاحقة "الإرهابيين" داخل الأراضي السورية وحتى مسافة 5 كيلومترات، كما نص أيضاً على وقف المطالبة السورية بإقليم هاتاي الحدودي التركي الذي تسكنه غالبية ناطقة بالعربية، وكانت سورية تعده حتى ذلك الحين "أرضاً محتلة".
وجاءت زيارة مبارك إلى أنقرة عام 1998 على رأس وفد أمني وسياسي كبير للاجتماع مع الرئيس التركي سليمان ديميريل، ورئيس وزرائه بولاند أجاويد، حاملاً معه موافقة حافظ الأسد على المطالب التركية كلها، بما في ذلك تنازُل الأسد عن مطالبة تركيا بلواء إسكندرون (إقليم هاتاي).
كما انتهت زيارة مبارك إلى أنقرة بصياغة مسودة للاتفاقية مع 4 ملاحق سرية يقال: إن من بينها حق التوغل، والتنازل عن المطالبة باللواء.
واجتمع الوفدان؛ السوري برئاسة اللواء عدنان بدر حسن، والتركي برئاسة السفير أوعور زيال، في يومَيْ 19 و20 من شهر أكتوبر من عام 1998، ووقَّعا على الاتفاقية التي لم يتطرق لها إعلام الأسد الأب والابن.
وضمّ الاتفاق 4 ملاحق تضمّنت المطالب التركية والتعهدات. كما نصّ على احتفاظ تركيا بممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، وفي المطالبة بـ"تعويض عادل" عن خسائرها في الأرواح والممتلكات، إذا لم تُوقف سورية دعمها لـ"حزب العمال الكردستاني" فوراً.
مَن هو أوجلان؟
وُلد عبد الله أوجلان في قرية أومرلي مركز خالفتي في شانلي أورفة. درس الثانوية ما بين فترتَيْ 1968-1966.
وبدأ الزعيم الكردي العمل في مصلحة المساحة الموجودة في ديار بكر منذ عام 1969، ثم انتقل من ديار بكر وذهب إلى إسطنبول وتولى إدارة مصلحة بكر قوي.
والتحق بكلية الحقوق في جامعة إسطنبول عام 1971. وفي نفس العام انتقل إلى كلية العلوم السياسية، جامعة أنقرة.
حيث حُكم عليه بالإعدام بموجب المادة 125 من القانون الجنائي التركي، الخاص بتشكيل التنظيمات المسلحة.
خُففت العقوبة للسجن مدى الحياة عندما ألغت تركيا عقوبة الإعدام دعماً لطلبها المقدَّم لعضوية الاتحاد الأوروبي، من عام 1999 حتى 2009، كان أوجلان في سجن انفرادي على جزيرة إيمرالي، في بحر مرمرة.
وفي تصريح له أكد أوجلان أن فترة الحرب المسلحة تعتبر من الماضي وأنه يجب العمل على الحل السياسي للمسألة الكردية.
وقد أودى النزاع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني بحياة أكثر من 40.000 شخص، من بينهم أعضاء في الحزب، والجيش التركي، ومدنيون، من الأكراد والأتراك على حد سواء.
وكان أوجلان التقى شقيقه محمد للمرة الأولى في سبتمبر 2016. وكانت ليلى غوفن النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي والمعتقلة منذ يناير 2018 بدأت إضراباً عن الطعام في سجنها في الثامن من نوفمبر رفضاً لظروف اعتقال أوجلان، وأكد الحزب يومها أن صحة الزعيم الكردي تدهورت إلى درجة "باتت حياته في خطر".
وفي 6 أغسطس 2019، إثر اجتماع لجنة التنسيق العسكرية الأمريكية-التركية، استقبل الزعيم الكردي المختطف لدى السلطات التركية عبد الله أوجلان محاميه، في ما يُعتقد أنه طلب "تركي-أمريكي" أن يُصدِر تعليماته إلى قوات حزب العمال الكردستاني للسماح بقيام تلك المنطقة الآمنة.
وفي السجن، نشر أوجلان عدداً من الكتب، آخِرها عام 2015، علم المرأة، هو أحد أشكال الأنثوية التي يدافع عنها أوجلان التي أصبحت لاحقاً العقيدة الأساسية للقومية الكردية.