نداء بوست- ملفات -إدلب
مر عامان على اتفاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، والذي تمخض عنه وقف إطلاق النار في إدلب وما حولها.
وذلك بعد معارك استمرت تسعة أشهر متواصلة، تقدم فيها نظام الأسد مدعوماً بروسيا وإيران على مساحات واسعة من أرياف حماة وإدلب وحلب، وبدأت معها معاناة أكثر من مليون إنسان أُجبروا على ترك منازلهم والنزوح هرباً من بطش الآلة العسكرية الروسية.
وفي الخامس من آذار/ مارس 2020 وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقية في موسكو تضمنت وقف إطلاق النار في إدلب.
كما تضمن البيان الختامي “التركي – الروسي” عدة بنود، منها توقف كافة الأنشطة العسكرية على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب، وإنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمالي الطريق الدولي M4 و6 كم جنوبه وتحديد التفاصيل في غضون 7 أيام.
وتضمن البيان تسيير دوريات تركية وروسية اعتباراً من 15 آذار/ مارس على امتداد الطريق البري “M4” بين منطقتَيْ “ترنبة” غرب سراقب و”عين الحور” بريف جسر الشغور.
وحتى الآن يمكن اعتبار وقف إطلاق النار في المحافظة صامداً على الرغم من خروق روسيا ونظام الأسد له، فمنذ توقيع الاتفاق انخفض القصف الجوي الروسي بنسبة كبيرة.
وحقق بند تسيير الدوريات المشتركة تقدماً إلى حد ما، حيث سيّر البلدان 26 دورية على طريق M4 إلا هذا البند توقف بعد تعرض الدوريات للكثير من الهجمات.
وتعرضت الدوريات خلال هذه المدة لعدة هجمات طالت العربات التركية والروسية على حد سواء، وأدت إلى إصابة عدد من الجنود الروس والأتراك.
الاتفاق ومنذ توقيعه وحتى يومنا هذا طرح العديد من الأسئلة لدى سكان الشمال السوري لا سيما النازحين، وأولها مصير المناطق التي دخلها النظام بدعم روسيا، والتي تشمل أجزاء من ريف حماة الشمالي الغربي، وريف إدلب الجنوبي والشرقي، وريف حماة الغربي والجنوبي والشمالي، فضلاً عن مصير النازحين وما إذا كان سيتسنى لهم العودة إلى منازلهم من خلال خروج النظام منها بتوافق بين تركيا وروسيا.
يضاف إلى ذلك، السؤال الأكثر تكراراً حول مصير المنطقة والمخاوف من تجدد العمليات العسكرية فيها، خاصة مع حملات القصف التي تنفذها روسيا وقوات النظام بين الحين والآخر.
وفي هذا الإطار، يرى الدكتور قتيبة الفرحات وهو أستاذ في جامعة كارتكن وباحث في الشؤون التركية أن استمرار اتفاقية موسكو أقوى من خرقها خاصة أن روسيا لا ترغب باستعداء جديد لتركيا.
فرحات لم يستبعد خرق الاتفاقية، وقال في حديث لـ “نداء بوست”: إن ذلك “وارد في حال ظهرت نتائج الحرب الروسية الأوكرانية سريعاً ولكن لن تكون على الأمد القريب”.
وأضاف أنه “ليس من مصلحة أي دولة لها تأثير في سورية انهيار الاتفاقيات بسبب الأزمات التي تعصف بها، فجميع الاتفاقيات السابقة كانت روسيا من تنقلب عليها لأنها الأقوى ولأنها في فراغ عسكري”.
كما أشار الفرحات إلى أن “روسيا في الوقت الحالي في صراع قد يطول وفي استنزاف واضح وسينقلب أي تصعيد في الشمال ضدها، قد لا يهزمها ولكن يضعفها ويخرجها من دائرة التأثير الذي كانت عليه سابقاً”.
وتبقى احتمالية عودة المعارك إلى المنطقة، أو انسحاب النظام إلى حدود “سوتشي”، ومن ثَمَّ عودة النازحين إلى منازلهم مرهونة بالتطورات الدولية، وأيضاً بالتفاهمات “التركية – الروسية”، مع ترجيح عدد من الباحثين عدم إمكانية انسحاب النظام سلماً، من مناطق دخل لها عن طريق الحرب.
كما أن مسألة عودة العمليات العسكرية مستبعَدة عند شريحة كبيرة من الخبراء، وهو ما يعني ثبات مناطق السيطرة عند الحدود الحالية على المدى المنظور.