نداء بوست- قسم التحليل والمتابعة- خاص
يتصل الاستياء الأمني والمجتمعي المستمر في السويداء ذات الأغلبية الدرزية باستياء عامّ ذي بُعد مذهبي طائفي تشترك فيه الطائفة الدرزية مع الطائفة العلوية والطائفة الإسماعيلية في الساحل السوري وحماة وحمص.
وبحسب معلومات رصدها فريق "نداء بوست" في الساحل السوري فقد تمت اجتماعات واتصالات مكثفة في محافظات الساحل وحمص خلال كانون الثاني/ يناير 2022، الأمر الذي استدعى تحرُّك النظام السوري إلى متابعة الحالة على مستوى القصر الجمهوري، حيث كان تقييم النظام أن التوصيات للأفرع الأمنية باحتواء التوترات من أبناء الطوائف في كل من محافظات الساحل وحمص وريف دمشق والسويداء غير كافية، وأن هذه التوترات وصلت إلى مراحل غير مسبوقة نتيجة الفوضى الأمنية أولاً والإضرابات الاجتماعية والاقتصادية أيضاً.
احْتِوَاء الأزمة
وبحسب مصدر لـ"نداء بوست" فإن القصر الجمهوري كلف اللواء طلال مخلوف بمتابعة هذا الملف والتواصل مع المَرجِعِيَّات المؤثرة في الطوائف من مختلف المناطق لاحتواء الأزمة، وكان أهم اجتماع قام به مخلوف مع الشيخ حيدر مرهج النجل الأكبر لشيخ الطائفة العلوية الشيخ أحمد مرهج الذي كان يتخذ من بلدة "الصارمية" في حماة مقراً لمشيخة الطائفة قبل وفاته.
وبحسب ما توصل له فريق "نداء بوست" فإن اللقاء الأهم بين مرهج ومخلوف كان في حي المهاجرين في دمشق منتصف كانون الثاني/ يناير 2022، حيث أوصل المرهج رسالة مباشرة للقصر الجمهوري باستياء جميع رجال الدين في الساحل وحمص وحماة من مؤسسة الأئمة والشباب التي يديرها عبد الله السيد نجل وزير الأوقاف الحالي للنظام.
حيث إن الوزارة بشكل عامّ ومؤسسة الأئمة الشباب بشكل خاص تتعمد تهميش البلدات ذات الأغلبية العلوية والإسماعيلية بحسب شكوى مرهج، وبالتحديد التهميش في برامج الدعم الإنساني المفوضة بإدارتها مؤسسة الأئمة الشباب وهي برامج ممولة من منظمات دولية.
وكذلك تشرف المؤسسة على تنفيذ برامج الدعم الإنساني الممولة من مكتب مفتي المسلمين في موسكو والمؤسسات الدينية في الشيشان ومنها صندوق رمضان قاديروف.
وبحسب مصدر "نداء بوست" فإن مرهج طلب من اللواء مخلوف مدير أمن مكتب القصر الجمهوري تجميدَ كافة الجمعيات التابعة لمؤسسة الأئمة الشباب في الساحل ومنها جمعية سند ومؤسسة شام الإنسانية، أو تدخُّلَ القصر الجمهوري لتنظيم توزيع الدعم الإنساني بآلية مناسبة.
وبحسب متابعة فريق "نداء بوست" لآليات عمل مؤسسة الأئمة الشباب في الساحل ومن خلال اتصالات خاصة مع أعيان المنطقة فإنَّ قوافل المساعدات الخاصة بالمؤسسة تعرَّضت مرات عدة كما تعرَّضت مكاتب الجمعيات أيضاً لضغوطات ومضايقات من التشكيلات المحلية الرديفة.
لكن -وبطلب من السفارة الروسية في دمشق- تَدخَّل مكتب أسماء الأسد من خلال الأمانة السورية للتنمية، وقام بتوفير الحماية لجمعيات مؤسسة الأئمة الشباب، كما خاطب مكتب أسماء الأسد الأفرع الأمنية لوضع حدّ للضغوطات التي تتعرض لها هذه الجمعيات من التشكيلات الرديفة.
اختطاف وزارة الأوقاف
من جهته يقول الباحث حسن السالم: وهو يحمل ماجستير في الشريعة الإسلامية إن "مؤسسة الأوقاف السورية باتت مُختطَفة وتُدار من قِبل الأجهزة الأمنية التي يقودها رجال أمن من الأقليات وخصوصاً الطائفة العلوية حيث إن المدعو عبد الستار السيد ليس سوى واجهة لتمرير الكثير من المشاريع".
وأضاف في حديث لموقع "نداء بوست" أن "حالة الاستياء التي تُبديها بعض الطوائف من أجل تحصيل مكاسب أكبر ومحاولة اختطاف وزارة الأوقاف بشكل كامل وما شاهدناه من إلغاء منصب المفتي هو زيادة التهميش للطائفة السنية ومحاولة وضع شيوخ الأقليات في هذه الوزارة للتحكم بالقرارات الدينية".
كما أكد في حديثه أن "النظام قام بالتضييق على جمعية البستان التابعة برامي مخلوف والتي كانت توزع الملايين شهرياً لأبناء الأقليات في الساحل السوري ما أبدى استياءهم لمواجهة التضييق الذي يحصل على الجمعيات التي تساعدهم سواء أكانت مدنية أم ذات طابع ديني".
وفي الآونة الأخيرة بدأت مظاهر رفض سياسة نظام الأسد تطفو على السطح في المناطق التي تقطنها الأقليات بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
احتجاجات في مناطق الأقليات
وتواصلت الاحتجاجات ضد سياسة نظام الأسد في مدينة السويداء حيث أغلق المحتجون، عدداً من الطرقات الفرعية الرئيسية.
وقام المحتجون بإغلاق طريق "دمشق – السويداء"، وذلك بسبب تدهور الأوضاع المعيشية، محملين حكومة الأسد المسؤولية عن هذا الأمر.
كما أفادت مصادر ميدانية بتجمُّع عشرات المحتجِّين في ساحة السير في مركز مدينة السويداء وإطلاق هتافات تندد بتدهور الأوضاع المعيشية.
كما أغلق محتجون الطريق مع دمشق جزئياً في ريف السويداء الشمالي، حيث يُفتح الطريق كل ربع ساعة أمام حركة المارة، مع استثناء الطلاب والحالات الإسعافية والسماح لهم بالمرور مُباشَرةً.