نداء بوست- أخبار عربية- الرياض
شنت صحيفة الرياض السعودية هجوماً عنيفاً على الرئيس الأمريكي جو بايدن، بسبب سياساته تجاه المملكة وتدهور علاقات البلدين في عهده.
وخلال ندوة صحافية نظمتها الصحيفة في العاصمة الأمريكية واشنطن، قالت النائبة المساعدة لوزير الدفاع الأمريكي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، سيمون ليدين: إن “حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط وفي مقدمتهم السعودية، يبحثون اليوم عن العلاقات التي تلبي مصالحهم، والجميع يتساءل أين هي واشنطن من اعتداءات إيران على المنطقة وكان آخِرها ضرب أربيل بصواريخ بالستية”.
وأكدت أن “سياسة بايدن المتراخية تجاه إيران تشكّل تهديداً للمنطقة والعالم الحر، ناهيك عن أنها تدفع الحلفاء للبحث عن علاقات أخرى تلبي مصالحهم”.
كما شددت على ضرورة تحرك بايدن لإصلاح العلاقة مع السعودية عبر مجموعة من الخطوات التي من شأنها إعادة ثقة الرياض بواشنطن، والاهتمام بمصالح الأمن القومي الأمريكي.
ورأت ليدين أن أولى تلك الخطوات هي تغيير بايدن للسياسة الأمريكية الفاشلة تجاه الحرب في اليمن، وذلك عبر تغيير اللهجة الأمريكية تجاه هذه الحرب وتصحيح الأفكار المغلوطة حول اليمن.
وتقول ليدين: “الحرب اليمنية التي تتسبب بكارثة إنسانية تقتل الملايين يقف خلفها الحوثي المدعوم إيرانياً، وهو ما يجب أن يعرفه الشعب الأمريكي بوضوح، بالإضافة إلى ضرورة إعادة تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية، وضرب الحوثي وإيران بكل العقوبات القادرة على قطع شريان الإمداد بين إيران واليمن”.
وأضافت: “مرور العلاقة الأمريكية – السعودية بأوقات صعبة لا يعني أنها ستنتهي أو تتغير، فهذه علاقة مبنية على اختيار مشترك ومصالح كثيرة مشتركة، ولكن من الأهمية أن نرى الحلفاء يرسلون رسائل تنبيه لإدارة بايدن، أما الوضع المستدام فأعتقد أنه يحمل الكثير من الإيجابية”.
في ذات السياق، نقلت الصحيفة عن المحامية المختصة في شؤون الأمن القومي الأمريكي، إيرينا تسوكرمان، قولها: إن “استهتار إدارة بايدن يهدد بإلحاق الضرر بنحو ثمانين عاماً من العلاقات التاريخية والقوية بين واشنطن والرياض، فالصين تهرع اليوم لمساعدة السعودية فيما فشلت إدارة بايدن في فعله”.
وأردفت: “ربما تؤدي المتغيرات الأخيرة إلى إيقاظ إدارة بايدن من غفلتها واستهتارها، فبايدن بدأ عهده بكلام غير محسوب وغير محترم بحق السعودية، مرسلاً بذلك رسائل محبطة جداً أدت إلى تدهور العلاقة، ناهيك عن خطوة البيت الأبيض بإزالة الحوثيين من قوائم الجماعات الداعمة للإرهاب دون أي سبب، ودون تحقيق أي نتائج في الحرب في اليمن من أثر هذه الإزالة”.
وترى تسوكرمان أن “مسؤولي إدارة بايدن أنفسهم، أقروا بأن “الحوثي” هو المسؤول عن الحرب والتصعيد في اليمن، ورغم كل محاولات واشنطن للتوصل إلى تفاهمات سياسية مع “الحوثي” فشلوا في ذلك فشلاً ذريعاً لأنهم لم يضعوا الضغوطات الكافية لجلبه إلى طاولة المفاوضات، بينما تقترب السعودية من إنجاح هذه المعادلة عَبْر استخدام القوة والدبلوماسية مع الحوثي في آنٍ معاً”.
وتضيف: “الأساس في العلاقة مع السعودية كان تقديم كل حاجات الدعم الدفاعي للرياض من الجانب الأمريكي مقابل العمل المشترك على استقرار الأسعار العالمية للنفط، وولي العهد محمد بن سلمان، من خلال رؤية 2030، أعطى للعلاقة فرصاً لتتعمق باتجاهات وأبعاد مختلفة، فالسعودية اليوم لم تَعُدْ ذلك البلد القائم على النفط وحسب، إلا أن إدارة بايدن قوضت فرص تطوير العلاقة وفشلت في الاختيار بحكمة بشكل يلبي مصالح الأمن القومي الأمريكي، حين لم تهتم بالاعتبارات الأمنية للسعودية”.
وتابعت: “يحتاج بايدن إلى اتخاذ خطوات جدية لاستعادة الثقة التي تضررت من أفعاله السابقة، وتقديم ما يقنع السعودية بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بشروط العلاقات الدفاعية البنّاءة بالفعل وليس بالأقوال والبيانات فقط”.
كذلك أشارت إلى أن العلاقة “السعودية – الأمريكية” تستحق الحفاظ عليها والتمسك بها، وأن بايدن لن يبقى في منصبه للأبد، وما قام به أدى إلى تَبِعات سيئة على مصالح الولايات المتحدة، و”بالتالي باتت تجربة بايدن السيئة مع السعودية درساً لمن سيليه من الإدارات، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية”.
من جانبه، قال كبير الباحثين في معهد “الدفاع عن الديمقراطية، جوناثان شانزر: إن إدارة جو بايدن اكتشفت مؤخراً، حين احتاجت السعودية للدفع نحو استقرار الأسعار العالمية للنفط، أنها اتخذت خيارات غير مسؤولة أضرّت بالعلاقة.
وقال: “اتخذ البيت الأبيض مؤخراً مواقفَ ضعيفةً تجاه السعودية، لا سيما فيما يتعلق بدعم إيران للحوثي، وذلك لدواعي سياسية مرتبطة برغبة البيت الأبيض بالعودة إلى اتفاق نووي مع إيران”.
ويؤكد شانزر أن العلاقة “السعودية – الأمريكية” ليست مرتبطة بالحزب الديمقراطي وحسب، وبالتالي سيكون من الصواب الحفاظ على توازُنها وعدم جعلها تتراجع بسبب مواقف بايدن.
في ذات السياق، يرى ضابط الاستخبارات السابق، مايكل بريجينت، أن سياسات بايدن في الشرق الأوسط أغضبت حلفاء الولايات المتحدة وأسعدت خصومها، حيث تخلت الإدارة الحالية عن التزاماتها تجاه أكثر من بلد حليف ومهمّ وخاصة حين تراخت مع إيران.
وقال: “لا يجب أن تتفاجأ إدارة بايدن من امتناع الحلفاء عن مساعدتها حين يتعلق الأمر بأسعار الطاقة، والغزو الروسي لأوكرانيا، فإسرائيل والسعودية والإمارات ودول أخرى لم تشعر بوقوف الولايات المتحدة معها لمعالجة مخاوفها من إرهاب الميليشيات المدعومة إيرانياً في المنطقة”.
ويضيف بريجينت: “يعرف حلفاؤنا في الشرق الأوسط أنه على مدار العامين ونصف العام القادمين، لن يكون هناك رئيس قوي في البيت الأبيض يتعامل مع مخاوفهم بجدية، وبالتالي يتطلعون إلى اتخاذ مواقف وسطية مع روسيا والصين لتوفير أنظمة التسليح ومحاولة جعل روسيا والصين يفعلون ما عجزت الولايات المتحدة عن فعله”.
ويعتقد بريجينت أن ما يحدث هو تكرار لسيناريو عهد أوباما، الذي مال نحو إيران واستخف بالعلاقة مع الحلفاء، ولكن هذه المرة يبحث الحلفاء عن أصدقاء جدد وهم خصوم واشنطن، مضيفاً: “لا زلت آمل أن كل شيء سيتغير عام 2025 حيث ستعود العلاقات “السعودية – الأمريكية” إلى سابق عهدها مع رئيس أمريكي جديد يحترم علاقاتنا مع الحلفاء”.
بدوره، قال رئيس منظمة “إيرانيون أمريكيون لأجل الحرية”، برايان ليب: إن محاولات بايدن للانسجام مع النظام الإيراني كانت سهاماً موجهة للأمن القومي الأمريكي وعلاقات واشنطن مع الحلفاء، حيث يجد الشعب الأمريكي نفسه في صفّ نظامٍ شعارُه الموت لأمريكا”.
وزاد: “لست متفاجئاً من انخراط إدارة بايدن مع أكبر دولة ترعى الإرهاب في العالم، وهي الجمهورية الإيرانية، وفي هذا طعنة للاستقرار في الشرق الأوسط، ومصالح الولايات المتحدة، وضحايا النظام الإيراني من مواطني إيران أنفسهم”.
ويضيف ليب: “لطالما رددت إدارة بايدن شعارات الحرية والديمقراطية مدعيةً بأنها ما يحكم سياساتنا الخارجية، وهنا نتساءل أين هي من قمع الشعب الإيراني وسلب حريته من قبل نظام مجرم ومتوحّش وداعم لأسوأ الديكتاتوريات الإجرامية في العالم العربي من دمشق إلى صنعاء”.
كذلك أضاف: “سيكون من الحكمة أن تبتعد إدارة جو بايدن عن الدبلوماسية مع إيران، والتصدي لوحشيتهم بحق شعوب وبلدان ضعيفة ومنهارة في الشرق الأوسط مثل العراق واليمن وسورية ولبنان، فلا خير يأتي من إيران لأي دولة في المنطقة، وهذا واضح للجميع”.
ومضى بالقول: “ستكون واشنطن داعماً لدولة إرهابية في حال أقدمت على رفع العقوبات عن إيران، وسنندم أشد الندم حين نرى إيران تستخدم الموارد التي ستصلها من رفع العقوبات، لتعزيز عوامل الإرهاب من ميليشيات وبرنامج صاروخي ونووي، ولذلك ما زال لدي أمل بإمكانية اتخاذ قرار حكيم يعزل إيران عن العالم ويحافظ على علاقاتنا الراسخة مع السعودية وحلفائها في الشرق الأوسط”.