المصدر: الإكونوميست
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: صحيفة الإكونوميست
نشرت صحيفة الإكونوميست تقريراً تتحدّث فيه عن حجم الخسائر التي تتكبّدها دول العالم العربي من خلال سياسة تنتهجها تلك الدول في قطع خدمة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد في محاولة مشؤومة لمنع الغشّ في الاختبارات المدرسية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي قام فريق الترجمة في موقع “نداء بوست” بترجمته: تقوم الحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولسنوات، بقطع الإنترنت على مستوى البلاد خلال موسم الامتحانات.
وعن ردّ الفعل الناجم عن تلك الممارسة تقول الصحيفة: إن نشطاء حقوق الإنسان أدانوا هذه السياسة والتي تُؤدّي أيضاً إلى الخراب في الاقتصاد. وأشار التقرير إلى سورية بشكل خاص مؤكداً أن حكومة النظام: رضوخاً للضغوط، قالت: إنها ستتوقف عن قطع الوصول إلى الإنترنت في عام 2022.
ولكن مع انتهاء العام الدراسي، وبينما تقدّم حوالَيْ 317 ألف طالب إلى مراكز الامتحانات، استُؤنف انقطاع التيار الكهربائي. وقد سجّل فريق بحثي في معهد جورجيا للتكنولوجيا انقطاعاً دام عدة ساعات في 30 أيار/ مايو و 2 و 6 حزيران/ يونيو – كل ذلك بالتزامن مع الاختبارات المدرسية للمرحلة الثانوية في البلاد.
ويؤكّد التقرير أنه لا يوجد دليل على أن قطع الإنترنت قلّل من الغش في الامتحانات. كما لا تزال المشكلة مُتفشّية في العالم العربي، لأسباب متعددة منها حافز حصول الطلاب على علامة النجاح في امتحاناتهم. حيث يعتمد القبول الجامعي تقريباً على نتائج الاختبار؛ ففي العام الماضي نجح 60٪ فقط من الطلاب في سورية.
وفي عام 2016، نشرت صفحة مجهولة على فيسبوك عدة أسئلة قبل بَدْء الامتحانات بعشر دقائق، مُدّعية أنها تُعزّز المساواة من خلال تزويد الطلاب الفقراء بنفس المزايا التي دفع لقاءها الأغنياء. ولقد انتشر الغشّ على نطاق واسع في الجزائر لدرجة أن الحكومة أمرت 500000 طالب بإعادة امتحاناتهم في 2016.
ويجد عديمو الضمير طريقة للتغلّب على الانقطاعات في الإنترنت. وقد اتُّهم مسؤولو التعليم في العراق ببيع أسئلة الامتحانات في عام 2018.
ويستهجن التقرير تلك السياسة المُختلّة التي تنتهجها حكومات تلك الدول فيشير إلى أنه بدلاً من السيطرة على ظاهرة الغشّ الامتحاني، يتسبب انقطاع الإنترنت في حدوث زعزعة للاقتصاد.
فالتجار ممنوعون من الوصول إلى حساباتهم عَبْر الشبكة العنكبوتية، ولا تستطيع الشركات معالجة المدفوعات الإلكترونية كما أن المستشفيات غير قادرة على البحث عن سجلات المرضى.
ومن خلال بيانات وإحصاءات قام مُعدّو التقرير بجمعها تبيّن أنه منذ 30 أيار/ مايو، خسر الاقتصاد السوري أكثر من 7 ملايين دولار من الانقطاعات الثلاثة، وفقاً لسيمون ميغليانو من موقع (أهم 10 شبكات افتراضية خاصة)/ (Top10VPN)، وهو موقع يتتبع الخسائر.
وتقول الصحيفة: إن السيد ميغليانو قام بإحصاء التكاليف التي حسبتها شركة نت-بلوكس (NetBlocks)، وهي شركة أبحاث رقمية، والتي تُقدّر الأثر الاقتصادي باستخدام بيانات من البنك الدولي، والاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية، والمكتب الإحصائي للجماعات الأوروبية (Eurostat). منذ عام 2019، وفقاً للبيانات كلّف انقطاع التيار الكهربائي سورية حوالَيْ 88 مليون دولار.
ولقد خسرت كل من الجزائر وإثيوبيا والهند والعراق والأردن والسودان وسورية، ما يزيد مجموعه عن 370 مليون دولار في السنوات الثلاث الماضية بسبب انقطاع الإنترنت.
(لا تشمل هذه التكاليف الضرر الذي لحق بثقة المستثمرين في اقتصادات البلدان- فحتى فترات انقطاع الاتصال القصيرة ضارّة).
وتُنهي الصحيفة تقريرها بالقول: إنه من المُقرر انقطاع رابع للإنترنت في سورية في 12 حزيران/ يونيو. ويُتوقع المزيد من الانقطاعات حيث يمتد موسم الامتحانات خلال الصيف إلى أوائل الخريف. وتقول مروة فتافطة من منظمة Access Now، وهي منظمة غير حكومية للحقوق الرقمية: إن قطع الوصول إلى الإنترنت عن البلد بأكمله “غير فعّال وعنيف وله أثر عميق”. وعلى الرغم من أن الدول يبدو أنها تلجأ إلى هذه التكتيكات بمرور الوقت، إلّا أن فتافطة لديها أمل ضئيل في إنهاء الانقطاعات تماماً. وكما هو الحال في سورية، يبدو أن خطط التغيير ليست أكثر من وعود فارغة.