”نداء بوست“ – التحقيقات والمتابعة – القدس:
أعلنت الشرطة الإسرائيلية يوم الأحد الماضي اعتقال ثلاثة مشتبه بهم بسبب علاقتهم المزعومة بجريمتين لم يتم حلهما في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بالقرب من القدس.
بحسب تقارير في وسائل إعلام، نقلتها ”تايمز أوف إسرائيل“، فإن المشتبه بهم، رجلان وامرأة في الستينيات من العمر من القدس، أعضاء في طائفة “شوفو بونيم” المتطرفة التي يقودها الحاخام إليعازر برلند المدان بارتكاب جرائم جنسية.
وأفادت تقارير أن الثلاثة اعتُقلوا لضلوعهم في اختفاء الشاب نيسيم شطريت (17 عاما)، الذي تعرض كما يزعم للضرب من قبل “الشرطة الدينية” التابعة للطائفة أربعة أشهر قبل رؤيته لآخر مرة في يناير 1986.
وكان شطريت قد أبلغ الشرطة عن الاعتداء في ذلك الوقت، وأشار إلى عدد من المشتبه بهم، الذين لم يتم توجيه أي تهم إليهم في نهاية المطاف. وفي فيلم وثائقي تم بثه في عام 2020 على قناة “كان” الإسرائيلية العامة، قال أحد الأتباع السابقين لبرلند إن الشرطة الدينية قتلت الفتى، وقامت بتقطيع الجثة ودفن أجزائها في حرش “إشتئول” قرب بيت شيمش. ولم يتم العثور على رفاته أبداً ولم يتم حل القضية.
وقال شقيق شطريت، مئير، لـ”كان” يوم الأحد إنه في ذلك الوقت تم اعتقال أعضاء من مجموعة شوفو بونيم بسبب الجريمة، لكنهم التزموا الصمت وتم إطلاق سراحهم في النهاية دون توجيه تهم إليهم.
وأضاف “لا أعتقد أن الشرطة ستعيد اعتقال نفس الأشخاص، مع العلم أنهم سيبقون صامتين”، معرباً عن أمله في حدوث تطور في القضية.
وأوضح شطريت أنه لا يستطيع جلوس “شيفعا” ، طقوس الحداد اليهودية، على أخيه الأصغر لأنه لا يعرف “بالتأكيد” ما إذا كان قد قُتل.
وقال لـ”كان” إنه في الوثائقي ظهر “رجل لا يمكن ذكر اسمه حالياً أقر لي بأنه كان يعلم بأن نيسيم قُتل. لكنه لم يكن مستعداً لتجريم نفسه”. وأضاف “نريد أن نعرف أين تم إخفاء شقيقي، حتى يتم دفنه بشكل [لائق]”.
أما جريمة القتل الثانية، التي ورد أنها مرتبطة بالمتهمين المعتقلين، فكانت جريمة قتل آفي إدري (41 عاما) في عام 1990، والذي عُثر على جثته بعد تعرضه للضرب حتى الموت في غابة “راموت” شمال القدس.
في الوثائقي الذي بثته “كان”، ربط أتباع سابقون لشوفو بونيم جريمة قتل إدري بالطائفة، التي ظلت هي أيضاً دون حل لأكثر من ثلاثين عاماً.
وقالت الشرطة: إن المشتبه بهم الثلاثة سيمثلون أمام المحكمة في وقت لاحق الأحد للبت في تمديد اعتقالهم خلال التحقيق.
ومن المتوقع اعتقال المزيد من المشتبه بهم في جريمتَي القتل، وفقاً للشرطة.
طائفة "شوفو بونيم" التي يقودها برلند هي فرع لطائفة “برتسلاف” الحريدية وكان لها مواجهات متكررة مع القانون، بما في ذلك الاعتداء على شهود. وقد فر برلند من إسرائيل عام 2013 وسط مزاعم بأنه اعتدى جنسياً على عدة نساء من أتباعه.
بعد التهرب من الاعتقال لمدة ثلاث سنوات والتسلل عبر دول مختلفة، عاد إلى إسرائيل وحُكم عليه بالسجن لمدة 18 شهراً في نوفمبر 2016 بتهمتَي أفعال مخلة بالآداب وقضية اعتداء، كجزء من صفقة مع الادعاء تضمنت سبعة أشهر قضاها في السجن.
تم إطلاق سراحه بعد خمسة أشهر فقط، ويرجع ذلك جزئياً إلى اعتلال صحته.
ثم تم القبض على برلند بتهمة الاحتيال في فبراير 2020 بعد أن قدم مئات الأشخاص شكاوى للشرطة تتهمه ببيع صلوات وحبوب لأفراد يائسين من مجتمعه، بالإضافة إلى تقديم وعود لعائلات أفراد ذوي إعاقة بأن أحباءهم سيكونون قادرين على المشي، وقوله لعائلات مجرمين مدانين إنه سيتم إطلاق سراح أقاربهم من السجن.
في شهر مايو الماضي، تم اتهامه أيضاً بالتهرب الضريبي، وانتهاكات قوانين غسيل الأموال وجرائم أخرى لعدم الإبلاغ عن الدخل الناتج عن أنشطته مع شوفو بونيم وإخفائه.
ومن المقرر أن يعود برلند إلى السجن هذا الشهر بعد إدانته بالاحتيال في إطار صفقة مع الادعاء، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة 18 شهراً.
لكن الحكم سيشمل المدة التي قضاها في السجن بالفعل، بعد أن أمضى عاماً في الحجز قبل إطلاق سراحه ووضعه رهن الحبس المنزلي في فبراير من هذا العام.
النساء يتظاهرن ضد برلند
وقد تظاهر عدد من النسوة في تل أبيب للتعبير عن احتجاجهن ضد المعاملة السيئة، التى يتم التعامل بها معهن، وتعرضهن للاغتصاب وللعنف الجنسي، رافعين صورة للحاخام الإسرائيلى إليعازر برلند المتهم بجرائم اعتداء جنسي وتحرش بنساء كنّ يترددن عليه لمشاورته فى أمور دينية.
الحاخام اليهودي أرثوذكسي إسرائيلي قام بإرشاد وتوجيه عشرات الآلاف من اليهود من خلفيات علمانية للتقرب من مسار التوراة، وبحسب شهادات لنساء فإن الحاخام برلند قام بمضايقتهن أو اغتصابهن، وظهرت هذه الادعاءات إلى النور عام 2012، بعدما أبلغت صحيفة ”إسرائيل هايوم" عن حادث مفاده "أن أحد تلاميذ برلند ضبطه فى المنزل وهو يقف بجانب امرأة عارية“، وأعرب مؤيدوه عن غضبهم إزاء التقرير، وتم فى وقت لاحق مهاجمة الشخص الذى سرب القصة إلى وسائل الإعلام.
وفتحت الشرطة تحقيقاً في الموضوع، ما دفع برلند إلى الفرار من إسرائيل إلى الولايات المتحدة وإيطاليا وسويسرا، ثم غادر إلى المغرب، واستقر فى مراكش، لمدة سبعة أشهر، ورحبت به الجالية اليهودية هناك وكان يعتزم بناء مركز مجتمعي، ومؤسسات تعليمية، وبدأ الآلاف من أتباعه السفر إليه.
وبحسب ما ذكرته صحفية "معاريف" فإن المملكة المغربية قررت طرد برلند بسبب الخوف من وقوع مصادمات بين قيادات إسلامية وبين مؤيدي الحاخام في مراكش، لرفضهم تواجده بالمملكة، وقد أمر الملك محمد السادس شخصياً بطرده من البلاد.
تسعيرة للدعاء
وسبق أن ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض على الحاخام برلند، وزوجته في القدس، بتهمة الاستغلال والغش وتهريب مخدرات. وأُصيب شرطيان خلال اشتباكات القوات، مع تلاميذ وأتباع برلند، خلال القبض عليه.
وأوضحت التحقيقات أن رجل الدين كان يضع تسعيرة للمرضى وأسرهم حسب وضع الحالة.
وقال أحد الشهود: إنه كان يستغل الفقراء خاصة مقابل الوعود بمعجزة الشفاء على يد الحاخام. وذكر أحد أفراد أُسر الضحايا أنهم طالبوا برلند، بإعادة أموالهم؛ لأن الضحية ماتت ولم يتم شفاؤها، لكن الحاخام طلب منهم أموالاً ليعيده إلى الحياة مرة أخرى.
وتصدر هشتاج «#ברלנד» وسائل التواصل الاجتماعي، ووضع أحد رواد السوشيال ميديا، صورة لسيارة الحاخام الفارهة، وعلق عليها ساخراً "مسكين.. لم يستمتع بسيارته الجديدة التي اشتراها من استغلال المرضى“.
ودوّن آخر أنه يتمنى أن تُفقد مفاتيح زنزانته هذه المرة.
وكتب ثالث "دجال بغيض، منذ سنوات معروف هو وأسرته أنهم يستغلون ثقة المرضى وقت الشدة ويسلبونهم ما لديهم، يجب أن تكسر أيديهم وأرجلهم“.
وعلقت امرأة قائلة "وقح.. وثق الناس به وبدلاً من الحصول على بركاته ابتزهم“.
برلند كان يعتزم اللجوء إلى مصر، والعيش فى القاهرة أو في مدينة دمنهور، بجانب ضريح الحاخام أبو حصيرة، بشكل مؤقت، وبعد ذلك سينتقل للعيش في زيمبابوي، لكنه عاد إلى الأراضي المحتلة، عام 2017 معترفاً بأفعاله وحُكم عليه بالسجن 18 شهراً.
وأعرب برلند عن ندمه على تصرفاته قائلاً: "أنا على استعداد لقبول أى عقاب فى العالم، بما فى ذلك حرقي ورجمي لأن هذا هو قانون التوراة. العقوبة التى قيلت لى ربما كانت خفيفة للغاية، وأنا على استعداد لقبول مزيد من العقوبة“.