نداء بوست – ستراسبورغ – خاص
استضافت مدينة ستراسبورغ الفرنسية قبل يومين عرضاً سينمائياً لفيلم “اليرموك فلسطين الصغرى” الحائز على “التانيت الذهبي” لأفضل وثائقيّ في مهرجان أيام قرطاج السينمائية، وجائزة القناة الخامسة الفرنسية، وذلك بحضور مُخرِجه الفلسطيني السوري عبدالله الخطيب.
الفيلم الذي قام مُخرِجه بتصويره بنفسه، خلال فترة الحصار على مخيم اليرموك عاصمة الشتات الفلسطيني، بين الأعوام 2013 و2018، يروي تفاصيل مهمة عن حياة المُحاصَرين، الذين صمدوا في وجه سياسة النظام السوري التي عبَّر عنها شعار شبيحته: “الجوع أو الركوع”!
وهو بالتوازي مع هذا التفصيل الكارثي الذي تكرر في غير مكان من سورية، بنى حكايات خاطفة عن الفلسطيني الذي يعيش اقتلاعاً إضافياً لاقتلاعات سابقة ممتدة منذ عام 1948، إلى حزيران 1967، وأيام أيلول الأسود في 1970، وما تَلَا ذلك من كوارث أحاقت به في لبنان من حصارات، لحقت بالخروج الكبير من بيروت في عام 1982.
الكاتب والمخرج علي سفر قدم الفيلم للجمهور مُتحدِّثاً عن أهميته بوصفه وثيقة إضافية سبقتها وثائق بصرية أخرى عن واقعة حصار مخيم اليرموك، لكن أهمية هذا الفيلم تأتي من أن صانعه قد عاش الحصار ونجا منه ليروي لنا عَبْر العدسة ما جرى هناك، وكذلك تأتي من أنه يروي الحدث الذي نعتقد أنه بات في الماضي، لكننا سرعان ما نستشعر أننا ما نزال فيه، ولعل أبرز ما يجعلنا نعتزّ به أنه يكافح ذبول ذاكرة المأساة، ليبقيها حاضرة، وليُذكِّر بكل أولئك الذين صوَّروا ما جرى في سورية ولكن لم ينجوا!
المخرج الخطيب أجاب على تساؤُلات الجمهور الفرنسي الذي حضر الفيلم، إذ استدعت صناعة الفيلم وطريقة تركيبه استفساراً عن تكوينه الفني وعن دراسته للسينما، ليُصدَم أصحابُ السؤال من خلال تقديمه لنفسه بوصفه هاوياً للتصوير، اضطر لتوثيق ما يجري، وهو لم يدرس هذه المهنة، وبالأصل لم تكن لديه أي علاقة بالسينما، ولعل أطرف ما تحدث به في هذا السياق أن أول صالة سينما دخلها في حياته، كانت تلك التي عرض فيها فيلمه للمرة الأولى.
أسئلة بعض الحاضرين تطرقت إلى مصير الأطفال الذين قام المخرج بتصويرهم ورافقهم طيلة سنوات الحصار، فتحدث عن نجاة عدد منهم وتمكُّنهم من الوصول إلى أوروبا حيث يتابعون حالياً دراستهم الجامعية في مدن فرنسية وألمانية، بينما غابت أخبار عدد آخر منهم عنه، بسبب بقائهم في الداخل السوري.
بعض مداخلات الحاضرين من الجمهور الفرنسي، حاولت الإحاطة بالظروف السياسية والميدانية التي شهدها المخيم، وعلاقة الفصائل بالوضع السوري العامّ، وقد غلب على فضاء التفاعُل إعجاب شديد بالفيلم، وبتجربة المخرج الذي أشار إلى عمله حالياً على مشروعين، أولهما مرتبط بمخيم اليرموك أيضاً، بينما يتعلق الثاني بعائلته ورحلة اللجوء الراهن في ألمانيا.
عُرض الفيلم في سينما “ستار”، وذلك بترتيب مشترك بين عدد من الجمعيات الفرنسية هي:
(Culture de Palestine) ، (Alsace – Syrie)، (les Travailleurs Maghrébins de France – ATMF)
(Ligue des Droits de l’Homme – LDH Strasbourg)، (France Palestine Solidarité Alsace – AFPS)، (Ambition Jeunesse)، (Initiatives Citoyennes Musulmanes)، (Femmes d’Ici et d’Ailleurs).