1- قِدم العقوبات على النظام السوري: تعود العقوبات على نظام الأسد لتاريخ قديم وهي ليست وليدة اللحظة، حيث فرضت عليه أول حزمة من العقوبات عند دعمه للنظام الإيراني عام 1979 وذلك في مواجهة جارته الدولة العربية الشقيقة (العراق) والتي يحكمها حزب البعث العربي الاشتراكي كذلك.
وفي 1985 وبعد المجازر التي ارتكبها الأسد في سوريا تم توسيع العقوبات لتشمل منح الكونغرس الأميركي ضرورة الموافقة على أي صفقة فوق مليون دولار مع سوريا، ثم صنفت سوريا على لائحة أميركا السوداء استناداً لقانون مكافحة الإرهاب الأميركي.
ثم توسعت العقوبات في التسعينات لتصل في عام 2000 إلى معاقبة إيران بشكل رئيسي في إطار ماسمي بقانون منع تمدد النفوذ الإيراني ( وعرف بقانون منع تمدد نفوذ إيران وسوريا) والذي منعت بموجبه النظام السوري من تقديم المساندة لأطراف أخرى كالجماعات الشيعية التي كانت تدعمها في لبنان، كما تم التوقيع على قانون محاسبة سوريا في 2003 وهو أول قانون عقوبات يواجه بشار الأسد بعد استلامه للسلطة والذي انسحب على إثره من لبنان وحقق القانون مبتغاه.
2- اختلاف العقوبات الحالية على نظام الأسد عن العقوبات تجاه العراق: فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على العراق قبيل الحرب العسكرية عليه، منعت بموجبها العراق استيراد المواد الغذائية والمعادن والسلاح و كذلك الأدوية وربطت عمليات استيراده بموجب تبادله للنفط أي أنها جعلت ثمن الصفقات النفطية أغذية وأدوية و مواد مسموح بها للنظام وذلك لمنع نظام صدام حسين من استلام الأموال بشكلها النقدي، ولكن العقوبات التي فرضت على نظام الأسد حتى اللحظة شملت مسؤولين عسكريين وأمنيين ورجال أعمال بعينهم، كما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبعض دول العالم عقوبات على وزراء ومؤسسات عسكرية وتجارية لدعمها الحرب في سوريا، ولم تمنع الولايات المتحدة الأمريكية استيراد الأدوية أو الغذاء أو أي مواد أخرى لأغراض مدنية، كما أنها لم تفرض عقوبات على مؤسسات الحكومة باستثناء البنك المركزي الذي صنف نهاية عام 2020 كأداة لغسل أموال نظام الأسد وذلك على خلفية تأمينه الأموال الأجنبية لشراء طائرات ومعدات عسكرية من روسية مطلع 2020.
3-عقوبات على داعمي الحرب و مشغليها: العقوبات التي فرضت في إطار ماعرف بقانون قيصر الذي تم توقيعه أواخر 2019 ودخل حيز التنفيذ منتصف 2020 تقضي بمعاقبة كل من يقدم السلاح والدعم العسكري والاستخباراتي و التقني لنظام الأسد حتى لو كان مؤسسة أمريكية، وهذا يشمل المؤسسات الإيرانية و الروسية و أي مؤسسات يمكن أن تقدم مثل هذه الخدمات، وبموجب هذا الامتداد تحاول الولايات المتحدة الأمريكية عزل الخدمات الرئيسة التي يمكن أن توسع من قبضة النظام الأمنية و منعه من الحصول على الدعم في هذا المجال.
4- السماح للمؤسسات الإنسانية غير المرتبطة بالنظام بالعمل: بموجب العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبقية الدول تم إعطاء صلاحيات للمؤسسات الإنسانية العاملة في أي مكان في سوريا باستقدام المواد التي تريديها ما دامت لأغراض إنسانية بشرط أن لا ترتبط هذه المؤسسات بدعم نظام الأسد، وبالتالي فإن مؤسسات الأمم المتحدة والصليب الأحمر وأي لجان أو مؤسسات غير حكومية أو منظمات محلية سورية تستطيع أن تنشط للعمل في الأماكن التي تراها مناسبة لدعم احتياجات الشعب السوري وذلك دون أي قيود أو شروط مسبقة، بل إن الولايات المتحدة والدول الأوربية ودول أخرى تقدم ملايين الدولارات دعم لهذه المؤسسات في حال أرادت المشاركة في مشاريع إغاثة الشعب السوري.
5- إمكانية كسر العقوبات متاحة في أي وقت: يستطيع النظام السوري دائماً وفي كل وقت أن يتخلص من العقوبات وذلك بنص القانون التي ذكرت فيه العقوبات، وينص هذا القانون على أن وقف استهداف المدن والأسواق والبلدات والمؤسسات المدنية السورية وتجمعات المدنيين وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بحرية التعبير يمكن أن توقف كل العقوبات على نظام الأسد أو بعضها بشكل تدريجي ومرتبط، أي أن انتهاء الحرب ووقف الهجمات ضد الشعب السوري وإيقاف عمليات القمع يمكن أن تساهم بإيجاد مخرج للنظام السوري من العقوبات التي يحاول أن يقول أنها ترهق مؤسسات الدولة.
6- العقوبات ليست سبب انهيار الاقتصاد السوري: مر الاقتصاد السوري بمراحل صعبة بدأت باستخدام الأرصدة والموارد المتاحة في مؤسسات الحكومة السورية لصالح تمويل الحرب، فـ21 مليار دولار قطع أجنبي كانت في خزينة البنك المركزي مطلع 2011 استخدمت بالكامل في تمويل الحرب لتصبح الخزينة اليوم برصيد قريب من الصفر، والديون التي أرهقت كاهل المؤسسات لصالح إيران وروسيا لم تكن موجودة، كما أن قصف المنشآت والمؤسسات والبنى التحتية يعد أبرز عوامل الخسارة في الاقتصاد السوري، و في ترتيب الخسائر الاقتصادية تأتي الخسائر في الإنتاج على رأس الخسارة وذات الحجم الأكبر وذلك نتيجة خروج عدد كبير من التجار من سوريا ودمار مؤسساتهم بآلة الحرب، كما أن التعويل على لبنان من قبل النظام وبعض التجار السوريين سبب خسائر كبيرة نتيجة انهيار اقتصاد لبنان، وساهم توقف الدعم الإيراني والروسي كذلك بكثير من التراجعات، كل هذا أتى قبل إقرار قانون العقوبات الأبرز (قيصر) الذي يتحدث حوله نظام الأسد ويرى بأنه من دمر الاقتصاد السوري، فقيصر لم يتم دخوله حيز التنفيذ إلا في منتصف 2020 ولم تكن الظروف الاقتصادية عند تطبيقه جيدة ولا تزال أثاره لم تظهر بشكل واضح بعد.