المصدر: مؤسسة تعزيز السلام الدائم
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: ستانلي هيلر (مدير منظمة “تعزيز السلام الدائم”)
يتعرّض الأوكرانيون للهجمات المُريعة التي عانى منها السوريون لسنوات من خلال هجمات بالأسلحة التي قدّمتها روسيا للديكتاتور الأسد ومن القصف الروسي المباشر من قِبل قواتها الجوية.
في 4 نيسان، استُشهد 4 أطفال جراء قصف مدفعي لقوات النظام السوري على قرية معرة النعسان. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل الأطفال وهم في طريقهم من المنزل إلى المدرسة. وفي نفس اليوم قصفت طائرات روسية مناطق أخرى بشمال غرب سورية.
يتمّ شنّ الهجمات من قِبل قوات الأسد وروسيا بلا شفقة ولا رحمة وبدون أن يراعوا حرمة المدنيين والأطفال، مع استهداف الأسواق والمدارس والمرافق الطبية في كثير من الأحيان. ففي عام 2016، أفادت منظمة “أطباء بلا حدود” بأن “المستشفيات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سورية ترفض مشاركة إحداثيات GPS مع السلطات الروسية والسورية بسبب الهجمات المتكررة على المرافق الطبية والعاملين فيها”. عادةً ما تنشر المنشآت هذه المعلومات لأن ذلك من شأنه أن يمنع الهجمات، لكن في سورية كانت تُعطى إحداثيات لروسيا/وقوات الأسد والتي كانت تُستخدم لتسهيل قصف المستشفيات في سورية، غالباً ما تستخدم الطائرات الروسية إستراتيجية “الغارة المزدوجة”، حيث قصفت هدفاً مرة واحدة ثم انتظرت بعض الوقت وقصفت عمال الإنقاذ الذين جاؤوا لإخراج الضحايا من تحت الأنقاض.
يبدو من الواضح أن العالم عليه المُسارعة بإرسال الإمدادات إلى السوريين الآن لأسباب إنسانية ولصرف بعض انتباه بوتين عن أوكرانيا. هناك الكثير الذي يمكن القيام به حيث يعيش عدة ملايين من السكان والنازحين السوريين في منطقة شمال غرب إدلب التي لا تخضع لسيطرة الأسد. وقد سألتُ سوريّاً عمّا هو في أمسّ الحاجة إليه فقال، “كل شيء”. وذكر الخبز، بالإضافة إلى الملابس الدافئة والأحذية الشتوية. يجب إرسال الكرفانات لتحلّ محل آلاف الخيام التي يعيش داخلها الناس عاماً بعد عام. يحتاج السوريون حقاً إلى مولدات تعمل بالطاقة الشمسية لتزويدهم بالكهرباء. يجب إرسال كل ما يمكن أن يُعزّز ويحمي المستشفيات والملاجئ من القصف. يجب زيادة مساهمات الحكومة والمواطنين في دعم عمال الإنقاذ السوريين “الدفاع المدني السوري” (المعروفين باسم الخوذ البيضاء).
ثم هناك حالة مخيّم الركبان الخاصة. إنها منطقة صحراوية تعصف بها الرياح على الحدود العراقية والأردنية السورية حيث يعيش ربما 12000 سوري. إنهم سوريون فرّوا من هجمات الأسد وداعش. إنها محاصرة من قِبل قوات الأسد وقوات الجيش الروسي. تقع المنطقة داخل منطقة حظر يبلغ طولها 55 كيلومتراً حول قاعدة أمريكية تسمى التنف تأسست عام 2016 كجزء من جهود التحالف المدعوم من الولايات المتحدة لمحاربة “داعش” في سورية باتفاق روسي. على الرغم من أن الرجال السوريين من المخيم يؤمّنون قاعدة التنف، إلا أن الولايات المتحدة لن تزوّد الركبان بالدعم. إذا كان الأساس المنطقي في الماضي هو عدم إثارة غضب روسيا، فإن الظروف العالمية التي أعقبت غزو أوكرانيا تفرض إعادة تفكير كاملة لتزويد المنطقة بالطعام والإمدادات على الفور وتقديم الخدمات الطبية المنتظمة لها.
شيء آخر يجب القيام به هو تسليط الضوء على الفظائع المستمرة في سجون الأسد حيث تحتجز قوات الأمن عشرات الآلاف. في عام 2016، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً مرعباً عن سجن صيدنايا أوضحت فيه أنه من عام 2011 حتى عام 2015 تم إعدام أكثر من 17000 سجين أو ماتوا بسبب التعذيب أو غيره من الظروف في صيدنايا. كان ذلك قبل ست سنوات، لذا فإن الأرقام الإجمالية أسوأ الآن. نحن في تعزيز السلام الدائم نُسلّط الضوء على حالتين. واحدة من عائلة رانيا العباسي. هي بطلة سورية سابقة للشطرنج، تمّ اعتقالها مع زوجها وستة أطفال وسكرتيرتها في عام 2013. ولم يُسمع عن أي منهم منذ ذلك الحين. أخبرني شقيق رانيا حسن أن قوات الأمن أخذت 5000 طفل. الحالة الأخرى التي يجب تسليط الضوء عليها هي حالة مواطن أمريكي وهو طبيب اسمه مجد كام ألماز. في عام 2017، ذهب إلى دمشق لتقديم العزاء بعد وفاة والد زوجته واعتقلته الشرطة. ولم تسمع عائلته شيئاً عنه أو عن ظروف احتجازه منذ ذلك الحين.
هناك أكثر من طريقة لمقاومة عدوان بوتين على أوكرانيا. نعم، ادعموا الأوكرانيين بشكل مباشر، ولكن أيضاً أنشِئُوا “جبهة ثانية” بالمساعدات الإنسانية للسوريين. إنه الشيء الذكي الذي يجب فعله والشيء الصحيح الذي يجب فعله.