”نداء بوست“ – متابعات – أسامة آغي:
نفى الشيخ رياض درار الرئيس المشترك لمجلس سورية الديمقراطية على صفحته على "الفيسبوك" ما قال إنه قد نُسب إليه من تصريحات وردت في حواره مع ” نداء بوست” الذي نُشر بعنوان (رياض درار لـ ” نداء بوست”: أسئلتكم لي ” تحقيق جنائي” .. وأمريكا أعطتنا دوراً ضد داعش، واستبعدتنا من الحل السياسي).
”نداء بوست“ يعيد نشر ما قاله درار حرفياً، التزاماً بالمهنية، علماً أن الرجل لم ينكر أيّاً من تصريحاته التي أعطاها لـ ”نداء بوست“ في حوار مسجَّل بالصوت.
وكل ما علّق به درار على حوارنا معه يُعَدّ خارج الموضوع، فاعتراضه كان على الأسلوبية وعلى اختيار الضيف، أي هو، بينما الأصول أن يمنح المنبر الإعلامي الحرية للضيف بقول ما يشاء والحرية ذاتها بالمقابل للصحافي ليعلّق في قالبه المهني بالطريقة التي يراها مناسبة وبما ينسجم مع سياسة الموقع دون تحريف لكلام الضيف الكريم.
يقول درار: إن ما ورد في اللقاء المنشور يتضمن اعترافي بالتهجير السكاني من قِبل "قسد"، وأن المهجرين –حسب ما ورد على لساني في اللقاء- ” ليسوا عرباً وليسوا مسلمين”، بينما كانت الإجابة هي أن ” داعش ليسوا عرباً ولا مسلمين”.
والواقع أن سؤالنا لم يكن عن داعش، بل عن مَنْ صنّفتهم الخارجية الأمريكية في بيانها بالمدنيين الذين هجّرتهم ”قسد“ وكذلك التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية في 7 من سبتمبر/ أيلول 2015، بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ينفذها حزب الاتحاد الديمقراطي المسلح ضد المعارضين له، واستخدامه تهمة الإرهاب لشرعنة الاعتقالات التعسفية. وكذلك التقرير الصادر في 13 من تشرين الأول/ أكتوبر 2015 عن منظمة العفو الدولية الذي جاء فيه أن (التهجير القسري للسكان وتدمير المنازل الذي تقوم به القوات الكردية في شمال سورية وشمال شرقها، يشكل "جرائم حرب“).
إضافة إلى ما أصدرته في 5 تموز/ يوليو 2014 منظمةُ (نداء الإنسانية) السويسرية من أنها تمكنت من الحصول على التزام من أطراف كردية (قوات حماية الشعب وقوات حماية المرأة) بعدم تجنيد الأطفال، وبأنهم تعهدوا بتسريح 149 طفلًا.
وكذلك ما نشرته في حزيران/ يونيو 2015، صحيفةُ (التايمز) البريطانية في تقرير لها عن حملات التطهير العرقي التي تشنها قوات الحماية الكردية ضد العرب السوريين، وأخيراً وليس آخِراً ما أعلنته في 12 من حزيران/ يونيو 2015 الولايات المتحدة الأمريكية على لسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جيف راثكي، عن قلقها من تقارير تكشف استغلال حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري، للدعم الجوي لقوات التحالف الدولي لمحاربة "داعش"، في تهجير أعداد كبيرة من العرب والتركمان السوريين خارج مناطقهم.
فسؤال ”نداء بوست“ إذاً لم يكن عن "داعش"، بل عن مدنيين أبرياء من سكان المنطقة، اعتبرهم درار "دواعش"، لا عرباً ولا مسلمين.
يضيف درار أن المهنية الإعلامية تستلزم من الصحافي أن يضع الأسئلة والأجوبة بصيغة حوار، وليس كما ورد في الموقع الذي حوّل الحوار إلى تحقيق صحافي تارة، وتحليلات سياسية للصحافي تارة أخرى، الأمر الذي أخرج المادة الإعلامية عن صيغة ” الحوار الصحافي المكتوب”.
ويتابع: إن مهمة الإعلامي أن يطرح الأسئلة، ونشر ما تتضمنه الأجوبة فقط، وإذا أراد أن يقول رأيه فلا مانع، ولكن في مادة تحليلية أخرى، لا في الحوار ذاته؛ لأن ذلك يشكل خروجاً على شكل المادة الإعلامية (مقالة أم تحليل سياسي، أم تحقيق صحافي أم حوار)، وبالتالي خروجاً على المهنية الإعلامية.
درار اعتبر أن ما ورد في اللقاء يجافي أبسط قواعد العمل الصحافي، حين يحكم صحافي أن مشروع "مسد" هو مشروع انفصالي في الوقت الذي يجهد فيه المجلس نفسه في دخول العملية السياسية تحت سقف القرار 2254 وبالتالي الانضواء تحت السقف السوري. وتابع: إن مَن يعمل على تقسيم سورية هو مَن يعمل على إخراج ثلث مساحة سورية من العملية السياسية.
مشيراً إلى أن مهمة الصحافي في وسيلة إعلام مكتوبة ليس الحكمَ على ضيفه بالقول: ”الحوار مع رياض درار إشكالياً، باعتباره يحاول الابتعاد عن حقائق لا يمكن إنكارها”. وتابع درار: إذا كان الإعلامي مقتنعاً بحقيقة كهذه، فعلى أي أساس طلب مني الحوار”.
وختم درار، يمكن أن تكون هذه الطريقة في لقاء متلفز، أو وسيلة إعلام مرئية بحيث يكون الحوار من طرفين ووجهاً لوجه، أما في الوسيلة المكتوبة فإن الحوار أصبح من طرف واحد، وهذا يجافي الحق في الاختلاف ليُدخلنا إلى مداخل الخلاف الذي شبع منه السوريون.
نؤكد للشيخ رياض درار حرصنا على ضيوفنا، ومَن سبقه منهم مِن مفكرين وقادة سياسيين لم يعترضوا على ما ورد في حواراتهم مع ”نداء بوست“، بل أشادوا بمهنيتها وبالحرية الممنوحة للضيف ليقول ما يشاء، وذلك حين يقولون هم كلاماً موضوعياً يستحق الاحترام ولا يستوجب التعليقَ من طرف صحافيي الموقع لبيان التناقض في كلام الضيف أو محاولته غضّ النظر عما يراه الجميع من حقائق، وهو ما يجعل الحوار إشكالياً بالطبع، ومثيراً للجدل، لكن هذه هي الصحافة، لا صحافة ”سمعاً وطاعةً“ التي اعتاد عليها البعض.