نداء بوست- تحقيقات- كييف
يقوم الجيش الروسي بتجنيد السجناء لإرسالهم إلى الحرب في أوكرانيا، وذلك في انتهاك لحقوق السجناء ما يشكل تهديداً إضافياً للسكان المدنيين في منطقة الأعمال الحربية ينطوي على الاغتصاب والقتل والسرقة والسطو، حسب ما كتبه البروفيسور في العلوم القانونية يفجين تسيبولينكو.
لقد وضع فشل الحرب الخاطفة الروسية في أوكرانيا وتدمير الجيش الأوكراني للوحدات الروسية الأكثر استعداداً للقتال القيادة العسكرية السياسية الروسية أمام سؤال يتطلب إجابة عاجلة: من أين يمكن الحصول على حطب جديد للحرب التي طال أمدها ودخلت شهرها الخامس. في الوقت عينه، لا تريد السلطات الروسية الإعلان عن التعبئة العامة خوفاً من رد فعل للسكان الروس لا يمكن التنبؤ به، ولذا تقوم بالتجنيد بقدر المستطاع في أي مكان ممكن.
عُلم أنه حتى السجون الروسية صارت عرضة لتجنيد السجناء لإشراكهم في الحرب على أوكرانيا. ويعرّض ذلك القرار الإجرامي الذي اتخذته السلطات الروسية السكان المدنيين في أوكرانيا لخطر كبير، بالإضافة إلى أن إشراك السجناء في الأعمال القتالية ينتهك القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة باسم قواعد نيلسون مانديلا التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر 2015.
وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة “فاجني إيستوريي” الروسية الإلكترونية على شبكة الإنترنت خبراً عن تجنيد السجناء في سجون واقعة في مقاطعة نيجني نوفغورود وموردوفيا وإقليم كراسنودار لإشراكهم في الأعمال القتالية في أوكرانيا.
وجاء في إخطار تجنيد السجناء لإرسالهم إلى الجبهة: “السجن رقم 5 التابع لدائرة السجون الفديرالية في مقاطعة نيجني نوفغورود. أُخذ حوالي 10 أشخاص في 6.07.2022. استدعاهم رئيس السجن في الصباح، وفي المساء زارهم ممثل عن شركة عسكرية خاصة وجنرال. وكانوا جاهزين مع أغراضهم بعد 10 دقائق من استدعائهم. أخذوا بعضهم، وتركوا البعض الآخر في المستشفى، بينما لم يُستدعَ البعض.
وتنقل صحيفة “ميدوزا” عن Gulagu.net أن “أشخاصاً يرتدون ملابس مدنية زاروا السجون التابعة لدائرة السجون الفيدرالية في موردوفيا واستدعوا أولئك الذين لديهم خبرة قتالية لإشراكهم في الحرب”.
وأفاد أقارب السجناء الذين يقضون عقوبات في السجن رقم 7 “يابلونيفكا” والسجن رقم 6 “أوبوخوفو” الواقعين في سانت بطرسبرغ بأنه في 4 من شهر يوليو عُرض على السجناء المشاركة في القتال في دونباس كمجندين من شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة مقابل مئتَيْ ألف روبل والعفو. وبعد يومين نُقل حوالي 40 سجيناً من سجن “يابلونيفكا” إلى مقاطعة روستوف، كما نُقل 11 شخصاً من سجن “أوبوخوفو” إلى وجهة غير معروفة. ولم يسأل أحد عما إذا كان السجناء يريدون ذلك أم لا.
ولذا، تشير وقائع إشراك السجناء في الأعمال القتالية، وإن كانوا في عداد المجندين لدى شركات عسكرية خاصة، إلى التدهور الكامل للقوات المسلحة الروسية ونقص القوة البشرية لمواصلة الحرب على أوكرانيا، ما يعد انتهاكاً لعدد من قواعد الأمم المتحدة بشأن معاملة السجناء.
بينما تنص الوثيقة الدولية على أن عمل السجناء لا ينبغي أن يسبب لهم معاناة، وخلافاً لذلك تريد روسيا جعلهم وقوداً للحرب. كما تقضي الوثيقة بأن السجين ليس ملزماً بالعمل من أجل منفعة شخصية أو خاصة، وهو ما يريد ممثلو الشركات العسكرية الخاصة الاستفادة منه.
كما ينبغي تمكين السجناء من أداء العمل الذي يختارونه في حال كان ذلك متوافقاً مع الاختيار الصحيح للحرفة ومتطلبات الإدارة والانضباط في المؤسسة المعنية. ويجب أن يكون العمل المقدم للسجناء بقدر الإمكان عملاً يمنحهم مؤهلات أو يرفعها بحيث تمكنهم من القيام بعمل شريف بعد الإفراج عنهم.
ولكن المشاركة في الأعمال القتالية، حتى في عداد المجندين لدى شركات عسكرية خاصة، لا تقدم للسجين إمكانيات التحسن وإيجاد حرفة بعد قضاء فترة السجن بأي حال من الأحوال بل تزيد من رذائله. ولذا، يشكل السجناء المجندون تهديداً إضافياً للسكان المدنيين في منطقة الأعمال القتالية إذ قد تزداد حالات الاغتصاب وقتل المدنيين والسرقة عدة مرات مقارنة بما فعله جنود الجيش النظامي الروسي الذين قد ارتكبوا 22504 جرائم حرب مسجلة رسمياً من قبل مكتب المدعي العام الأوكراني.
وبالتالي، يتطلب حل هذه المشكلة جذب انتباه المجتمع الدولي لحقوق الإنسان فوراً بسبب أن السلطات الروسية لا تميز بين ارتكاب جرائم بحق المدنيين الأوكران المسالمين وانتهاك حقوق مواطنيها أي السجناء الروس في هذه الحالة، وأن نظام بوتين مستعد لفعل أي شيء لتحقيق طموحاته الإمبريالية.