نداء بوست- ريحانة نجم- بيروت
لطالما عُرفت مدينة صيدا جنوب لبنان بأنها مدينة رمضانية مميزة، تبدو كمدينة للألعاب في ليالي شهر رمضان المبارك، معالم الزينة والبهجة والأضواء تُخيِّم وتغطي ساحات وشوارع وأحياء المدينة وشرفات المنازل ومداخلها، والأناشيد الرمضانية عَبْر مكبّرات الصوت في كل مكان، وحركة سكانها اللافتة متحدين كل الأزمات التي يعيشها البلد.
فبالرغم من الانهيار الحاصل وتدني قيمة العملة الوطنية، والإحباط الحاصل لدى أغلبية الشعب اللبناني، فإنّ شهر رمضان جدّد نشاط المواطنين وأدخل الفرحة والبهجة إلى قلوبهم، وقرروا ممارسة العادات والتقاليد الرمضانية متحدّين فساد وإهمال السلطة الحاكمة وكل المشاكل والأوضاع الصعبة التي يرزح تحتها البلد.
تترافق زينة المدينة بنشاطات رمضانية متنوعة، منها الإفطارات الرمضانية وموائد السحور، وليلاً تعجّ المقاهي المنتشرة على الكورنيش البحري وداخل أحياء المدينة القديمة بالروّاد الذين يسهرون حتى السحور.
تتميز مدينة صيدا بالأمسيات الرمضانية وليالي السهر التي تمتد طوال الشهر وتستمر بعد ساعة من الإفطار وحتى ساعات الفجر الأولى إلى حين موعد الإمساك، وأنت تتجول في شوارعها تجدها ممتلئة بالناس، والمحال والمقاهي وبسطات بيع العصائر تعمل بشكل طبيعي، أضف إلى ذلك، بسطات الحلويات الرمضانية على أنواعها من المدلوقة إلى زنود الست وحلاوة الجبن والقطايف المحشوة بالقشدة والجوز والفستق، واللافت في هذا العام، وجود بعض البسطات التي توزّع الحلوى بنصف كلفتها، وأحياناً مجاناً على المارّة بدعم من الميسورين من أهالي المدينة لإدخال الفرحة والسرور على نفوس الناس.
كما تقيم بعض الجمعيات بالتعاون مع بلدية المدينة احتفاليات رمضانية مع نهاية كل أسبوع، يتخللها مسابقات توزع فيها جوائز مادية وعينية على المشاركين، ووصلات إنشادية.
وأنت تتجول بين المساجد ترى المصلين يفترشون الأرض ويصلون صلاتَي العشاء والتراويح، وأصوات المشايخ تملأ أرجاء المدينة، إضافة إلى الأدعية الرمضانية، والدروس الدينية.
أما السحور في صيدا فله طعم خاص، حيث تتميز مدينة صيدا، وخاصة القديمة بالكعك المخصص لرمضان، والمحشو بالجبنة والسمسم والزعتر والشوكولا، ويرش عليه “حبة البركة”، أضف إلى ذلك المحلات والبسطات المخصصة للمناقيش الصاج، والتي تمتلئ مع ساعات السحور بالرواد، وينتظر الزبائن دورهم وهم يتسايرون ويتبادلون الأحاديث، ناهيك عن وجبة الفول المدمّس والحمص بالطحينة والمشهورة في هذه المدينة، وتُعتبر المنقوشة وصحن الفول سيدَيِ السحور الرمضاني الصيداوي.