خاص – بيروت
على وقع أسوأ انهيار اقتصادي في تاريخ لبنان، ووسط انعدام الحلول بفعل عُمق الأزمة السياسية وعدم اكتراث السلطة الحاكمة والقوى المسيطرة على البلد للحال الذي وصل إليه بلد الأرز، يغرق اللبنانيون في العتمة نتيجة عجز شركة الكهرباء الوطنية عن تلبية حاجات اللبنانيين من الكهرباء، وعدم قدرة أصحاب المولّدات الخاصّة على إيجاد المازوت وسط تخبّط في أزمة محروقات خانقة، أجبرت اللبنانيين على الوقوف في صفوف طويلة أمام محطات المحروقات للحصول على صفيحة بنزين يذهبُ بها المواطن -الذي فقد قدرته الشرائية في ظل الارتفاع الجنوني لسعر الدولار- إلى عمله.
وفي ظلّ الحديث عن اتجاه حكومة تصريف الأعمال إلى رفع الدعم عن المحروقات تهافت اللبنانيون على محطات الوقود لتعبئة سياراتهم مع توقع ارتفاع صفيحة البنزين لحدود 15 دولاراً أمريكياً (ما يعادل 300,000 ليرة لبنانية)، ومن شأن ارتفاع أسعار المحروقات أن يُسبِّب ارتفاعاً في أسعار سلع وخدمات أساسية، بينها فاتورة مولدات الكهرباء الخاصة، ووسائل النقل، وحتى الخبز، وهو ما ينذر بفوضى عارمة في الشارع اللبناني الذي قد ينفجر بتحركات احتجاجية بدأت وتيرتها تزداد منذ مساء أمس في مختلف المناطق اللبنانية، وقد تصل إلى انفجار اجتماعي وإرباكات أمنية تحوّل الشارع اللبناني إلى حالة فوضى عارمة.
عضو نقابة أصحاب المحطات "جورج البراكس" قال لـموقع "نداء بوست"، إن المحروقات كانت مدعومة 90% من قبل مصرف لبنان على أساس سعر صرف 1515 و10 بالمئة المتبقية تتحملها الشركات المستوردة، ولكن ابتداء من التاسع والعشرين من حزيران الماضي تحولت آلية الدعم إلى 100% على أساس سعر صرف 3900 وهو المنصة المعتمدة في مصرف لبنان المركزي والبنوك الأخرى نتيجة الاجتماع الذي حصل وقتها مع رئيس الجمهورية.
وأضاف أنه تم الاتفاق على تطبيق هذا القرار لنهاية شهر أيلول من أجل تأمين المحروقات بطريقة سهلة للمواطنين، وأيضاً لتشجيع المغتربين للمجيء إلى لبنان وتنشيط الحركة السياحية.
وعن أزمة المازوت، قال "البراكس" إن المشكلة اشتدت في الأيام الأخيرة، نتيجة توقف شركة كهرباء لبنان عن إنتاج الطاقة الكهربائية، وبالتالي زيادة الضغط على المولدات الخاصة لتعويض التيار الكهربائي وحاجة هؤلاء لكميات كبيرة من مادة المازوت، وهو ما تعجز الدولة عن تأمينه في ظل الأوضاع التي يمر بها البلد، وهو ما ينذر بدخول البلد بالعتمة الشاملة.
عن موضوع رفع الدعم عن المحروقات، أشار البراكس إلى أن هذا الموضوع مطروح منذ فترة على بساط البحث، مؤكداً أنه الحل النهائي لاستقرار الأمور وتأمين المحروقات.
وشرح البراكس لموقع "نداء بوست" أن سياسية الدعم للمحروقات المتبعة في لبنان تقوم على أن يؤمن مصرف لبنان الكميات اللازمة من الدولارات من أجل استيراد الكميات المطلوبة لحاجة البلد، والمصرف المركزي اليوم عاجز عن تأمين هذه الدولارات وبالتالي فإن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو رفع الدعم حتى لا نصل إلى مرحلة فقدان المواد من الأسواق، والانتقال من مرحلة رفع الدعم عن المواد إلى دعم المواطن اللبناني.
وقال البراكس إن رفع الدعم سينعكس سلباً على حياة المواطنين حيث سيرتفع سعر الدولار حكماً وبالتالي ارتفاع أسعار كل السلع الأخرى، ومن هنا لا بد أن تؤمن الدولة بدائل تدعم القدرة الشرائية للمواطن.
وكشف لموقعنا أنه طرح خطة، منذ شهرين، لرفع الدعم على مراحل تمتد لخمسة أشهر مع إمكانية تعديل البطاقة التمويلية التي قد توزع على بعض العائلات لمساعدتها، مؤكداً ضرورة وقف تهريب المازوت والبنزين إلى سوريا وضبط المعابر غير الشرعية.
في السياق نفسه ربط البراكس أزمة المحروقات وحلِّها بحل الأزمة السياسية التي يعيشها البلد وتشكيل حكومة قادرة على إنجاز الإصلاحات وتنقذ البلد من الانهيار الحاصل.