المصدر: ذا هيل
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: جيسون برودسكي
قبل ثلاث سنوات، أضافت الولايات المتحدة (وهي مُحقّة) الحرس الثوري الإسلامي الإيراني إلى قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
الآن وكجزء من المفاوضات لاستعادة الاتفاق النووي، تُجبر طهران الولايات المتحدة على التفكير في التراجع عن موقفها، ولكن قيل إن الرئيس بايدن متردّد في التراجع عن التصنيف -وهو مُحقّ في ذلك.
حتى الآن، أغفل الخلاف السياسي حول هذه القضية ثلاثة عوامل تُحذّر من إزالة الحرس الثوري من القائمة دون تقديم تنازلات ملموسة: أهمية الحرس الثوري الإيراني للنظام الإيراني الحالي؛ تُهمة الإرهاب التي توسم المنظمة بأكملها؛ والسابقة المُقلقة التي سيشكّلها إزالة الحرس كمنظمة إرهابية أجنبية من قوائم الإرهاب.
ويقول مناصرو “صفقة بأي ثمن”: إن تصنيف قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية هي مُجرّد مسألة رمزية وغير مُهمّة، ولكنهم مُخطئون في قول ذلك.
لماذا تُصرّ إيران على أن شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية هو خط أحمر لكنها تبدو راضية عن احتفاظ واشنطن بتصنيف الحرس ضمن قائمة الإرهاب العالمي المصنف خصيصاً (SDGT)؟ الجواب ليس كل العقوبات متساوية.
قبل إدراجها في قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وجد الحرس الثوري الإيراني نفسه مُصنَّفاً ضمن قائمة “الإرهاب العالمي المصنف خصيصاً” بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، ولكن هناك فروقاً قانونية بين مختلف سلطات مكافحة الإرهاب، ويذهب تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية خطوة أبعد من قائمة “الإرهاب العالمي المصنف خصيصاً” في تقييد الهجرة ببساطة بحكم العضوية في التنظيم -وهو أمر غير مُهم بالنظر إلى ما تردد عن تخطيط الحرس الثوري الإيراني لاغتيالات على الأراضي الأمريكية. تتمتع قائمة “الإرهاب العالمي المصنف خصيصاً” بنطاق حظر أكثر محدودية، مع التركيز على المعايير المُحدّدة في الأمر التنفيذي.
وتؤدي عقوبة قائمة “الإرهاب العالمي المصنف خصيصاً” أيضاً إلى فرض حظر جنائي على تقديم الدعم المادي أو الموارد عن عمد إلى الحرس الثوري الإيراني -مع الوصول إلى خارج الحدود الإقليمية- وتوفر سُبلًا إضافية للإغاثة لضحايا المنظمة الإرهابية في التقاضي المدني للحصول على تعويضات. وهذا يُفسر سبب دفع طهران لمثل هذه الصفقة الصعبة لإزالتها. لكن ليس هذا هو السبب الوحيد.
الحرس الثوري الإيراني بصفته صانع الملوك
تتمتع إدارة رئيسي بعلاقة إستراتيجية وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني، فبالنظر إلى سِنّ المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وأن الرئاسة كانت نقطة انطلاق له في بلوغ القيادة العليا، فقد ظهر رئيسي كمنافس على منصب المرشد نفسه.
فإذا كان رئيسي يريد المنصب الأعلى، فسيحتاج إلى دعم من الحرس الثوري الإيراني، وهو يدرك أن السماح للولايات المتحدة بالاحتفاظ بالحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية سيجعله عُرضة للخطر في مثل هذه المنافسة على المنصب الأعلى في الدولة.
لهذا السبب، سيرغب في أن يُنظر إليه على أنه يتقدم ميلًا إضافياً في إحراز امتياز إضافي للحراس قبل خلافة المرشد الحالي.
وبالتالي، فإن مُجرّد شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية من شأنه التضحية بالنفوذ على هيكل القوّة الحالي في طهران -وهو الأمر الذي سيكون ضرورياً بشكل خاص إذا كانت هناك عودة إلى الاتفاق النووي.
ما لم يكن الحرس الثوري الإيراني مُستعداً لإجراء تغييرات جذرية وملموسة في وضعه، فلا ينبغي منح مثل هذا النقطة المريحة له.
المهمة الإرهابية للحرس الثوري الإيراني تشمل كل أركان المنظمة
التفويض الدستوري للحرس الثوري الإيراني هو “مهمة إيديولوجية للقتال وفرض المعتقدات الإيرانية في جميع أنحاء العالم”، والإرهاب هو الوسيلة لتحقيق هذه الغاية. ويقدم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني القوة البشرية والمال والعتاد لمحور المقاومة الإيراني ويدير إدارته.
تتعاون الفروع الأخرى للحرس الثوري الإيراني، وهي القوة الجوية والبحرية والقوات البرية والباسيج ومنظمة المخابرات مع فيلق القدس في استخدام الإرهاب.
نفّذت وحدة الطائرات بدون طيار التابعة لقوة الفضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني هجوماً في 29 تموز/يوليو 2021 على السفينة التجارية ميرسر ستريت، مما أسفر عن مقتل اثنين من الأوروبيين.
وجدت الحكومة الأمريكية أن قائد البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، علي رضا تنكسيري، “يترأس القوة البحرية الإيرانية وهو مسؤول عن تخريب السفن في المياه الدولية”.
انتشرت القوة البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني في سورية لمساعدة فيلق القدس وميليشياته الإرهابية. الشيء نفسه بالنسبة لقوات الباسيج، التي، وفقاً لوزارة الخزانة، “تُجنّد وتُدرّب مقاتلين لـ فيلق القدس، بمن فيهم أطفال إيرانيون، والذين ينتشرون بعد ذلك في سورية لدعم نظام الأسد الوحشي”.
كما عمل رئيس جهاز المخابرات التابع للحرس الثوري الإيراني كوسيط لخامنئي في العراق -ولعب في هذه العملية دوراً مخصصاً عادة لقائد فيلق القدس- في الاجتماع مع كبار قادة الميليشيات في تموز/ يوليو2021 وحثّهم على زيادة الهجمات على قوات الولايات المتحدة في العراق وسورية.
وبالتالي، فإن الحرس الثوري الإيراني بجميع فروعه يشارك في الإرهاب ويدعمه.
إن الحجة القائلة بأن الفروع المنفصلة للحرس الثوري الإيراني -مثل فيلق القدس – تستحق تصنيفها على أنها منظمات إرهابية أجنبية أكثر من غيرها تتجاهل التداخل في المهمة عبر المنظمة. فالإرهاب موجود في الحمض النووي للحرس الثوري الإيراني.
سابقة مقلقة
هناك ما لا يقل عن سبع منظمات تم تصنيفها على أنها منظمات مالية أجنبية تتلقى دعماً مباشراً من الحرس الثوري الإيراني. إذا ألغت واشنطن تسمية السفينة الأم التي تتدفق منها المساعدات، ولكن ليس أقمارها الصناعية، فإنها ستزيد من تقويض اتساق وتماسك العقوبة.
بعد أسابيع فقط من توليه منصبه، اختارت إدارة بايدن شطب الحوثيين -دون تأمين تغيير في سلوكها أولاً. ولقد أدّت مضاعفة الميليشيا ضد الإرهاب منذ الشطب إلى وضع إدارة بايدن في موقف حرج يتمثل في الاضطرار إلى الدفاع عن عملية الشطب على الرغم من انخراط الحوثيين في الإرهاب بلا منازع. وبالمثل، فإن شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة سيقلل بالمثل من قيمة قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية كأداة ضغط.
لا ينبغي شطب الجماعات الإرهابية من القوائم إلا بناءً على سلوكها، كما جرت العادة عبر التاريخ.
فعلى سبيل المثال، عندما قرّرت وزارة الخارجية إزالة مجاهدي خلق من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في عام 2012، أشارت إلى أن “غياب الأعمال الإرهابية المؤكدة من قبل منظمة مجاهدي خلق لأكثر من عقد، وتعاونهم في الإغلاق السلمي لمعسكر أشرف، قاعدة الميليشيات التاريخية شبه العسكرية “كان السبب في القرار.
وعلى الرغم من احتفاظ وزير الخارجية بسلطة تقديرية قانونية واسعة في عمليات الإبعاد، يجب أن يخضع الحرس الثوري الإيراني لنفس المعيار العالي.
إن الطلب الإيراني لشطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية ليس بالأمر الهيّن. الاستسلام سيأتي بتكلفة كبيرة للولايات المتحدة ومنح النظام الإيراني انتصاراً كبيراً.
وتتمثل الإستراتيجية الأكثر حكمة في الاعتراف بأهمية تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية والاستفادة من ذلك كوسيلة لتأمين تنازلات إضافية كبيرة، بما في ذلك أولاً وقبل كل شيء تغييرات ملموسة في السلوك أما أي شيء آخر فسيكون استسلاماً لا أكثر.