كشفت دراسة أجرتها مؤسسة البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تركيا أنّ المواطنين الأتراك يرون في اللاجئين السوريين الذين يشكّلون 10 بالمئة من سكّان إسطنبول، عبئاً اقتصادياً واجتماعاً وسياسياً.
وقالت الدراسة التي نشرتها وسائل إعلام تركية: إن "التصورات والمواقف تجاه اللاجئين السوريين في إسطنبول، تُعَدّ من أهم المواضيع التي تركز عليها دراسات وبحوث الاتصال الاجتماعي، خاصة تلك التي تتناول قضايا تتطرق إلى الحزبية وكراهية الأجانب ومفاهيم التهديد".
وتطرقت مؤسسة البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تركيا (TÜSES) بدراسة أجرتها مؤخراً إلى مصطلح "التآخي الديني" أو ما يعرف بما كان يطلق عليه الرئيس التركي رجب أردوغان بـ "المهاجرين والأنصار" والذي "شكّل أساس خطاب الدولة الرسمي في المراحل الأولى للهجرة، قد تراجع، وهو الآن في طور الاختفاء تدريجياً مع تزايُد تأثير الميول الاقتصادية أولاً ثم القومية والمناهضة للأجانب".
وأُجريت الدراسة على نحو 32 ألف لاجئ سوري وأكثر من 2000 مواطن تركي، عَبْر آلية المقابلة المعمقة، وكِلا الفريقين يعيشان في إسطنبول ويبلغان من العمل أكثر من 18 عاما.
وقال رئيس مؤسسات الأبحاث TUSES في تعليقه على الدراسة التي شملت 32 ألف لاجئ سوري، وحوالي ألفَيْ مواطني تركي: إن "مفهوم الهجرة هو أحد أكبر المشاكل التي تواجه عالمنا اليوم".
وأضاف: "يعتمد التاريخ البشري على الهجرة، ومع ذلك فإن من أكبر المشاكل اندماج المهاجرين، ولقد أصبح من المهم أكثر فأكثر لرفاهية المجتمع أن ننتج سياسات حول كيفية التعايش مع الهجرات الداخلية والخارجية إذ لا يوجد سبب واحد لهذه التصورات السلبية المتنامية".
إلى ذلك، قال عضو هيئة التدريس بكلية العلوم السياسية بجامعة مرمرة، "عثمان سافاشكان" (صاحب الدراسة): إنها كشفت أن التصورات والمواقف السلبية تجاه اللاجئين السوريين لا يمكن أن تُعزى إلى سبب واحد، بل على العكس، يجب أن يُنظر إليها على أنها متعددة الطبقات.
وأضاف أنّها "قضية ذات أبعاد سياسية وثقافية واقتصادية"، مشيراً إلى أنّ "المواقف الإقصائية تجاه السوريين تعكس جزئياً كرهاً عاماً للأجانب ويتغذى على الانقسامات الاجتماعية في تركيا".
وأوضح "سافاشكان" في تحليله نتائج الدراسة أن "هناك قلقاً بين المعارضة في تركيا من أن يصبح طالبو اللجوء مخزن أصوات لصالح الحكومة، وبالتالي يخل بالتوازن السياسي لصالح الطرف الآخر".
السوريون بالأرقام
الدراسة تقول: إن "الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، تأتي في مقدمة الآثار السلبية لتواجُد اللاجئين السوريين في تركيا وتحديداً في إسطنبول.
ويرى الأتراك في إسطنبول أن "السوريين يقللون من فرص الحصول على عمل للمواطنين الأتراك بنسبة 70.81 بالمئة، فيما يرى 66.13 بالمئة أنّ اللاجئين السوريين يخلون بالتوازن السكاني من خلال إنجاب العديد من الأطفال، ويشكلون تهديداً لأسلوب الحياة الحديث بنسبة 59.86 بالمئة، ويجعلون من الصعب الاستفادة من الأماكن والخدمات العامة (الحدائق والملاعب والشواطئ) 59.43 بالمئة وانخفض التأييد لسياسة الباب المفتوح إلى (36) بالمئة.
وتشير الدراسة إلى أنّ ما نسبته 6.7 بالمئة من الأتراك يقيمون علاقات وثيقة مع السوريين في تركيا، بالتالي تراهم الدراسة أنّه يشكّلون عبئاً، ويجب "توطينهم في مناطق آمنة تقام في سوريا"، فيما يرى اقتراح آخر أنّه "يجب وضعهم في مخيمات لاجئين تقام في تركيا" بنسبة 22.88٪.
فيما أوصت الدراسة، ولكن على نطاق ضيّق، بضرورة تعلم اللاجئين السوريين للغة التركية؛ حتى يتمكن اللاجئون من الاستفادة من فرص التعليم ودورات اللغة التركية إلى أقصى حد ما يساهم في التماسك الاجتماعي.
ويقيم في إسطنبول ما يزيد عن 500 ألف لاجئ سوريّ (وفق إحصائيات رسمية) فيما أشارت الدراسة إلى أنّ العدد أكبر بكثير (مليون ونصف)، بينما مجموع السوريين في عموم تركيا يقترب من 3.6 مليون لاجئ سوريّ.
وحقق السوريون في تركيا حضوراً لافتاً في قطاع الاقتصاد والتعليم ومختلف المجالات، كما أنعشوا الحركة الاقتصادية والتجارية من خلال مشاريعهم، ورخص اليد العاملة السورية التي تعمل في جميع المدن التركية.