نداء بوست -أخبار سورية- تحقيقات- معاذ الناصر
أصدر اليوم رئيس المكتب الإعلامي لهيئة التفاوض السورية الدكتور يحيى العريضي، بياناً إلى الرأي العام, أعلن فيه انسحابه من المشاركة في أعمال الجولة السابعة للجنة الدستورية وأوضح فيه تبريرات الانسحاب والاعتراض على عقد الجولة الجديدة.
وبدأ العريضي بيانه بمخاطبة “الشعب السوري العظيم، والعالم المتحضّر في كل مكان”.
وأضاف البيان: أن السوريين “وهم على أعتاب العام الثاني عشر لانطلاقة ثورة الشعب السوري العظيمة، جدّدوا عهدهم الخالد الذي دمغته دماء الشهداء الزكية، وشهدت عليه التضحيات الجسيمة التي قدمها السوريون، عبر تظاهرات معلنة للعالم أجمع أن السوريين ماضون في طريق الحرية والكرامة والتضحيات حتى تحقق ثورتهم أهدافها كاملة”.
وتابع العريضي : “تزامناً مع ذكرى انطلاق ثورتنا، نشهدُ ويشهد العالم معنا، تطبيقاً حرفياً وعملياً للرؤية الروسية لأي حل سياسي يمكن أن ترعاه أو تقدّمه، ويشهد على ذلك دمار أوكرانيا وقتل أطفالها وتشريد مدنييها وتدمير مُدنها. وما كانت روسيا لتغزو أوكرانيا لولا الصمت الدولي على غزوها لسورية وارتكابها جرائم الحرب فيها.”
وأشار العريضي في بيانه، إلى أن البوصلة التي عمل بهديها لم تكن إلا “ما أراده الشعب السوري وبذل في سبيله الغالي والنفيس. ومن هنا، فقد رفضت منطق غضّ الطرف عمّا ارتكبه نظام الأسد من مجازر بدعم وتشجيع من روسيا وإيران، والإفلات من العقاب، وعرقلة جهود الوصول للحل السياسي على أساس القرارات الدولية.”
وأعلن على ضوء ما سبق، رفضه وزملاء له “مقاربة المبعوث الدولي التي سماها “الخطوة مقابل خطوة”، وخروجه الفاضح عن بيان جنيف وقرارات مجلس الأمن، وبغرض إضاعة مزيد من الوقت على حساب دماء السوريين، ومنح النظام من خلالها فرصة جديدة لتعزيز عنجهيته ومماطلته في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، وفي” عملية دستورية وهمية“لم تقدّم شيئاً للشعب السوري خلال أكثر من سنتين ونصف، عبر مسار طويل من الفشل الذريع لم تستطع إحراز أي تقدم”.
وأردف: “وبدلاً من مصارحة السوريين والعالم بما يجري في قاعة المهاترات في جنيف، لم يكن من المبعوث الدولي إلا أن ضرب عرض الحائط بكل هذه الثوابت، مصراً على الدعوة لحضور فصلٍ جديد من فصول مسرحية ”اللجنة الدستورية“ الفاشلة.
ولفت في بيانه “دأب البعض في مؤسسات المعارضة السورية على التفرد والإقصاء وتسيير المؤسسات بالاتجاه الذي يريدونه عبر لقاءات” سرية“وتفاهمات وأوراق وصياغات لا نعلم عنها شيئاً”.
وختم العريضي بيانه بتأكيده على النقاط التالية:
– الرفض الكامل لمقاربة ”الخطوة مقابل خطوة“ التي يحاول المبعوث الدولي فرضها على السوريين؛ فهي في نظر هذا الشعب السوري ”خيانة“ صريحة تمسح تضحياته وتتنكر لحقوقه وتعيد تعويم منظومة الاستبداد.
– عدم المتابعة في طريق اللجنة الدستورية البائس ومسارها العبثي، والالتفات إلى العمل مع الأمم المتحدة وأمينها العام ودول العالم للعودة إلى القرارات الدولية وتطبيقها وفق تسلسل البنود الواردة فيها.
– ضرورة إيلاء الشأن الإنساني وقضية المعتقلين خصوصاً الأهمية القصوى والبدء بها كبند أخلاقي قيمي قانوني غير تفاوضي، واعتبار أن الوقت حان لانطلاق ”زمن المحاسبة“ بدءاً من ”شهر المحاسبة“.
وللوقوف أكثر على دواعي البيان وأهميته في الوقت الذي يقترب من عقد الجولة الجديدة, تَواصل “نداء بوست” مع الدكتور يحيى العريضي, وسأله عن إذا ما كان هذا البيان يمثل أعضاء أخرين في الهيئة, وعن أسباب مضي الهيئة ككتلة باتجاه استمرار المفاوضات وخاصة بعد إعلانها رفض مقاربة “خطوة بخطوة” التي طرحها المبعوث الدولي غير بيدرسون.
قال الدكتور العريضي: إن “البيان يمثلني كأحد أعضاء الهيئة, وموقع من قبلي فقط, ولكنه عملياً يمثل رأي نسبة كبيرة من الهيئة, إلا أن الأمر اختلف عند التصويت على موضوع الذهاب إلى هذه الجولة التي دعا لها المبعوث الدولي, حيث اعترض عليه 5 أعضاء فقط من مجمل 21 عضواً”.
وأضاف العريضي: إننا (يقصد الأعضاء الخمسة), “كانت لنا مبرراتنا في رفض عقد الجولة, والتي ذُكرت بالبيان, وكنا اعترضنا مسبقاً على استراتيجية “الخطوة بخطوة” التي ابتدعها بيدرسون, والتي رأينا أنها تؤدي إلى ضياع تضحيات السوريين, وتعيد تأهيل المنظومة الاستبدادية”.
وبخصوص مبررات رفض مقاربة بيدرسون، قال العريضي: إن “التفويض والولاية الممنوحتين لبيدرسون تفرض عليه الالتزام بتنفيذ القرار الدولي، ولا تجيز له ابتداع أدوات جديدة تضيع حقوق السوريين, وهو بذات الوقت (يقصد بيدرسون) يسعى لتشكيل لوبي يؤيد خطته الجديدة من المجتمع الدولي ومجلس الأمن”.
وتابع: “لقد أوضحنا لبيدرسون أن الجزء الأساسي من مهمته في اللجنة الدستورية يتعلق بإيجاد بوابة لتنفيذ القرار الدولي, ومع ذلك هو لم يجاوبنا بشكل رسمي على اعتراضنا, وأرسل دعوة لعقد الجولة السابعة بكل صفاقة, دون أن يأخذ رأينا ومطلبنا المعلل والمدعم بعين الاعتبار” مضيفاً أنه و” لهذه الأسباب فإن أقل ما يمكن فعله هو الاعتذار عن المشاركة بهذه الجولة”.
وعن السبب الداعي لإصدار البيان بعد التصويت, قال العريضي: “بعد أن وافق 21 عضواً من هيئة التفاوض على الذهاب في هذه الجولة وبهذا التوقيت, عبرت عن وجهة نظري بعدم المتابعة في هذا المسار, لأنه عبثي وبائس, وضد إرادة السوريين, فنحن بدون صوت الناس لا حال لنا”.
ولدى سؤالنا عن مبررات الموافقين على عقد الجلسة, والرافضين مسبقاً لمقاربة بيدرسون, أجاب العريضي: “لقد برر الموافقون على المشاركة بالجولة الجديدة موقفهم, بوجوب أخذ رغبة الدول الداعمة لنا بعين الاعتبار” مشدداً على أنه لا يتوجب سماع غير صوت السوريين, أو الخضوع لغير مصلحة سورية وأهلها.
وفي ذات السياق التقى “نداء بوست” مع عضو لجنة التفاوض العميد المنشق إبراهيم الجباوي، وسأله فيما إذا كان البيان الصادر عن الدكتور العريضي، يعبر عن خلاف ناشئ داخل الهيئة بخصوص الذهاب إلى الجولة السابعة للجنة الدستورية, وخاصةً بعد أن أعربت الهيئة سابقاً عن رفضها لمقاربة المبعوث الدولي غير بيدرسون “خطوة بخطوة”, والذي أرسل الدعوة لعقد الجولة دون أن يناقش الهيئة بأسباب رفضها؟
أجاب الجباوي: “نعم، المبعوث الدولي لم يرد على بيان هيئة التفاوض الرافض لمقاربة “الخطوة بخطوة” وضرب به عرض الحائط، ووجه الدعوة للجولة السابعة”.
وأضاف أن “هناك آراء مخالفة لنهج الهيئة، وسبق أن أُرسلت رسالة للمجموعة المصغرة موقعة من قبل خمسة من أعضاء الهيئة الرافضين لهذا النهج، وانجرف الباقي وراء رؤية إقليمية معينة، وأرادوا تجيير قرارات الهيئة لصالح تلك الرؤية”.
وأعرب الجباوي عن تأييده للبيان، قائلاً: ” انتفض بعض الأعضاء، ومنهم الدكتور يحيى العريضي، وهذا موقف رائع، ويعبر عن عدم الرضا بأداء اللجنة الدستورية, ورفض تبني مخرجاتها”.
وفيما يخص أداء اللجنة الدستورية، أشار الجباوي إلى أنها “ذهبت بالتماهي كثيراً مع المواقف الإقليمية، وأرادت أن يُملى عليها من جهة الرئاسة، مبتعدةً عن هيئة التفاوض وهي المرجعية الأساسية، ولم تتشاور معها بشأن البنود الدستورية التي يجب أن تطرح”.
ولفت إلى أن “هناك اتفاقا ً بين جميع الأطراف على المواد الدستورية الأساسية, منذ اجتماعات اللجنة الدستورية للتحضير لانطلاقتها بعد منتصف عام 2012 في الرياض” مضيفاً: أننا وبالرغم من هذا الاتفاق “نرى الآن أن السيد رئيس اللجنة الدستورية يحاول المناورة بها وتبديلها, وفهمنا من تغريدة بيدرسون, أن المبادئ الأساسية المطروحة تقتصر على أساسات الدولة ورموزها وهويتها”.
وتابع الجباوي: إننا “إذا عدنا إلى دستور النظام في العام 2012, فسنجد أن المبادئ المطروحة في اللجنة هي ذاتها المضمنة في دستور النظام, مضافاً عليها المعارضة البرلمانية ومشاركة الأحزاب السياسية, وهذا يختلف مع الأهداف التي خرجت بها الثورة, ومن الواجب الخوض في المواد الدستورية التي تعبر عن تطلعات الشعب السوري, بعيداً عن القضايا غير الخلافية”.
وأكد الجباوي أن اللجنة “ذهبت باتجاه هذه المواد دون استشارة هيئة التفاوض والتي هي مرجعيتهم بالأساس, ولم يشاوروها لا هي ولا اللجنة الدستورية الموسعة, وبالتالي هذا إن دل على شيء فهو يدل على أنهم ذاهبون باتجاه تعديل دستوري, وليس إلى إصلاح دستوري, أو إلى دستور جديد كما نطمح”.
وختم العميد المنشق بالقول: “مع ذلك فالجميع يدرك أن النظام لن يتنازل حتى عن هذه البنود البسيطة, فهو لا يريد الحل السياسي, ويخضع للتوجيه الروسي والإيراني في التعنت والمماطلة والتسويف حتى يحين الموعد الذي تريده روسيا” مشيراً إلى أن “كلام لافرنتيف واضح بهذا الخصوص عندما قال: (لا تترجوا شيئاً من اللجنة الدستورية)”.