يعود حضور القوات الروسية غير النظامية في سورية إلى عام 2013، حيث دخلت مجموعات تابعة للفيلق السلافي (وهي فرع من شركة موران الأمنية الروسية مسجلة خارج الأراضي الروسية) الأراضي السورية وانخرطت في الأعمال القتالية إلى جانب قوات النظام السوري خلال فترة المواجهات للسيطرة على الحقول النفطية وحقول الفوسفات في وسط وشرق سورية، إلا أنَّ الفيلق خسر مجموعات كبيرة من مقاتليه نتيجة عدم توفر الخبرات اللازمة في المواجهات الميدانية المفتوحة وعدم المعرفة بطبيعة الجغرافية السورية، بالإضافة إلى ضعف التنسيق بين قوات الفيلق السلافي والقوات النظامية المحلية.
وقد اضطرت موسكو إلى إعلان اعتقالها لعدد من قيادات الفيلق السلافي لمشاركتهم في أعمال قتالية يحظرها القانون الروسي. وتشير المعلومات التي تم الحصول عليها بأنَّ قراراً صدر بسجن عدد من قيادات الفيلق من أبرزهم يبغينيج سيدوروف بتهمة الارتزاق، لكنَّ القرار لم يُنفّذ، ويتم التحفظ حالياً على قيادات الفيلق السلافي في قاعدة غربي روسيا تابعة للمديرية العامة للأمن العسكري في روسيا.
واستطاع فريق موقع “نداء بوست” عبر تحقيق استقصائي من استجماع معلومات دقيقة عن نشاط المرتزقة الروس في سوريا
الشركات الأمنية الروسية النشطة في سوريا
تنشط على الأراضي السورية العديد من الشركات الأمنية الروسية التي تقوم بتجنيد المرتزقة من أجل القتال في سوريا، أو بهدف حماية المنشآت التابعة للشركات الروسية.
شركة موران للخدمات الأمنية: أهم وأقدم الشركات التي بدأت نشاطها في الأراضي السورية منذ عام 2013 وتعتبر الشركة المسؤولة عن حماية مناجم الفوسفات في بادية تدمر حالياً، عقب قرار القيادة الروسية تقليص نشاط الشركة في المهام القتالية والميدانية (قرار تجميد نشاط الفيلق السلافي التابع للشركة) تم توجيه الشركة للإشراف على إدارة ملفات حماية شركات القطاع الخاص الروسيّة التي تنشط في سورية بموجب عقود الاستثمار الطويلة الأمد مع الحكومة السورية، ويبلغ قوام كوادر الشركة 3500 عنصر (حسب تقديرات تشرين الأول/أكتوبر 2020).
شركة فيغاسي : شركة عسكرية خاصة متخصصة في مجال التأهيل والتدريب، وتعتبر رأس الحربة بالنسبة لبرامج التأهيل والتدريب المُموّلة من قبل قيادة القوات الروسية في سورية.
بدأت الشركة نشاطها الفعلي في سورية نهاية عام 2018، حيث أشرفت الشركة على مشروع إعادة تأهيل لواء القدس (لواء القدس من التشكيلات الرديفة التي تم تأسيسها بإشراف كامل من قبل الحرس الثوري الإيراني إلا أنَّ حجم الخسائر التي تكبدها اللواء والخلافات بين قيادة اللواء وقيادة الحرس الثوري مكّنت قيادة القوات الروسية من استقطاب اللواء ليكون أحد أبرز التشكيلات الرديفة التابعة لها في الأراضي السورية، وقد أشرفت قيادة القوات الخاصة الروسية في سورية على تقديم التمويل المالي واللوجستي لإعادة بناء اللواء فيما أشرفت شركة فيغاسي على عمليات التدريب والتأهيل).
ومن أبرز قيادات الشركة في سورية أليكسي ياتسينكو (ضابط سابق في القوات الخاصة الروسية، ويعتبر مهندس مشروع إعادة بناء لواء القدس).
وتنشط الشركة حالياً في كل من محافظتي حمص وحلب بشكل رئيسي، حيث يقع المقر الرئيسي للشركة في منطقة ريف حلب الجنوبي.
ويجري التحضير حالياً للبدء بمشروع جديد من قِبل الشركة، يهدف إلى تأسيس نواة لقوات رديفة تابعة لقيادة عمليات الفرقة 30 حرس جمهوري العاملة في محافظة حلب.
فاغنر
مجموعات “فاغنر” هم في الأصل متطوعون مدنيون، يتم إخضاعهم لدورات عسكرية مكثفة في مقرات الاستخبارات الروسية شرق البلاد، قبل أن يتم إرسالهم إلى سوريا وبلدان إفريقيا، ويعملون بشكل مباشر تحت إمرة الجيش الروسي المنتشر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
المواقع الأساسية لقوات “فاغنر” في سوريا تتركز في محافظة حلب، تحديداً في “مزارع المريمية” و الكلية الفنية الجوية في منطقة الراموسة، وتنتشر مجموعات لـ “فاغنر” بالقرب من مركز التنسيق الروسي في منطقة “الجديدة” بمدينة حلب.
تنتشر قوات فاغنر في المنطقة الوسطى بشكل رئيسيّ بدءاً من الحدود الإدارية لريف حمص الشرقي وصولاً إلى منطقة تدمر والبادية، وتعتبر مدينة السخنة المقر العملياتي الأهم لقوات فاغنر، حيث يعتبر المقر الأكبر على مستوى المنطقة الوسطى حيث يضم؛ قيادة عمليات ،ومركز اتصالات، ومقر ارتباط أمني يتبع بشكل مباشر لمكتب استخبارات الجيش الروسي في سورية.
كما يقع المقر الثاني لقوات فاغنر في المنطقة الوسطى (وهو مقر عمليات متقدم) في المنطقة الواقعة على طريق تدمر – الرصافة، ويعتبر المقر المسؤول عن إدارة المهام القتالية المباشرة بالإضافة إلى عمليات الإسناد والمؤازرة.
وفي الساحل السوري يوجد أكبر مركز لها بالقرب من قاعدة حميميم، وتنتشر في مساحة من الأراضي الزراعية التي تم استئجارها من المدنيين لعقود طويلة، ويضم الموقع معسكراً تدريبياً. وتجري فيه حالياً معسكرات تدريبية للمنتسبين في صفوف الفيلق الخامس، يُقدَّر عددهم بحوالي 200 عنصر غالبيتهم من أبناء محافظة طرطوس.
واتخذت قوات “فاغنر” مقراً دائماً لها في محافظة اللاذقية، حيث تم تأهيل مهبط للطيران المروحي داخل حرم المطار الخاضع بشكل كامل لإدارة قاعدة حميميم حالياً. وعادة ما يستخدم المطار لنقل الدعم اللوجستي والعتاد اللازم للقوات الميدانية الموجودة في البؤَر الساخنة.
واعتمدت قيادة القوات الروسية في سورية في إدارة النشاط الاستخباراتي على قوات فاغنر بشكل ملحوظ مع بداية عام 2019، حيث أشرفت قيادة قوات فاغنر في منطقة البادية على تأسيس وإدارة جهاز استخباراتي مستقل تماماً عن الأجهزة الأمنية السورية الرسمية.
وتركزت مهام الجهاز الذي يمارس مهامه تحت إدارة مكتب استخبارات الجيش الروسي في سورية على نشاط الحرس الثوري الإيراني في المحافظات الشرقية وملف العشائر السورية في منطقة بادية تدمر.
وعمليات التجنيد التي تُشرف عليها قوات “فاغنر” يتم بشكل رئيسي في المحافظات الساحلية (ضمن الفيلق الخامس) ومحافظة حلب (ضمن لواء القدس والفرقة 30 حرس جمهوري)، حيث بلغ عدد المتطوعين على مستوى هذه المناطق حتى تاريخه ما يقارب 2700 مقاتل، غالبيتهم من أبناء المحافظات الساحلية.
فيما تجري التحضيرات للتوسع في برامج التجنيد على مستوى المحافظات الشرقية، حيث يُجري مركز التنسيق الروسي جولات مكثفة على مستوى محافظات الرقة ودير الزور بهدف حشد الدعم لتشكيلٍ يمثل العشائر المحلية كقوات رديفة ضمن صفوف الفيلق الخامس.
ولم يتم توثيق أيّ مكاتب انتساب أو معسكرات تدريبية في المحافظات الجنوبية لصالح قوات فاغنر، حيث تُشرف قيادة القوات الخاصة في المنطقة الجنوبية على إدارة هذا الملف بشكل مباشر، وبالتنسيق مع قيادة الفيلق الخامس في المنطقة الجنوبية ممثلَة بالقائد العام للمنطقة الجنوبية أحمد العودة.
أمّا على مستوى برامج التجنيد الخارجي فقد أشرفت قيادة قوات فاغنر في سورية على إدارة برامج التجنيد للمقاتلين السوريين في ليبيا، من خلال مركز تنسيق دائم موجود في ريف محافظة السويداء. ويُعدّ هذا المركز هو الأهم بالنسبة لنشاط قوات فاغنر بالتنسيق مع الشرطة العسكرية الروسية. ويقع المقر في مركز المدينة – حي الحروبي.
وقد تم في شهر تموز/يوليو 2020 تعيين المقدم سيرجيو نيستاسييف، بمهام ضابط الارتباط لصالح قوات فاغنر في مركز التنسيق التابعة للشرطة العسكرية الروسية في المحافظة، ومسؤول المتابعة لملفات التجنيد الراغبين بالعمل بعقود مؤقتة لا تتجاوز ستة أشهر من أبناء المحافظة، ولا زال في مهامه.
ويُذكر أنَّ برامج التجنيد خارج الأراضي السورية تقلصت بشكل كبير من قِبل قيادة القوات الروسية في سورية.
ولا يتعدى عدد المقاتلين السوريين الموجودين في ليبيا تحت إشراف قوات فاغنر 200 مقاتل ومهامهم محصورة في تأمين الحماية للمواقع التابعة لقوات فاغنر في الأراضي الليبية الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني الليبي.