نداء بوست- ريحانة نجم- بيروت
فرض مشهد الحرائق الطبيعية أو "المفتعلة" نفسه على المشهد العامّ في البلاد، تلك الحرائق التي أتت على الأعشاب وأشجار الزيتون والسنديان ملتهمة مساحات شاسعة من ثروة لبنان الحرجية ومساحاته الخضراء من الجنوب إلى جبل لبنان فالشمال والبقاع، من دون أن تتمكن فِرَق الإنقاذ والجهات المعنية من إخمادها.
وفي التفاصيل اندلعت في العديد من المناطق الحرائق الطبيعية بشكل واسع، وكان أكبرها وأخطرها الحريق الذي اندلع في منطقة "بيت مري" حيث كادت النيران تأتي على المنازل والبيوت، وقد تدخَّلت أفواج الإطفاء والدفاع المدني والجيش اللبناني الذي قال إن طوافتين للقوات الجوية شاركتا في عمليات إخماد الحرائق المندلعة في منطقة "بيت مري".
كما شهدت أحراج "المونتيفيردي" حرائق واسعة بسبب سرعة الرياح غير أنّ الدفاع المدني تمكَّن من السيطرة عليها.
وكذلك منطقة "دير القلعة" وأحراش "الريحان" و"عرمتى" في منطقة "جزين" ومنطقة "باب مارع" و"عيتنيتط، و"زبقين" و"قانا" و"صير الغربية" و"طيرفلسيه" وعدد من قرى "صور"، وأيضاً في "كفر صيرط" و"بريقع" و"شوكين" و"سهل الميذنة" وغيرها من البلدات والقرى الجنوبية، وقد تدخّل الدفاع المدني والجيش والبلديات وعمل الجميع على إخماد الحرائق التي تمّت السيطرة عليها بشكل كامل.
رئيس الجمهورية ميشال عون تابع مسلسل الحرائق المتنقلة وبقي على تواصُل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيرَي الداخلية بسام مولوي والبيئة ناصر ياسين، واطلع على الجهود المبذولة لإخماد الحرائق مقدّراً الجهود التي حالت دون المسّ بالممتلكات الخاصة والمنازل في المناطق التي حاصرتها النيران. وشدّد عون في اتصالاته على أهمية التثبت من الروايات التي تحدثت عن حرائق مفتعلة استناداً إلى روايات المدير العامّ للدفاع المدني العميد "ريمون خطار" وشهادات مواطنين مخاتير ورؤساء بلديات في مناطق الجنوب و"بيت مري" ومناطق مختلفة.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أجرى لهذه الغاية، اتصالات مع وزير الداخلية بسام مولوي وقيادة الجيش لاستنفار كل الأجهزة المعنية للإسراع في إخمادها ومنع تمددها.
كما أجرى اتصالات استباقية طلباً للمساعدة من الدول المجاورة في حال اقتضت الحاجة.
وتعليقاً على الحرائق التي اندلعت، في أكثر من منطقة لبنانية، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: "قبل أسابيع في أكروم وجرود عكار وقبلها في الجبل وجرود الهرمل والشوف، واليوم يحط مسلسل الحرائق في أحراج الجنوب، وهي في زمانها وجغرافيتها وتوقيتها تطرح جملة من التساؤلات نضع الإجابة عليها برسم الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة التي يجب أن تسارع إلى إجراء تحقيقاتها وتحديد المسؤوليات والأسباب التي أدّت لحصول هذه الكارثة، إذا لم نقل هذه الجريمة، التي طاولت ليس البيئة فحسب، إنّما أيضاً الإنسان في هذه المنطقة في تراثه وثقافته وذاكرته مع المقاومة وشهدائها الذين لهم مع كل شجرة قصة مجد وبطولة" ، وأضاف برّي: "في الوقت الذي تكاد ألسنة النيران تلتهم آخِر ما تبقى من مساحات خضراء في لبنان من خلال حرائق عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، ألم يَحِنِ الوقت للاقتناع أن تحصين الوطن وحفظ ما تبقى من ماء الوجه الوطني وطبعاً ما تبقى من ثروة حرجية يكون بالإقرار بتعيين مأموري أحراج خارج القيد الطائفي؟"، لافتاً إلى أنّ "أخطر الحرائق التي لا يمكن إخمادها هي الحرائق المذهبية والطائفية المندلعة في النفوس".
أما وزير البيئة ناصر ياسين الذي تابع موضوع الحرائق وتنقل من منطقة إلى أخرى، وتواصل مع المعنيين لإخماد الحرائق ومنع تمددها، فوصف مشهد الحرائق المنتشرة في لبنان بالمحزن والمؤلم، واعتبر ياسين أن "انتشار الحرائق من علامات الفشل في الاستجابة للكوارث، ولكن المفارقة تكمن بعدم وجود خطط واضحة للوقاية".