نداء بوست- أخبار سورية- إسطنبول
كثرت في الآونة الأخيرة تصريحات المسؤولين الأتراك التي تتحدث عن نية أنقرة في شن عملية عسكرية جديدة ضد “قسد” في منطقة شمال شرقي سورية.
وحول دوافع تركيا لتنفيذ هذه العملية، يقول مركز “جسور للدراسات”: إن لدى أنقرة العديد من الدوافع على المستوييْنِ السوريّ والدوليّ لشنّ عمليّة عسكريّة جديدة شمال سورية.
على الصعيد الدوليّ، يرى المركز أن هناك محاولة للضغط على الولايات المتحدة بعد اعتراض تركيا على انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو؛ ويضيف في هذا السياق: “أنقرة تسعى للحصول على ثمن من واشنطن مقابل تقديم موافقتها على هذا التوسّع؛ لأنّ هذه الموافقة ستؤثر سلباً على علاقة تركيا مع روسيا، التي قد تلحق بها خسائر سياسية واقتصادية”.
كما أن تركيا -وفقاً للمركز- تُدرك أنّ الظروف الدوليّة الناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا تسمح لها بإعادة التفاوض مع كلّ الأطراف على تفاهُمات جديدة فيما يخصّ سورية وغيرها، لذا فهي تعمل على تعزيز وتوسيع مكاسبها، بما يُحقّق لها عائداً سياسيّاً مهمّاً قبل نحو عام من الانتخابات التي تُعتبر أهمّ حدث في تاريخ تركيا المعاصر.
4 دوافع على المستوى السوري
يرى المركز أن تركيا تمتلك جملة من الأسباب تمكنها من شن عملية عسكرية خامسة في سورية، بعد “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” و”درع الربيع”.
ويأتي دعم خطة إعادة اللاجئين على رأس تلك الدوافع، حيث يؤكد المركز أن إخراج “قسد” من مدن تل رفعت ومنبج وعين العرب يُشجّع على عودة عشرات آلاف المهجَّرين إلى منازلهم بشكل طوعيّ، على غرار العمليات العسكرية السابقة التي ساهمت بعودة 500 ألف لاجئ بشكل طوعيّ.
يضاف إلى ذلك رغبة تركيا بالتخلّص من التهديدات الأمنيّة التي تُشكّل خطراً على مواقعها العسكرية في سورية، وتَحُول دون استكمال عمليات فرض الاستقرار في مناطق وجودها العسكري.
وأما الدافع الثالث فهو “تقويض أيّ فرصة لإنشاء إقليم انفصاليّ شمال سورية، واستكمال جهود حماية الأمن القوميّ بتحييد خطر حزب العمال الكردستاني عن حدود تركيا الجنوبيّة، والذي ما يزال يُشكّل خطراً رغم العمليّات الجويّة والدوريّات المشتركة التي يتم تنفيذها، في ظل عدم التزام الولايات المتحدة وروسيا بتعهُّداتهما لتركيا في هذا الصدد”.
وأخيراً هو رغبة تركيا في “فرض مزيد من الضغوط العسكريّة على حزب العمال الكردستاني في المنطقة عموماً، فإطلاق عمليّة جديدة ضده في سورية سيؤدي إلى استنزاف قدراته وموارده بشكل أكبر؛ مع استمرار عمليّة “المخلب – القفل” التي أطلقتها تركيا ضده في العراق، بهدف إقامة منطقة عازلة على الشريط الحدودي”.
ويوم الإثنين الماضي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستشرع قريباً في استكمال المنطقة الآمنة على الحدود الجنوبية مع سورية.
وقال أردوغان: “سنبدأ قريباً باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأناها لإنشاء مناطق آمنة على عمق 30 كيلومتراً، على طول حدودنا الجنوبية مع سورية”.
وأضاف: “تركيا ستميز مجدداً في هذه المرحلة، بين من يحترمون حساسياتها الأمنية، والذين لا يكترثون سوى لمصالحهم، وأنها ستصوغ سياساتها مستقبلاً على هذا الأساس”.
كما أشار إلى أن “المناطق التي تعد مركز انطلاق للهجمات على تركيا والمناطق الآمنة، ستكون على رأس أولويات العمليات العسكرية”، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها “قسد”.
وأردف: “العمليات ستبدأ بمجرد انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن، وسنتخذ قراراتنا بهذا الخصوص خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الخميس”، مضيفاً أنه سيقوم بإجراء المحادثات اللازمة لضمان سير الأمور على ما يرام.
وخلال السنوات الماضية سعت تركيا لإنشاء المنطقة الآمنة في الشمال السوري عبر قرار دولي، إلا أن الأطراف الفاعلة بالشأن السوري لم تدعم هذا التحرك.
في خطاب ألقاه أردوغان خلال مشاركته بالدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 أيلول/ سبتمبر 2019، طرح الرئيس التركي فكرة المنطقة الآمنة في سورية.
وأشار حينها إلى أن بلاده تواصل مباحثاتها مع الولايات المتحدة حيال هذا الموضوع، موضحاً أنه “في المرحلة الأولى، ننوي إقامة ممر سلام بعمق 30 كم وعلى طول 480 كم، وتوطين مليوني سوري في هذه المنطقة بدعم من المجتمع الدولي”.
وأضاف: “بالإمكان رفع عدد السوريين الذين سيعودون من تركيا ودول أوروبية إلى 3 ملايين في المنطقة الآمنة فيما إذا تمت توسعتها لتصل إلى خط محافظتي دير الزور والرقة السوريتين”.
وتابع: “بالتعاون مع أمريكا وقوات التحالف وروسيا وإيران، يمكننا نقل اللاجئين من المخيمات إلى المنطقة الآمنة”.