نداء بوست – ولاء الحوراني – درعا
تسببت الحرب في محافظة درعا بإعاقات دائمة لشريحة واسعة من الجرحى الذين باتوا يواجهون مصيرهم المؤلم وعاهاتهم المستديمة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وضعف الإمكانيات الطبية في المحافظة وارتفاع تكاليف العلاج في مشافي دمشق.
وازدادت معاناة هؤلاء المصابين بعد سيطرة النظام على المحافظة وتوقُّف نشاط الجمعيات الخيرية التي كانت تساعد بتأمين الدواء وتكاليف العلاج لاسيما العلاج الذي يتطلب وقتاً طويلاً.
فياسين الذي تجاوز الستين من عمره فقَدَ ساقه اليمنى وأُصيبت ساقه اليسرى إصابة بليغة تحدث لـ "نداء بوست" عن المعاناة الجسدية والنفسية التي يعيشها ويقاسيها مع عائلته قائلاً: "أُصبت في 22 من أيلول في عام 2013، بصاروخ ألقته قوات النظام بجانب بيتي صباحاً، في الوقت الذي هممت به صباحاً لالتقاط رزقي، ولم أكن أعرف أن هذه اللحظة ستغير كامل حياتي، حيث بدأت منها رحلة معاناتي مع العمليات الجراحية، ومنذ ذاك اليوم الذي يفصلنا عنه أكثر من سبعة أعوام، لا أزال إلى الآن أحتاج إلى عمليات جراحية لساقي اليسرى، إلا أن ارتفاع التكاليف وعجزي عن تأمينها جعلني جليس هذا الكرسي المتحرك".
أما عندليب وهي طالبة في كلية التربية في جامعة درعا فقالت لـ"نداء بوست": إنها وفي زيارتها لبيت جدها في حزيران عام 2016 برفقة ابنة خالتها تعرضت القرية لقصف نظام الأسد، الذي قتل ابنة خالتها وأصابها هي بيدها وقدمها، التي تهتكت عظامها بالكامل.
وتضيف: "دخلت إلى الأردن آنذاك بحالة طارئة وخضعت لأكثر من 20 عملية جراحية، ثم انتقلت إلى مخيم للاجئين السوريين، إلا أن عدم قدرتي على إعانة نفسي ورفض المملكة إدخال والدتي إلى الأراضي الأردنية اضطرني مُكرَهة للعودة إلى سورية، وبقيت فترة طويلة حبيسة المنزل بسبب الآثار النفسية التي ترافقني إلى هذه اللحظة ".
الجرحى الذين فقدوا أطرافهم مأساةٌ أخرى، وتحتاج وحدها إلى سلسلة من الحكايات والقصص، هذا ما ذكره محمد الحسين لـ" نداء بوست" وهو فني يعمل في مركز لتركيب الأطراف الصناعية، والتي بات شراؤها أمراً صعباً للغاية، بسبب ارتفاع تكلفتها إذ إن تكلفة تركيب الطرف الواحد تصل إلى 1000 دولار فضلاً عن أنها أطراف غير متطورة ولا تساعد المصابين على المشي مجدداً إلا في حالات نادرة، حسبما أكد الحسين.
وبالرغم من سَردِيَّات المعاناة الكثيرة، إلا أن هذه القصص لم تَنتهِ بعدُ، فحرب النظام على السوريين التي اغتالت الأجساد والآمال وتسببت بمأساة لكافة شرائح المجتمع السوري -بدءاً من مصاب بُترت ساقه أو فقدَ إحدى حواسه وليس انتهاءً بمُشوَّه احترق بنيرانها- هي لم تضع أَوزارَها بعدُ.