نداء بوست- ريحانة نجم- بيروت
تسود مدينةَ طرابلس شمال لبنان حالةٌ من التوتر والغضب الشديد، نتيجة غرق مركب المهاجرين قُبالة سواحل المدينة، وقطع عدد من الشبان بعض الطرقات في المدينة.
وعند المرفأ، وقع إشكال بين عناصر من الجيش والأهالي بعدما حاول الأهالي منع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار موفداً من الرئيس نجيب ميقاتي إكمال تصريحه الصحافي، وانهال الأهالي عليه وعلى المسؤولين بالشتائم والصراخ، ونشب توتُّر على حاجز “الريفا – طرابلس” بين الأهالي والجيش.
وأعلن مدير المرفأ انتشال 5 جثث أخرى، وبذلك يرتفع العدد الإجمالي للضحايا إلى 9 أشخاص، بعد أن أعلن الجيش اللبناني أن قواته أنقذت 47 شخصاً وأوقفت أحد الأشخاص للاشتباه في تورُّطه في عملية تهريب اللاجئين.
وأوضح في بيان أن المركب غرق نتيجة تسرُّب للمياه ناجم عن ارتفاع الموج والحمولة الزائدة.
من جانبه، أوضح قائد القوات البحرية في الجيش اللبناني العقيد الركن هيثم ضناوي أن المركب الذي غرق صناعة 1974 وصغير طوله عشرة أمتار وعرضه 3 أمتار، والحمل المسموح له هو 10 أشخاص فقط ولا وجود لوسائل أمان فيه.
وفي مؤتمر صحافي من قاعدة بيروت البحرية لشرح ملابسات غرق مركب طرابلس، قال ضناوي: إننا عملنا على إيقاف الزورق وإقناع قائد المركب أن الزورق معرض للغرق، والمركب كان محملاً بما يزيد عن 15 ضعفاً لحمولته المسموحة. وكشف بأنه لم يكن هناك سترات إنقاذ ولا أطواق نجاة، وحاولنا أن نمنع المركب من الانطلاق ولكنه كان أسرع منا.
وأوضح قائد القوات البحرية بأن حمولة المركب لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطئ ولم يقتنعوا من عناصرنا الذين يعانون نفس معاناتهم وقائد المركب اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب من عناصر الخفارة بشكل أدى إلى ارتطامه، ولم يتم استعمال السلاح من قِبل عناصرنا.
في سياق متصل، طلب الرئيس اللبناني ميشال عون من الأجهزة القضائية والعسكرية المعنية فتح تحقيق في الملابسات التي رافقت غرق زورق ركاب قُبالة سواحل طرابلس.
وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان عَبْر حسابها بموقع “تويتر”: إن الرئيس عون اطلع على وقائع عمليات إنقاذ الركاب الذين نجوا من الغرق وتأمين العلاج اللازم لهم، فيما تتابع الوحدات العسكرية البحث عن الركاب الآخرين.
من جهته، تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، ملف البحث عن ركاب الزورق، وأبدى ميقاتي حزنه الشديد للحادثة المؤلمة، مقدماً العزاء لذوي الضحايا الذين قضوا في الحادث، متمنياً للمصابين الشفاء والعودة السالمة للذين لا يزالون في عداد المفقودين.
وأشار ميقاتي إلى أنّ الإسراع في التحقيقات لكشف ملابسات الحادث مسألة ضرورية لمعرفة حقيقة أسباب الحادث المؤلم، وتمنى على المواطنين ألا يقعوا ضحية عصابات تستغل الأوضاع الاجتماعية لابتزازهم بمغريات غير صحيحة وغير قانونية.
كما أعلن ميقاتي، الحداد الرسمي غداً الإثنين على الضحايا، وطلب تنكيس الأعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات كافة حداداً، وتعديل البرامج العادية في محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتوافق مع المناسبة الأليمة.
وأجرى ميقاتي، اتصالاً بوزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجّار، وطلب منه التوجه إلى طرابلس وتقديم كل ما يلزم لعائلات الضحايا، كما كلّف الأمين العامّ للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، بأن يكون إلى جانب الأهالي المفجوعين، وأن يقدّم كل المساعدات الممكنة لهم.
بدوره، توجه رئيس مجلس النواب نبيه بري بأحرّ التعازي لذوي الضحايا متمنياً للجرحى الشفاء العاجل، داعياً السلطات الأمنية والقضائية المختصة لإجراء تحقيقاتها بسرعة وشفافية مطلقة وكشف ملابسات هذه الجريمة المتمادية بحق أبناء الشمال وعاصمتها الفيحاء طرابلس، وإنزال أقصى العقوبات بحق المرتكبين لا سيما أنها ليست الجريمة الأولى التي تُرتكب ويدفع ثمنها اللبنانيون غالياً على متن قوارب الموت وعلى أيدي المجرمين من تجار الأزمات.
وأضاف بري أن العزاء الحقيقي في هذه اللحظات الحزينة أن يسمع جميع المسؤولين في لبنان على مختلف مواقعهم خاصة مَن هم في السلطة التنفيذية والوزارات المعنية لصوت أبناء طرابلس والشمال المفجوعين بفلذات أكبادهم من أجل مقاربة حقيقية تضع حداً لحرمان هذه المنطقة العزيزة من لبنان، وإنقاذ أبنائها الشرفاء والطيبين من مصيدة الموت المجاني هذه، وختم بري: “هي لحظة يجب أن تكون وطنية جامعة ويداً واحدةً لمؤازرة أبناء طرابلس”.