نشر "مركز حرمون للدراسات" بحثاً بعنوان: (الدور المفقود للضباط السوريين المنشقين عن الجيش وإمكانية استعادته) للأخوين الصديقين والزميلين: د. عبد الناصر الجاسم والعقيد عبد الجبار العقيدي، يدور موضوع البحث حول: العوامل المحددة لغياب دور الضباط السوريين المنشقين عن قيادة عسكرة الثورة بحكم اختصاصهم كعسكريين وأسباب تهميشهم وإمكانية استدراك هذا الدور.
وكون الموضوع من دوائر اهتمامي ولي به شأن منذ بداية عام 2013 م لذلك تابعت التعليقات على البحث واستوقفني تعليق لأحد الزملاء اعتبرت من واجبي الإجابة عليه بما أعتقد تحليلاً لبعض المعلومات وتقاطُعاً للمعطيات على أرض الواقع بعد أن اقتبستُ من استنتاجات البحث ما ارْتأَيْتُ أنه يتقاطع مع ما يجول بفكري للرد، وذلك إرضاءً لله وللضمير والتاريخ.
الاقتباس:
""6- لعب التنافس الدولي والإقليمي والاستقطاب السياسي دوراً واضحاً في تهميش دور الضباط المنشقين، وذلك من خلال إفشال عدد من تجارب توحيد الجهد عَبْر مجالس وهيئات، والاعتماد على بعض الشخصيات التي لها رؤية تبريرية أو مطابقة لرؤية الطرف الدولي أو الداعم.
7- أثر توزيع الدعم المالي واللوجستي من الدول الداعمة لفصائل المعارضة في غياب هذا الدور، حيث كان التوزيع غير عادل ومشروطاً وكبيراً للتنظيمات الراديكالية ذات التوجه الأيديولوجي وقليلاً جداً لفصائل الجيش الحر الذي يعمل فيه ويقوده ضباط منشقون.
8- لم يكن دور مؤسسات المعارَضة السياسية فاعلاً في ملف الضباط المنشقين والاستفادة من خبراتهم، وعملت على استبعادهم وتقريب بعض الشخصيات التي لديها قبول وولاء لبعض التنظيمات والجهات المسيطرة على قرارات هذه المؤسسات" انتهى الاقتباس.
الإجابة:
لا شك أن هذه هي الأسباب الجوهرية لاستبعاد الضباط؛ لأن وجودهم على رأس الثورة المسلحة كان من شأنه إحراز الحسم العسكري مبكراً لصالح الثورة، لكن الرؤية الدولية المبنية على الرغبة الإسرائيلية تقتضي الاقتتال الطويل للوصول إلى مرحلة إنهاك القوى للأطراف المتحاربة وإرهاق النفوس البشرية والتشريد والتهجير والتغيير الديموغرافي لأكبر عدد ممكن من سكان سورية الأصليين، ليصبح وضع سورية البِنْيوي بشرياً واقتصادياً وعسكرياً في المرحلة القادمة غير قادر على تشكيل خطر يهدد إسرائيل ولمئة سنة قادمة ونيف، بدليل عدم موافقة كونترول الداعمين للثورة على الدعم بمضادات طيران وعدم تأمين منطقة آمنة أو فرض حظر جوي أو حتى منع النظام من استخدام الأسلحة البالستية والفتاكة والمحرمة والطيران، ولا حتى معاقبته بعد أن اقترف جريمة استخدم الكيماوي في غوطة دمشق حيث اكتفى بمصادرة ما أفصح عنه من مخزون الكيماوي وترك المجرم طليقاً يقتل ويدمر ويشرد بمختلف صنوف الأسلحة الأخرى، بالمقابل يكون هذا التعامل قد حقق معاقبة الضباط على انشقاقهم وجعلهم في مهب الريح يعملون في بلدان اللجوء بأعمال الأجرة والفاعل التي بالكاد تؤمن لقمة عيش عائلاتهم.
وقد وصل هذا التضييق على الضباط المنشقين لدرجة أن وجهت تعليمات لمنظمة اللاجئين ومثلها للسفارات بعدم إحالة ملفات الضباط المسجلين بالمنظمة وعائلاتهم لما أسموه إعادة توطين وللسفارات بعدم قبول طلبات لجوء الضباط أو عائلاتهم، أما من يصل من الضباط إلى أي دولة بأية طريقة كانت سواء تهريباً عبر البحر الذي غدر بعدد مهول من السوريين الذين ركبوا أمواجه العاتية هرباً من الإجرام والإرهاب المُمارَس من قِبل نظام الأسد وداعميه في سورية، أو كان الوصول بطرق أخرى وجميعها تهريباً، فيصبح الضابط في هذه الدولة أو تلك أمراً واقعاً والأنظمة هناك تحتم أن يدرس طلب لجوئه إنسانياً فقط.
وإذا صادف أن طلب أحد الضباط تأشيرة "فيزا زيارة" من أي سفارة من سفارات الدول الأوروبية -ونَمى إلى أصحاب القرار في تلك السفارة أو في دولة السفارة ذاتها (وما أكثر النمّامين في صفوف المؤسسات الرسمية للمعارضة) بأن هذا الضابط قد ينوي تقديم لجوء- ترفض تلك الدولة إعطاءه "الفيزا" بحجة البند التاسع من "الأبلكيشن" الخاص بها، والغريب أنه إن رُفضَ طلب الزيارة من أية دولة من دول "الشنغن" فلن يحصل على "فيزا" من باقي الدول الداخلة بالشنغن، طبعاً هذه كلها تعليمات من المايسترو، رغم علم هذا المايسترو بأسباب انشقاق كل ضابط بشكل فردي، لكن تلبية رغبة الجار الغربي بالعمل على إفشال الثورة أولاً وكسر هيبة ونفوس الضباط تالياً هي فرض عليه مهما كلف الأمر.
من جهة أخرى وصلت تعليمات المايسترو إلى مفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة تقضي بعدم قبول تسجيل حاملي رتبتَيْ لواء وعميد من الضباط المنشقين كلاجئين شخصياً ومسموح تسجيل عائلاتهم فقط مع عدم إحالة ملفات تلك العائلات للهجرة، ولا حتى عائلات باقي الضباط من حاملي الرتب الذين سُمح لهم بالتسجيل لدى المفوضية كلاجئين.
أكتفي بهذا القدر. وأدرج أَدْناه رابط البحث المُشار إليه أعلاه في مركز "حرمون":
https://www.harmoon.org/researches/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d