نداء بوست – ولاء الحوراني – درعا
تتميز محافظة درعا بطقوس خاصة وعادات اجتماعية وروحانية خلال شهر رمضان تميزه عن باقي شهور السنة.
أهم تلك العادات الرمضانية هو إصلاح ذات البين حيث يقوم أصحاب الخير بحل الخلافات القائمة بين الأشخاص المتخاصمين من خلال زيارة كِلا الطرفين وجمعهما سعياً للخير وحل الخلاف.
كما أن زيارة الأرحام وذوي القربى خلال أيام الشهر الكريم لتقديم الإعانة والمساعدة لتخفيف الأعباء المادية عن هذه الأسر من العادات الأساسية التي لا يزال أهل حوران يتمسكون بها رغم تغير الظروف وتبدل الأحوال لما لها من أثر نفسي يعكس تمسُّك الناس بصلة الرحم التي تُعتبر من أهم العادات خلال الشهر الكريم.
ولعل أجمل العادات والتقاليد الرمضانية المتبعة في حوران خلال شهر رمضان هو لمة العائلة على سفرة الإفطار التي تضم الأطباق الحورانية الأصيلة كالشيشبرك والمليحي والفطائر والسهرات والأجواء المميزة التي تجمع الأهل والأحبة وتبادُل أطباق الطعام بين أهالي الحي كعادة ذات بُعد اجتماعي ما زالت متداولة بشكل خاص في الريف الحوراني.
إضافة إلى العادة القديمة والتي ما زالت معظم القرى والبلدات تحافظ عليها وهي أن يجوب المسحراتي الشوارع لإيقاظ الناس.
يُضاف إليها طقوس امتلاء الأسواق والمحال التجارية بأنواع الخيرات والسلع والمشروبات والحلويات الرمضانية ذات النكهة المميزة.
إذ اعتادت العائلات في درعا على تخزين المواد والسلع قبل بداية أيام الصيام التي يكثر استخدامها خلال الشهر ورغم ارتفاع الأسعار وخجل الإقبال على الأسواق إلا أن درعا ما زالت تحافظ على تلك الطقوس والعادات وتحرص على تأمين احتياجاتهم الأساسية من المواد الغذائية والتموينية.
وفي كل عام تغطي الحملات الخيرية والمبادرات الشعبية المدن والبلدات مُستهدِفةً الأرامل والأيتام والأُسَر الأشد احتياجا عَبْر توزيع مساعدات مالية وسلال تموينية ووجبات غذائية خلال الشهر الكريم متخذة أشكال متعددة مع استمرار عمليات جمع الأموال والتبرع من قِبل المقتدرين والمغتربين من أبناء المحافظة لتشمل آلاف العائلات ذات الدخل المحدود،
هذه الحملات الخيرية تأتي في ظل غلاء الأسعار والأوضاع الاقتصادية المتردية في محافظة درعا التي عصفت بها الحرب وتعاني العنف والفقر والبطالة.
طقوس وعادات أساسية ما زالت تحافظ عليها قرى وبلدات ومدن حوران تعبر عن مدى التواصل الإجتماعي بين العائلات الحورانية وتجعل من رمضان شهراً غنياً بالطقوس المقدسة والألوان الغذائية المميزة.
وبتقليد متوارث، يبدأ أهالي درعا خلال شهر رمضان بزيارة “العنايا”، وهي تعني بلهجة أهل حوران، القريبات من الدرجة الأولى والثانية كالبنات والأخوات وبنات الأخ وبنات الأخت والعمات والخالات.
ومع دخول الشهر المبارك، يبدأ رجال العائلة بالتنقل بين منازل قريباتهم من النساء لتقديم المساعدة لهن متمثلة بالدجاج الحي والنقود للإعانة والمساهمة بتخفيف العبء المادي عن كاهل أسرهن خلال شهر الصيام.
طقس قديم كان يقوم على الدعوة والعزومة للبنات والقريبات أو ما يسمى بعزومة الرحم على وجبات الإفطار بشكل متكرر خلال الشهر، لكن غلاء الأسعار وتغير الظروف جعل العادة تقتصر على توزيع الأطعمة والفروج أو ما يقابله من النقود.
رغم تبدُّل الأزمان وضيق الأحوال يلتزم أهل حوران بهذا التقليد القديم الأصيل لما له من أثر نفسي يعكس تمسُّك الناس بصلة الرحم التي تعتبر من أهم القِيَم والعادات خلال الشهر الكريم.