نداء بوست- خاص- بيروت
في الذكرى الحادية عشرة للثورة السورية، ثورة الحرية والكرامة، لا بد من تسليط الضوء على أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، الذين اضطروا إلى مغادرة بلادهم هرباً من بطش النظام وظلمه، وقمعه للحريات، باحثين عن مكان أكثر أماناً وحريةً وديمقراطيةً، إلاّ أنّ هؤلاء اللاجئين اصطدموا ببعض الأشخاص والأحزاب والقوى الظالمة والحاقدة في لبنان، التي اعتمدت أسلوب العنصرية بالتعامل معهم، ناهيك عن تعرُّضهم للقمع والمضايقات والتوقيفات سواء من السلطة أو من الأحزاب الموالية للنظام السوري.
وكان لا بُدَّ في هذه الذكرى من التطرق إلى ظروف اللاجئين السوريين المحتجزين لدى السلطات اللبنانية، في السجون التي تفتقر للاحتياجات الأساسية، وظروفها لا تتماشى مع المعايير الدولية، كما أثرت الأزمة الاقتصادية والانهيار الحاصل وارتفاع سعر الدولار أمام الليرة اللبنانية على هذا الجانب أيضاً حيث منعت عدداً كبيراً من اللاجئين في لبنان من إمكانية تغطية تكلفة ممثل قانوني للدفاع عن قضاياهم.
مركز وصول لحقوق الإنسان (ACHR) أعدّ دراسة حول أوضاع اللاجئين المعتقلين والمحتجين وتحديداً قضايا الاعتقال التعسفي من دون سبب أو من دون تهمة صريحة، والتعذيب والإساءة التي يتعرض لها اللاجئون المُحتجَزون.
وكشف المركز عن حصول 139 حالة اعتقال تعسفي، منهم 10 حالات لقاصرين، في عام 2021 معظمها كانت من المخيمات، يليها الاعتقال على الحواجز الأمنية، من ثَمّ الأفرع الأمنية والدوائر الرسمية، ويشير في دراسته إلى أن ما لا يقل عن 40 منهم تعرضوا لإساءة المعاملة أو التعذيب.
ووثّق المركز خلال العام الماضي (2021) تعرّض أحد المحتجزين للتعذيب خلال جلسات التحقيق لدى مخابرات الجيش اللبناني ووزارة الدفاع، وقد وافق على تُهم تم توجيهها إليه بعد أن تمنّع المحققون من إعطاء المعتقل الحق بتوكيل محامٍ أو حتى التواصل مع جهة قانونية قادرة على تمثيله.
كما تحدث المركز عن حالة أخرى خلال العام نفسه، لمحتجز لم يتم عرضه على قاضٍ ومحاكمته حتى بعد مرور أكثر من سنة على اعتقاله واحتجازه في سجن رومية. وكان قد مُنع من توكيل محامٍ أثناء فترة التحقيق الأولية، حيث تعرض إلى التعذيب والضرب من قِبل فرع المعلومات بهدف انتزاع الاعتراف منه.
وفي حالة مشابهة وثقها أيضاً المركز لشخص آخر محتجز في سجن رومية لأكثر من سنتين من دون أي محاكمة، ومن دون أن يتم توكيل محامٍ له. تعرض هذا الشخص للتعذيب أثناء التحقيق بهدف نزع اعترافات منه، إلى أن اعترف أخيراً بالتهم المنسوبة له نتيجة التعذيب بعد أن أُصيب بمرض في رأسه وعينه نتيجة الضرب المبرح حتى أصبح بحاجة لعملية لمعالجة انفصال الشبكية الذي أصابه ولكن ترفض إدارة السجن تأمين العلاج اللازم له.
وتشير الدراسة إلى أن ستة أشخاص تم اعتقالهم من المطار أثناء سفرهم إلى بيلاروسيا، و 21 لاجئاً تم اعتقالهم على الحواجز الأمنية المؤقتة المنتشرة على الأراضي اللبنانية وعلى الطرق الواصلة بين البلدات والمدن، إضافة إلى اعتقال 40 شخصاً خلال مداهمات من قِبل مخابرات الجيش وفرع المعلومات.
وعن أوضاع المُحتجَزين يشير المركز إلى وجود خمسة أشخاص لديهم حالات مرضية ولم يتلقوا العلاج داخل السجن، حالتان منهم مصابتان بأمراض عصبية وبحاجة لعلاج مستمر، وحالة واحدة مصابة بمرض “السيدا”، كما تم تسليم السلطات اللبنانية خمسة أشخاص إلى سلطات النظام السورية وتم سحبهم للخدمة العسكرية الإلزامية مباشرة.
في السياق، طلب المركز من السلطات اللبنانية منح جميع اللاجئين المقيمين على الأراضي اللبنانية الحق في الحصول على إقامات قانونية من دون فرض شروط تعجيزية وعقبات غير قانونية تمنعهم من الحصول عليها، وإلغاء القرار الصادر عن المجلس الأعلى للدفاع رقم 50/أع/م ج أد/س بتاريخ 15 نيسان/ إبريل 2019 وقرار المدير العامّ للأمن العامّ رقم43830 /ق.م.ع بتاريخ 13 أيار/ مايو 2019 والقاضييْنِ بترحيل المقيمين السوريين الداخلين إلى لبنان عَبْر المعابر غير الرسمية.
وأكّد المركز على ضرورة أن يضع المجتمع الدولي والمنظمات الدولية آلية لمراقبة القيود والإجراءات والتدابير التي يفرضها لبنان على اللاجئين السوريين ومخالفتها للمعاهدات والقوانين الدولية، ومراقبة أساليب العنف وإساءة المعاملة والاعتقالات والمضايقات التي تمارسها السلطات اللبنانية ضدهم.
(مركز وصول لحقوق الإنسان هو جمعية حقوقية غير ربحية وغير حكومية مقره بيروت وباريس، تأسس في لبنان عام 2017 وأعيد تأسيسه في فرنسا عام 2020، يعمل بشكل متخصص في مراقبة حالة حقوق الإنسان للاجئين).