نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
تسارعت وتتسارع الأحداث على الساحة الأردنية، بما قد يغري أصحاب (نظرية المؤامرة) بقراءة، أو تخيّل، أو حتى ادّعاء، ارتباط بعضها ببعض، أو تغطية بعضها على أحداثٍ بعينها منها.
فما أن كاد الناس يطوون صفحة ما باتت تعرف بـ”جريمة الجامعة” التي راحت ضحيتها الطالبة الجامعية إيمان أرشيد من كلية تمريض جامعة العلوم التطبيقية، ويضعونها وراءهم بعد إعلان الشرطة والجهات المعنية بالحكومة الأردنية انتحار القاتل خلال مداهمة الموقع الذي اختبأ فيه بعد ارتكابه الجريمة، وبينما هم يهمّون بطي صفحة بشعة بحق صبية بريئة، وإذا بالأخبار تتوارد تباعاً من خليج العقبة جنوباً “ثغر الأردن الباسم” الذي أضحى في لحظات دراماتيكية غير باسم على الإطلاق إثر سقوط صهريج غاز ممتلئ بغاز الكلورين السام، وهي الحادثة التي باتت تعرف بـ”حادثة العقبة”. وأدّى الانفجار، وبعد ذلك تسرّب الغاز السام، بحسب الأرقام الرسمية وليس الشعبية المتداولة، إلى مقتل 13 شخصاً بينهم تسعة أردنيين، وإصابة أكثر من 332، وبحسب ما أعلن وزير الصحة الأردني الدكتور فراس الهواري، ما يزال 50 منهم يتلقون العلاج، حيث تتراوح حالاتهم بين البسيطة والمتوسطة، مع وجود حالتيْن استدعي نقلهما إلى العاصمة، بينما غادر الباقون المستشفيات. وهو الحادث الذي استدعى استنفار الحكومة الأردنية جميعها وتوجُّه رئيس الوزراء وعدد من الوزراء إلى عين المكان أمس الإثنين، وإلى ترأُسِ العاهل الأردني اليوم الثلاثاء، اجتماعاً في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات حول الحادثة، حيث كان ولي العهد سبقه أمس إلى المركز نفسه لمتابعة الحادث وتداعياته ومستجداته.
وما هي سوى سويعات، وإذا بأخبار جديدة عن حريق جديد ضخم، وهذه المرّة قرب مصانع شركة كبرى لتجميع السيارات والحافلات وإعادة إنتاجها في منطقة صويلح (أكبر ضواحي العاصمة الأردنية عمّان في شمالها وإلى حدٍّ ما شمالها الغربي).
الحريق الذي اشتعل بالأعشاب الجافّة قرب الشركة، وصل إلى مصانعها، وطال أربع حافلات ركاب هناك دون وقوع إصابات بحسب ما نُشر من أخبار، قبل أن تخمده كوادر الدفاع المدني التابعة لمنطقة شمال عمّان.
وفي حين تؤكد الجهات الرسمية إطلاق قاتل الطالبة الجامعية النار على نفسه، بعد محاصرته وطلبه شرب الماء من قوات الأمن، وما أن التقط قنينة الماء وشرب منها جرعة، حتى فاجأ قوات الأمن المحاصرة له بإطلاقه النار على رأسه، وتحديداً في منطقة الجانب الأيمن من الرأس (الصدغ الأيمن)، فإن عدداً ليس قليلاً من المواطنين غير مطمئن للرواية الرسمية، خصوصاً مع انتشار فيديو لعمِّ من تقول قوات الأمن إنه الجاني، ينفي خلالها علاقة ابن أخيه بمقتل الطالبة، ويتهم قوات الأمن بقتل ابن شقيقه، مؤكداً أن (المغدور) عدي حسّان لا يمكن أن يقدم على الانتحار وأن الفيديو المتعلق بانتحاره “مفبرك”. عم الشخص الذي قيل إنه انتحر أعلن أنهم لن يدفنوا ابنهم “لن نقبل بدفن الجثّة حتى يتبيّن لنا الدليل القاطع.
وأطالب آل ارشيد وعائلتي بالبحث عن الحقيقة لأن مصابنا واحد”.
الكل يريد الحقيقة، ولا شيء سواها، وقد جرت العادة أن يبلغ الناس من الحقائق ما تفرج عنه الجهات المعنية فقط. ربما تكون هذه هي الحقيقة الأكثر وضوحاً وانتشاراً، ليس في الأردن وحده، ولكن في كل العالم، طالما أن العالم بات مقسّماً بين من يملكون القوة والقرار، وبين الناس كل الناس في كل العالم. ولم تستفد الشعوب من ثورة الاتصالات سوى أنها ضافت لقوائم التهم التي توجّه إليهم كل وقت وفي كل مكان، قائمة جديدة تتعلق بالجرائم الإلكترونية وما يندرج تحت بندها من مواد وحالات وإحالات وتصنيفات.