نداء بوست -التحقيقات والمتابعات- ولاء الحوراني
تعاني مدارس محافظة درعا من انعدام التدفئة اللازمة تزامُناً مع انقطاع مادة المازوت في ظل انخفاض درجات الحرارة خلال فصل الشتاء.
وقالت مراسلة “نداء بوست” في درعا: إن أولياء الأمور -لا سيما أهالي طلاب المرحلة الابتدائية- قاموا بتقديم شكاوى بعد انتشار الأمراض بين الأطفال بسبب البرد القارس، في الوقت الذي تفتقر فيه المدارس إلى مستلزمات التدفئة بالإضافة إلى فقدان الرعاية الكاملة أو تقديم الخدمات الأساسية كالأبواب والنوافذ التي تقي أطفال المدارس البرد الشديد.
الأزمة دفعت المعلمين في غالبية المناطق إلى مناشدة الأهالي للتعاون والمساعدة في تأمين مازوت التدفئة خاصة لتلاميذ الصفوف الأولى من خلال جمع التبرعات النقدية لشراء مازوت التدفئة بالسعر الحر والذي وصل إلى 14 ألف ليرة سورية للتر الواحد.
فيما لاقت الدعوة استجابة واسعة من الأهالي والمقتدرين مادياً من أهالي المحافظة والمغتربين عنها لا سيما بعد شكاوى عديدة أطلقها أهالي الطلاب لمديرية التربية في المحافظة قُوبلت بوعود كاذبة بتأمين مخصصات المدارس من مادة المازوت والتي لم تُنفذ إلى اليوم رغم قرب انتهاء الفصل الدراسي الأول.
يُذكر أن الفعاليات الشعبية وأولياء أمور الطلاب يطلقون في كل عام مثل هذه الحملات لتأمين التدفئة في المدارس حيث إن أزمة التدفئة ليست وليدة هذا العام فقط فمنذ خمس سنوات تعاني مدارس المحافظة من هذه المشكلة وفي كل عام تكتفي مديرية التربية بتعليق الدوام في كافة مدارس المحافظة في الأيام التي تنخفض فيها درجة الحرارة بشكل كبير بدلاً من تأمين مدارس المحافظة بمخصصات كافية.
ويعاني قطاع التعليم في محافظة درعا من مشاكل عدة في مقدمتها افتقار غالبية المدارس للبنى التحتية نتيجة الدمار التي تعرضت له نتيجة القصف السابق للنظام وحليفه الروسي لها فيما تقف وزارة التربية التابعة للنظام ومديرياتها عاجزة عن تقديم حلول واقعية لهذه المشاكل.
تحدث ولي أمر أحد الطلاب “أحمد الزعبي” لـ “نداء بوست”، قائلاً: “شاركت في الفعالية الأهلية التي انطلقت منذ عدة أيام في مناطق المحافظة، إن حكومة النظام لم تسلم المدارس في الأرياف مخصصاتها السنوية من المازوت لهذا العام”.
وأضاف “الزعبي” قائلاً: اقتصرت الحملة على تسليم مدارس المدينة 30 لتراً لكل غرفة صفّية أي ما يكفي لعشرة أيام فقط ما أوجب القيام بتلك الحملة لتوفير المازوت في المدارس الابتدائية على وجه الخصوص لمنع تغيب التلاميذ بشكل متكرر لا سيما مع اقتراب الفصل الأول من الانتهاء”.
ومن جانب آخر تقول “سماح النابلسي”: إن أطفالها الثلاثة في المرحلة الابتدائية يتغيبون عن المدرسة منذ نحو عشرة أيام بسبب المرض الذي سببه لهم البرد في المدرسة التي تفتقر للأبواب والنوافذ فضلاً عن انعدام التدفئة لمواجهة هذا البرد القارس ما دفعها للمشاركة في الحملة الشعبية التي أُطلقت عَبْر وسائل التواصل الاجتماعي في معظم قرى وبلدات محافظة درعا لتأمين مازوت التدفئة لمدارس المرحلة الابتدائية”.
كما أشار “حيان الصبيحي” لـ”نداء بوست” إلى أنه في كل عام تقع مسؤولية تأمين التدفئة في المدارس على عاتق الأهالي لعدم تزويد المدارس بمخصصاتها من قِبل حكومة النظام أم تزويدها بمخصصات قليلة قد لا تتعدى تدفئة أسبوع واحد، كما أن تأمين القرطاسية من ورق للامتحانات والطباشير يتم على نفقة الأهالي”.
مضيفاً أن “تلك الحملات ليست المرة الأولى فكانت سابقاً حملات شعبية سبقتها بهدف جمع التبرعات لترميم المدارس التي تعرضت للقصف ولم تقم وزارة التربية بإصلاحها أو المساهمة في تقديم أي نوع من أنواع الخدمات لإعادة تأهيلها”.
وتقول معلمة في إحدى المدارس وتدعى “ع. ع”: إن الريف الأوسط في مثل هذه الأجواء شديدة البرودة نبقى مجبرين للجوء إلى الأهالي والفعاليات المحلية من أجل جمع التبرعات لتأمين مادة المازوت وكانت أغلب مدارس المحافظة التي تعرضت للدمار قد استعانت بالتبرعات الشعبية لترميم هذه المدارس ولو بشكل جزئي”.
تمر على البلاد أزمة وُصفت بأسوأ أزمة منذ 11 عاماً في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة وسط إهمال وتهميش للمناطق التي استعادها نظام الأسد بعد أن شُلّت مفاصل الحياة وعجزت المؤسسات المحلية عن تقديم الخدمات للمواطنين في سورية.
أساسيات الحياة انعدمت وباتت أحلاماً تُراود السوريين، كرغيف الخبز الذي أصبح من الرفاهيات، أما التدفئة فتنقرض وسائلها شيئاً فشيئاً لتصبح أملاً مستحيلاً تحت غطاء الفشل الذريع لإدارة نظام الأسد للبلاد، ليتسبب في أوضاع مأساوية تهدد حياة الملايين من السوريين المتواجدين في سورية وضياع أجيال من الطلاب منهم الجامعيون بسبب انعدام المحروقات والعجز الكامل عن تأمينها فضلاً عن أسعار المواد الغذائية التي حلقت بالآفاق بعد هبوط حادّ لليرة السورية.
كل ذلك وسط وعود مزعومة يطلقها مسؤولو حكومة الأسد متعهدين بتحسن الأوضاع المعيشية مضيفين أن “هذا الوضع لن يستمر كثيراً”… بعيداً تماماً عن الواقع أو التحرك العاجل وتقديم المؤازرة الإنسانية التي لا تُنفَّذ إطلاقاً، ما يسبب أزمة إنسانية خطيرة تشكل تهديداً للملايين من السوريين الذين ينتظرون مد يد العون ليحظوا بحياة كريمة لهم ولأبنائهم في وطن لا تغيب عنه المأساة والبرد والجوع والقتل والخطف.