نداء بوست-قسم المتابعة والتحقيقات-كندة الأحمد
بعد النجاحات التي حققها الطلاب السوريون في مختلف المجالات في جامعات تركيا وحصولهم على درجات عالية رغم الظروف التي واكبت العديد منهم منذ اندلاع الحرب السورية، استطاع الكثير منهم أن يكسروا حاجز اللغة الأجنبية واختلاف المحيط الثقافي، بالإضافة إلى تخطي صعوبة المناهج التعليمية في الجامعات التركية، متفوقين على أقرانهم بجدارةٍ في السجل الأكاديمي.
وبات من الملاحظ ومع نهاية كل عام دراسي تحقيق العديد من السوريين في مختلف دول العالم تفوقات علمية في المدارس والجامعات، ورسالةً واضحة بأن الشاب السوري قادر على اجتياز الصعوبات والعراقيل للتأقلم على نمط الحياة الجديد ولا سيما بعد أن أضطر أكثر من 5 ملايين سوري للنزوح إلى تركيا والالتحاق في السلك الأكاديمي التابع لوزارة التعليم العالي التركي لتكون بدايةً لقصص النجاح المبهرة التي خطّها السوريين في جامعاتٍ عدة ومنها جامعة “بهتشه شهير” العريقة.
ومن قصص نجاح هذه الجامعة كانت الطالبة السورية المتفوقة التي حصلت على المرتبة الأولى في كلية الإعلام, “ياسمين نايال”، التي هاجرت إلى تركيا مع عائلتها بسبب الحرب الدائرة في سوريا
بدأت ياسمين (22 عاماً)، مشوارها التعليمي بعد أن وصلت إلى تركيا مع أسرتها قادمة عام 2016، لتتوج هذا المشوار بتخرجها من قسم الإعلام الجديد بجامعة “باهجه شهير” حاصلة على المركز الأول، وذلك بعد تخرجها أيضاً من برنامج التخصص المزدوج في قسم “علم النفس”.
الطالبة “ياسمين” التي تكيفت بسرعة مع الحياة في تركيا وتمكنت بسهولة من تعلم اللغة التركية بفضل المساعدة التي تلقتها من أصدقائها الأتراك، ولفتت إلى أنها كانت تحلم بالحصول على المركز الأول في جامعتها، لكنها مع ذلك، لم تصدق في البداية أنها حصلت على هذه الدرجة.
وقدمت ياسمين الشكر والفضل لتركيا حكومةً وشعباً، واصفةً نجاحها ونيلها المركز الأول في جامعتها ما كان له أن يتحقق لولا الدعم الذي قدمته تركيا للشعب السوري، آمله أن تحقق فائدة لتركيا في المستقبل”.
هنا نموذج ليس بجديد فأصبح السوريون يتألقون على منصة التتويج وهم فخورين بما أنجزوه وهم من بلاد عربية يتحدثون اللغة العربية ومن وطنٍ اسمه سوريةيذكرونه أثناء تقديرهم من الأساتذة لحصولهم على درجاتٍ مشرفة في أروقة الجامعات التركية إلى جانب نخبة من طلاب متعددي الجنسيات ومختلفي الثقافة واللغة.
أرادت “بهتشه شهير” أن تطلق مشروعاً خاصاً بتوقيع رجل الأعمال التركي أنور يوجيل لإنشاء نظام تعليم جامعي لحوالي 40 ألف سوري من الموجودين على الأراضي التركية ممن هم في سن التعليم الجامعي ويعانون من صعوبات في تعلم اللغة التركية.
تعهد بتقديم 10 ملايين دولار، للمساهمة في تشييد جامعة خاصة للسوريين الذين يعانون من الحرب، حيث قال إن “هناك مليوني سوري في تركيا، وأن رجوعهم إلى بلدهم لن يكون قريباً، وقد بدأوا في الزواج والعمل داخل تركيا”.
وأضاف ‘السوريون باتوا مقيمين دائمين ولهم تأثير على تركيبة النسيج الاجتماعي في تركيا، وفقاً لتقرير نشرته “هيئة الإذاعة الامريكية”.
وأكد يوجل أن “هناك أعداد كبيرة منهم لن تعود إلى سوريا، إنهم ضيوفنا اليوم، ومواطنونا في المستقبل”
وكان رجل الأعمال التركي قد أرسل فريقاً إلى الريحانية، أحد أهم المدن التركية التي يكتظ فيها السوريون للقاء جمع من الأساتذة الذين كانوا يدرسون في الجامعات السورية، قبل أن ينتقلوا إلى تركيا.
يشار إلى أن رجل الأعمال التركي يوجل صاحب سجل حافل بالنجاح، فهو رئيس مجموعة “بهاتشه شهير” التعليمية، التي تملك 7 جامعات خاصة في تركيا، وجامعة في العاصمة الأمريكية واشنطن، فضلاً عن سلسلة من المدارس التي يواظب فيها نحو 30 ألف طالب تركي.
جامعة “بهتشه شهير”
تعد جامعة “بهتشه شهير” اسطنبول إحدى أفضل الجامعات التركية. وأحد أهم فروع مؤسسة جامعات “بهتشه شهير” العالمية رافعةً شعار (جامعةُ العالم في قلب اسطنبول وملتقى القارتين).
تأسست جامعة “بهتشه شهير” عام 1998م على يد رجل الأعمال التركي “أنور يوجيل” التي تمتلك عدة فروع في مواقع مركزية مختلفة من العالم تقع في منطقة “باشيكتاش” ويمتلك اطلالة مميزة على مضيق البوسفور.
كما لديها برامج تبادل الأساتذة والطلاب مع الكثير من الجامعات حول العالم منها: جامعة نيويورك وجامعة هارفارد وجامعة ستانفورد وجامعة “يوكوجاوا” وجامعة برلين التقنية ومعهد ماساتشوستس للتقنية.
فيما حصلت الجامعة على جائزة الأمم المتحدة للتعليم العالي تقديرًا لجهودها في مجال التعليم العالي وتعاونها مع سوق العمل وتخريج الطلاب أصحاب الخبرة وتستخدم الجامعة اللغتين الإنجليزية أو التركية في تدريس مختلف التخصصات، وتوفر عام تحضيري لدراسة اللغة.
من جهةٍ أخرى يمكن لطلاب جامعة “بهتشه شهير” اسطنبول دراسة البرامج الدراسية الصيفية في أي فرع من فروع مجموعة جامعات “بهتشه شهير”.
كذلك تضم الجامعة 10 كليات ومدرستان مهنيتين و12 معاهد للدراسات العليا وتمتلك الجامعة 6 أحرام جامعية في إسطنبول التي تحتضن أكثر من 18 ألف طالب في مرحلة البكالوريوس، وحوالي 6500 طالب في مرحلة الدراسات العليا عدد الطلاب الدوليين في الجامعة يقارب 5000 طالب وأكثر من 1250 أكاديمي و601 من الموظفين الإداريين.
في الوقت ذاته لدى الجامعة اتفاقيات تعاون مع 193 جامعة من 36 دولة مختلف وهناك أكثر من 100 برنامج تعليمي في الجامعة.
تمتلك الجامعة مكتبة على مساحة 11.400 متر مربع، تشمل أكثر من 250000 كتاب ومجلة، بالإضافة إلى الوثائق الرقمية وهناك 5 مقاهي ومطاعم متنوعة داخل الحرم الجامعي.
تفوق الشباب السوري في بلاد اللجوء لا يعدو كونه تفوقاً دراسياً على أقرانهم فحسب بل تفوقوا بالوصول إلى هذه المراتب العليا علمياً، على قسوة الاغتراب والظروف المحيطة بهم، ويتكرر مشهد تكريم الطلاب السوريين في تركيا مع صدور نتائج التحصيل الدراسي بمختلف مراحله وبشهادةٍ من المسؤولين الأتراك وأصحاب الرأي بأنهم كانوا قادرين على إتمام مهام النجاح والحصول على التقديرات التي يستحقونها وذلك لأسباب عدة منها سرعة تعلمهم اللغات الأجنبية وامتلاكهم المرونة الكافية للاندماج بالمجتمع التركي والموازنة بالفروق الثقافية التي تجعل منهم “مميزين” في شتى المجالات التعليمية.