المصدر: فوكس نيوز (رأي)
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: جو ليبرمان- رئيس منظمة متحدون ضد إيران النووية (UANI) & مارك دي والاس- الرئيس التنفيذي لمنظمة متحدون ضد إيران النووية (UANI)
أدّى الغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا إلى قلب النظام العالمي. فجرائم الحرب التي ارتكبها الرئيس فلاديمير بوتين تجعله منبوذاً دولياً إلى جانب أسوأ الحكام المُستبدِّين في العالم مثل بشار الأسد في سورية وكيم جونغ أون في كوريا الشمالية.
يعني هذا التغيير الدراماتيكي فيما نعرفه عن بوتين أن بعض السياسات الأمريكية يجب أن تتغير أيضاً، وتحديداً في فيينا حيث تحاول القوى العالمية إحياء الصفقة النووية الإيرانية الفاشلة. يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الانسحاب من المحادثات الآن قبل إحياء اتفاقية جديدة وتعزيز حليف بوتين آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية.
ففي خطابه عن حالة الاتحاد يوم الثلاثاء، أعلن الرئيس بايدن بحق “على مدار تاريخنا، تعلمنا هذا الدرس: عندما لا يدفع الطغاةُ ثمنَ عدوانهم، فإنهم يتسببون في مزيد من الفوضى؛ ويستمرون في التحرك”. أي اتفاق نووي جديد مُوصَى به للولايات المتحدة من قِبل روسيا، من بين دول أخرى، هو بطبيعته غير جدير بالثقة. إن اللامنطق -وقد يصفه البعض بالتهور- في الاعتماد على روسيا في ظل حكم بوتين في المحادثات في فيينا بعد أن غزا أوكرانيا دون سبب هو أمر لافت للنظر.
في بكين قبل شهر، قام بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ بإضفاء الطابع الرسمي على تحالُف في اجتماع وبيان مشترك متناقض. أوضحوا أن الغرض من شراكتهم هو طرد الولايات المتحدة من قيادتها للنظام الدولي الذي خلق الأمن والازدهار حول العالم لمدة 75 عاماً. كما أعاد بوتين تزييف تعريف “الديمقراطية” لصالحهما وعلى حساب الحرية. حيث قالا إنه لم يعد نظاماً مثل نظامنا يتسم بسيادة القانون وحقوق الإنسان والفرص والحكومات التي تحكم بموافقة المحكومين. بدلاً من ذلك، فإن التعريف الروسي والصيني للديمقراطية هو ببساطة حكومة تعمل، بغض النظر عما إذا كان مواطنوها يتمتعون بأي حرية أو فرصة اقتصادية. هذا تحدٍّ عالمي مباشر لقِيَمنا التأسيسية وشكل الحكومة، والذي على الرغم من انقسامه حالياً بسبب الحزبية، إلا أنه مفضَّل بشكل كبير على أنظمتهما الاستبدادية والكلبتوقراطية والقمعية.
ولبَدْء المحادثات النووية في فيينا، قبلت الولايات المتحدة طلباً مُهيناً من إيران بأن ممثليها لن يجلسوا في نفس الغرفة مع ممثلي الحكومة الأمريكية. وبينما يعمل الأوروبيون كوسطاء لتقديم أحدث المُقترَحات الإيرانية إلى الوفد الأمريكي، تلعب روسيا والصين أدواراً قيادية في سدّ الفجوات بينما ينتظر المندوبون الأمريكيون في فندق آخر. لكن الروس والصينيين لا يتمنون لنا الخير -بعد أن أعلنوا مؤخراً الحرب الأيديولوجية والجيوسياسية علينا- وهذا أحد الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة لن تُبلي بلاءً حسناً في أي اتفاق ينبثق من فيينا.
إلى جانب اتحاد “بوتين – شي” الأخير والحرب الحالية التي بدأتها روسيا في أوكرانيا، أصبحت علاقاتنا مع روسيا والصين عدائية بشكل متزايد: مع روسيا بسبب مشاركتها المعادية لأمريكا في العديد من الأماكن حول العالم، واستعدادها لسَجْن أو قتل المعارضين السياسيين. لقد أدّى قمع الصين للأويغور وهونغ كونغ، وأنشطتها الاقتصادية الدولية غير العادلة، وتهديداتها لتايوان الديمقراطية، إلى جَعْلها في صراع مع الولايات المتحدة.
لذلك ليس من المستغرَب أن تصبح كل من روسيا والصين شريكين للحكومة المعادية لأمريكا في طهران. وقد انضمّت روسيا إلى إيران وسورية ضد الشعب السوري، مما أدى إلى مقتل أكثر من نصف مليون سوري ودعم الجيش الإيراني بشكل ملموس. كما تتحايل الصين على قوانين العقوبات الخاصة بنا وتشتري بشكل غير قانوني بمليارات الدولارات من النفط الإيراني سنوياً. إن روسيا والصين مشاركان مُنحازان تماماً في مفاوضات فيينا، وليسا وسطاء محايدين، ومع ذلك فإننا لا نزال نعتمد عليهم.
كيف يمكن للشعب الأمريكي أن يثق في اتفاق مع إيران ساعَد بوتين وشي في تشكيله حَسَب رغبتهما؟
كيف نضع ثقتنا في قادة دولة مثل إيران التي تُواصل مهاجمة حلفائنا في الإمارات والسعودية والمنشآت العسكرية الأمريكية في المنطقة، وتهدد إسرائيل بمسحها من فوق الخريطة بالسلاح النووي، وتخصب اليورانيوم وتصنع الصواريخ. بما يخالف الاتفاقية النووية السابقة؟
كيف يمكننا أن نتخيل أن اتفاقية يُفترض أنها في مصلحتنا الأمنية ومصالح حلفائنا يمكن أن تنبثق من مثل هذه المفاوضات غير العادلة مع مثل هذا البلد غير الجدير بالثقة؟
لا يمكننا فعل ذلك. لا يمكن أن تكون أي صفقة صُمِّمت جزئياً من قِبل بعض أخطر دول المجتمع الدولي بما في ذلك روسيا بقيادة بوتين الملطَّخة يداه بدماء الأوكرانيين الأبرياء في المصلحة الوطنية
للولايات المتحدة. لقد ذكّرتنا أوكرانيا بأنه لا يمكن الوثوق بالحكام المستبدّين والدكتاتوريين لأنهم لا يحترمون القانون الدولي أو حقوق الإنسان أو الحياة البشرية.
سيكون المَسار الأفضل لإدارة بايدن هو الابتعاد عن المفاوضات في فيينا وتشديد الضغوط الاقتصادية على الاقتصاد الإيراني المُتعثر حتى يكون النظام الإيراني على استعداد للعودة إلى المفاوضات المباشرة معنا ومع حلفائنا، بما في ذلك أولئك الأكثر تأثراً بسلوك إيران في المنطقة، وذلك لإيجاد حلّ كامل لسلوكها الخبيث. يجب إنهاء تخصيب إيران النووي، وتطوير الصواريخ بعيدة المدى، ودعم الإرهاب. وفي مقابل ذلك فقط، يمكن لإيران أن تتوقع إنهاء العقوبات الاقتصادية ضدها والعودة إلى الاقتصاد العالمي الشرعي.
هذا النوع من السياسة الأمريكية المبدئية الصارمة والواقعية من شأنه أن يُشجِّع حلفاءنا ويُرعب أعداءنا، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن بعيداً في أماكن مثل موسكو وبكين.