نداء بوست- أخبار سورية- حلب
أقدمت قوات النظام السوري على تصفية لاجئ سوري بعد عدة أيام من عودته من تركيا إلى مدينة حلب، التي قرر الرجوع منخدعاً بدعاية النظام والمعارضة التركية بأن سورية باتت “آمنة”.
وقال ناشطون سوريون إن اللاجئ محمد درباس قرر مؤخراً العودة من تركيا إلى مدينته الواقعة تحت سيطرة النظام السوري، بعد تدهور الأحوال المعيشية، وتصاعد التحريض ضد اللاجئين.
وفي بادئ الأمر أرسل درباس زوجته وأطفاله، حيث وصلوا إلى المدينة وأخبروه أن يعود، وأن الأفرع الأمنية التابعة للنظام لن تعتقله كونه لم يشارك بالحراك الثوري.
وبعد عشرة أيام من عودة درباس إلى حلب، أبلغه عنصر أمني بضرورة مراجعة الفرع بحجة “التوقيع على إفادة”، وزعم أن الأمر لا يحتاج أكثر من نصف ساعة.
وفور وصول درباس إلى الفرع تم اعتقاله، حيث بقي 10 أيام، قبل أن يتم الاتصال بزوجته وإبلاغها بالمجيء لاستلام جثته، حيث زعم عناصر النظام أنه قضى إثر إصابته بنوبة قلبية.
وأكد ناشطون أن الجثة كانت موضوعة في كيس قمامة أسود اللون، وحين فتحته الزوجة وجدت أن الدرباس متعرض لتعذيب وحشي أدى إلى مقتله.
تصفيات ممنهجة
ليست الحالة الأولى التي تعتقل قوات النظام وأفرعه الأمنية لاجئين عادوا من دول الجوار إلى بلادهم، منخدعين بأنها أصبحت “آمنة” وأنهم لن يتعرضوا للملاحقة أو الاعتقال.
وفي 21 آب/ أغسطس الجاري، قال مراسل “نداء بوست” في حمص إن قوات النظام اعتقلت ثلاثة أشخاص من مدينة تلبيسة، بعد دخولهم من معبر كسب بريف اللاذقية، أثناء عودتهم من تركيا.
وأكد مصدر من عائلة الشبان الثلاثة لمراسلنا أن ذويهم قاموا بالتحقق من أسمائهم لدى الأفرع الأمنية قبل عبورهم إلى سورية، ولم يثبت وجود أي طلبية أمنية بحقهم، الأمر الذي شجعهم على العودة.
وفور الوصول إلى معبر كسب، قام عناصر الأمن العسكري باعتقالهم وإهانتهم واتهامهم بـ”العمالة لتركيا” ونعتهم بـ”الإرهابيين”، في حين تم إطلاق سراح زوجاتهم اللواتي وصلن إلى حمص بحالة مزرية.
وفي سياق متصل، وقبل أسابيع، اعتقلت قوات النظام ثلاثة شبان من مدينة مضايا بريف دمشق هم: “أدهم سيف الدين، وأدهم حسين جديد، وحسن عكاشة”، وهم في طريق العودة من تركيا وريف حلب إلى مدينتهم.
وقالت مصادر خاصة لـ”نداء بوست” حينها إن سيف الدين وجديد كانا في تركيا وقررا العودة إلى مضايا بالتنسيق مع لجان “المصالحة”، إلا أنه تم اعتقالهما فور دخولهما من معبر كسب بريف اللاذقية.
في حين كان عكاشة يقيم في ريف حلب الشمالي الواقع تحت سيطرة الجيش الوطني السوري، وقرر العودة أيضاً بالتنسيق مع لجان “المصالحة” إلا أنه تم إلقاء القبض عليه قبل وصوله إلى مضايا.
سورية ليست آمِنة
أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تقرير نشرته في 20 تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، أن سورية ما زالت غير آمِنة لعودة اللاجئين السوريين، بسبب ما يواجهه العائدون من انتهاكات ومضايقات من قِبل النظام السوري.
وقالت المنظمة: إن اللاجئين السوريين العائدين إلى سورية من لبنان والأردن بين عامَيْ 2017 و2021 واجهوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واضطهاداً على يد النظام والميليشيات التابعة له، وعانوا للبقاء على قيد الحياة وتلبية احتياجاتهم الأساسية في بلد دمره “النزاع”.
وأكدت المنظمة أنها وثقت 21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، و13 حالة تعذيب، وثلاث حالات اختطاف، وخمس حالات قتل خارج نطاق القضاء، و17 حالة اختفاء قسري، وحالة عنف جنسي، وذلك من بين 65 شخصاً من العائدين أو أفراد عائلاتهم الذين قابلتهم.
وأوضحت الباحثة في شؤون اللاجئين والمهاجرين نادية هاردمان، أن الروايات المروِّعة عن التعذيب والاختفاء القسري والانتهاكات التي تعرض لها اللاجئون العائدون ينبغي أن توضح أن سورية ليست آمِنة للعودة.
وأضافت: “الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الملكية وغيرها من الصعوبات الاقتصادية تجعل أيضاً العودة المستدامة مستحيلة بالنسبة للكثيرين”.
وشددت على أنه “لا ينبغي لأي دولة أن تُجبر اللاجئين على العودة إلى سورية، طالما أن الحكومة ترتكب انتهاكات حقوقية واسعة النطاق بعد عشر سنوات، ما يزال اللاجئون العائدون معرضين لخطر الاضطهاد من نفس الحكومة التي هربوا منها”.
وطالبت المنظمةُ الدولَ التي تستضيف اللاجئين السوريين بالالتزام بالموقف القائل بأن سورية غير آمِنة للعودة وأن تُوقف فوراً أي عمليات عودة قسرية.