نداء بوست-ريحانة نجم-بيروت
شكّلت الانتخابات النيابية اللبنانية صدمة للمجتمع المحلي والخارجي أيضاً، بعد أن سجلت نتائج لم تكن متوقعة خاصةً في بعض الدوائر الحساسة، كما أنّها شكلت صفعة قوية لـ”حزب الله” وفريقه، وهزيمة لمشروعه السياسي، وحملت هذه الانتخابات العديد من المفاجآت في أكثر من دائرة انتخابية.
وأظهرت النتائج الرسمية تراجع فريق حزب الله وحلفائه في معظم الدوائر اللبنانية، وتراجع عدد كتلته في البرلمان.
وقد سجلت الانتخابات تراجعاً للتيار الوطني الحر وهو الحليف المسيحي الأول والأقوى لـ “حزب الله”، وتقدماً لحزب القوات اللبنانية وهي الخصم الأساس لمشروع الحزب وحلفائه، إضافة إلى حصد لوائح الحراك المدني عدداً من المقاعد واحتفاظ أطراف أخرى بالمقاعد التي كانت في حصتها.
وتلقى “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل ضربة قوية بخسارته مقعدَيْه النيابيين في جزين (دائرة الجنوب الأولى)، لصالح حزب القوات اللبنانية، ما شكَّلَ صدمة على صعيد النتائج.
كما سجلت القوى التغييرية في دائرة الجنوب الثالثة خرقاً مفاجئاً لـ”حزب الله” في مناطق نفوذه جنوبي لبنان، وفازت القوى بمقعدين في هذه الدائرة، حيث نجحت في إسقاط النائب أسعد حردان (يمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي)، أحد أبرز حلفاء “حزب الله”، وأيضاً المرشح مروان خير الدين على لائحة الحزب، في حين نجح في المقابل مع حليفته حركة “أمل” في الاستحواذ على كل المقاعد الشيعية الـ 27 في لبنان.
كما تعرّض”حزب الله” لخرق آخر في أحد معاقله، وتحديداً في دائرة بعلبك-الهرمل، حيث نجح حزب “القوات اللبنانية” في إيصال مرشحه أنطوان حبشي إلى البرلمان، على الرغم من الضغوط التي تعرض لها المرشحون الشيعة على اللائحة التي ضمت حبشي، وما رافق اليوم الانتخابي من أحاديث عن مخالفات.
كما لفت سقوط رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب وطلال أرسلان في الشوف-عاليه، وإيلي الفرزلي في البقاع الغربي، إضافة إلى حردان، وهم من أبرز حلفاء الحزب، وأيضاً رموز النظام السوري في لبنان.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ بعض المناطق الشيعية شهدت مقاطعة لهذه الانتخابات، وهو ما أدى إلى خرق لوائح الحزب في مناطق نفوذه، وذلك يشير إلى تململ جمهور حزب الله وزيادة نسبة المعارضة الشيعية في هذه الدورة، ورفض جزء من الجمهور الشيعي لممارسات حزب الله، وسيطرته على هذه الساحة، وبالتالي فضل هؤلاء الناخبين أن يقاطعوا حتى لا يتعرضوا للترهيب أو الضغط في مراكز الاقتراع.
ولكن في مقابل ذلك، هناك من يتحدث عن تسويات جرت من تحت الطاولة بين الحزب وبعض المتسللين أو مجموعات المجتمع المدني، للخرق في هذه الدوائر حتى لا يتحمل الحزب وفريقه المسؤولية الكاملة في المرحلة المقبلة.
وبالتالي فإنّ لبنان سيكون أمام مجلس نيابي جديد لا يوجد فيه أكثرية نيابية لأي فريق سياسي، وسيكون هناك نوع من توزع الأصوات، وربما سيحكم بتوازنات فعلية، بنار على تحالفات جديدة بين القوى السياسية وما يعرف بقوى (المجتمع المدني).
وهنا لا بد من الإشار إلى أن الصورة اليوم في لبنان تشبه إلى حد كبير ما جرى في انتخابات العراق في الخريف الماضي، ويبدو أنّنا سنكون أمام جملة التعطيلات على صعيد الاستحقاقات الدستورية المنتظرة، وهنا لا بد من التذكير أن لبنان اليوم غير قادر على التحمل في ظل الأزمات التي تعصف به منذ أكثر من سنتين.
وتبقى كل الأمور رهن الأيام المقبلة، وقدرة القوى التغييرية على التوحد في جبهة وطنية حقيقية.