شعرت المعارضة التركية بالانتشاء عقب فوزها ببلديات كبرى في تركيا في عام 2019 مثل بلدية إسطنبول وبلدية أنقرة وحفاظها على بلدية إزمير لتقود بذلك أكبر 3 بلديات في تركيا، إذا أن الفوز بالبلديات في تركيا كان تاريخيا مؤشرا أساسيا للفوز بالحكم. وقد تعزز هذا مع تأسيس أحزاب جديدة خرجت من رحم حزب العدالة والتنمية مثل حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو منظر السياسة الخارجية السابق لحزب العدالة والتنمية ووزير الخارجية السابق، وحزب الديمقراطية والتقدم بقيادة على باباجان وزير الاقتصاد الأنجح في تاريخ تركيا. مما جعل المعارضة التركية تشعر بأنها أصبحت أقرب من الفوز باي انتخابات قادمة خاصة مع تراجع الوضع الاقتصادي في ظل جائحة كورونا حتى أن أقطاب المعارضة بدأوا يطالبون بانتخابات مبكرة. ولكن الأمور لم تسر كما تشتهي سفن المعارضة التركية.
في البداية عمل أردوغان على ضبط الملف الاقتصادي بكافة السبل الممكنة عبر جذب الاستثمارات والإصلاحات وتحسين درجات استقلالية البنك المركزي بالإضافة إلى التغييرات التي قام بها على المسؤولين لهذه الملفات ومن بينهم وزير الخزانة والمالية ورئيس البنك المركزي وغيرهم مما انعكس إيجابا على وضع الليرة التركية وعلى توقعات نمو الاقتصاد مما جعل انتقادات المعارضة في الملف الاقتصادي أقل قوة وتأثيرا.
على الجانب الآخر كان أردوغان قد بدأ مباحثات سرية مع قيادات في حزب السعادة على رأسهم رئيس مجلس شورى الحزب أوزهان أصيل ترك، وقد بدأت تظهر مؤشرات لإمكانية سحب أردوغان لحزب السعادة من التحالف مع المعارضة إلى التحالف معه ومع حليفه حزب الحركة القومية الذي وافق على محادثات أردوغان مع حزب السعادة. وحسب الاستطلاعات المتفاءلة يمكن لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية مع حزب السعادة أن يتخطوا معا حاجز 50% مما يؤمن الفوز لهذا التحالف.
ولكن على الجانب الآخر لم تنجح المعارضة في حفظ تماسكها الذي تحقق في 2018 و2019، فهناك مشاكل كبيرة لديها ولعل المشكلة الأولى هي مشكلة بنيوية تتعلق بتناقض الجمع بين الحزب الجيد القومي التركي وحزب الشعوب الديمقراطية القومي الكردي والذي تربطه علاقات تضامن مع حزب العمال الكردستاني المصنف على أنه تنظيم إرهابي في تركيا، وقد أدى هذا إلى بروز انشقاقات داخل الحزب الجيد.
أما المعضلة الأكبر فهي في داخل حزب الشعب الجمهوري حيث استقال محرم اينجه مرشح الحزب السابق لرئاسة الجمهورية والذي أسس حزب حركة البلد مؤخرا كما استقال 3 نواب من الحزب للانضمام إليه، كما استقال نائب رابع من الحزب لأسباب تتعلق بمزاعم فساد حسب الأخبار الأولية. فضلا عن استقالة نائب رئيس الحزب أوز تورك يلماز الذي أسس حزب التجديد، كما أسس مصطفى صاريغول رئيس بلدية شيشلي عن الحزب سابقا حزب التغيير وهو شخصية مهمة. وقد استقال من حزب الشعب الجمهوري خلال عام 2021 أكثر من 13 ألف عضو.
وأمام كل هذا يقف حزب الشعوب الديمقراطي أمام شبح الإغلاق في ظل نية حزب الحركة القومية رفع مذكرة للبرلمان بسبب علاقاته مع حزب العمال.
أمام هذا المشهد نجد استقالات كبيرة من حزب الشعب الجمهوري وأحزاب جديدة تخرج منه واستقالات لدى الحزب الجيد وتراجع لحزب الشعوب واحتمال كبير لانتقال حزب السعادة إلى مربع حزب العدالة مما يجعل المشهد أسهل أمام حزب العدالة وحلفاؤه مع إمكانية جذب المزيد من الأحزاب الجديدة التي تريد أخذ مكان بعد الانتخابات القادمة المقرر اجراؤها في يونيو 2023 حتى الآن.