نداء بوست- جورجيوس علوش- السويداء
تقع قرية “المشقوق” في أقصى الجنوب السوري، وتبعد عن الحدود “الأردنية-السورية” حوالَيْ 14 كم، وأخذت اسمها من كثرة الشقوق التي تنبعث منها المياه.
وترتفع هذه القرية عن سطح البحر حوالَيْ 1240م، واعتنى سكانها القدماء بأشجار الكرمة المنتشرة بكثرة، ولا يكاد يخلو بناء أثري متقن من نقوش عناقيد وأوراق العنب خاصة على لوحات الفسيفساء.
فالكرمة كانت مورداً رئيسياً لهم في تلك العصور، وقد خصوا آلهة الكرمة “باخوس” بالتقديس وشيَّدوا له هياكل حتى تصون أرزاقهم، وكانوا يصنعون من العنب النبيذ، واشتهر بجودته العالية وكذلك الدبس والزبيب.
لكن الأهم من كل ذلك أن هذه القرية كانت واحة خضراء في العهد البيزنطي وكذلك نقطة ثغور دفاعية للدولة الإسلامية في العهد الأموي حتى القرن الخامس عشر للميلاد حيث اندثرت وأصبحت خربة مهجورة.
وقد دل على ذلك حجر وُجد مقلوباً بقلب قاعدة برج كبير يحمل رقم 177+2053 في التصنيفات التوثيقية، من الواجهة الشرقية ضِمن إطار جميل، بالإضافة لكلمات منقوشة باللغة اليونانية كانت ترجمتها (حظ سعيد بُني البرج بنجاح).
وشيَّد هذا البرج المعماري اليوناني الشهير أوراينوس، وذلك في عام 350م وقد أوضح ذلك العالم الأثري (ودنكتون) ، وكان الجندي ياسوس قد تمركز بهذا البرج وحارب الملك شابور الفارسي وأجبره على عقد معاهدة.
وتحتوي القرية على آثار رومانية ما تزال شواهدها حتى اليوم، وهناك دلائل تشير إلى تواجُد بشري يعود لعصور ما قبل التاريخ (العصر الحديدي والبرونزي) وذلك في تل أثري قرب البلدة يعود لبداية الاستيطان البشري ويقارب تاريخه 10 آلاف عام وعُثر على عدد من الأدوات الحجرية والصوانية للإنسان القديم إلى الغرب من القرية تعود إلى أكثر من 15 ألف عام، وهذا ما أوضحه الدكتور الباحث علي أبو عساف في كتابه “حوران”.